في عام 1869، قرر الخديوي إسماعيل – خديوي مصر في ذلك الوقت - بناء استراحة خاصة به أمام أهرامات الجيزة، وكان السبب وراء ذلك هو رغبته في الحصول على مكان هادئ يستجم فيه ويقضي فيه بعض الوقت بعد عودته من رحلات الصيد التي كان مولعاً بها ويقوم بها بانتظام هو ورفاقه أو ضيوفه، هذه الاستراحة الملكية هي اليوم فندق مينا هاوس الشهير بمنطقة الأهرامات، والذي تديره الآن شركة ماريوت العالمية للفنادق.
تعرفوا مع «كل الأسرة» إلى تاريخ هذا المكان ومراحل التحول المختلفة التي مر بها عبر السنين، من استراحة صيد إلى مقر لضيافة الملوك والأمراء وقت افتتاح قناة السويس، إلى سكن لزوجين بريطانيين من الأثرياء، ثم أخيراً تحوله إلى فندق فخم يطل مباشرة على أهرامات الجيزة.
استراحة صيد ملكية اضطر الخديوي لبيعها
بعد اختيار الخديوي إسماعيل لقطعة أرض مطلة على الأهرامات تبلغ مساحتها نحو 40 فداناً، قام الخديوي ببناء استراحته الخاصة وقام بتمهيد شارع الهرم كي يسهل الوصول إليها، وأمر بزراعة حدائق للياسمين حول مزرعته التي تحولت إلى واحة غناء وسط الصحراء.
وقبل الحفل الضخم الذي أقامه الخديوي لافتتاح قناة السويس، أمر بتحويل الاستراحة إلى قصر يليق بضيوفه المهمين الذين دعاهم من حول العالم لحضور حفل الافتتاح. إلا أنه وبحلول عام 1883، ومع كثرة الديون التي تراكمت على الخديوي إسماعيل بسبب رؤيته الطموحة لمصر، اضطر ابنه الخديوي توفيق إلى بيع القصر لأحد الأثرياء الإنجليز وزوجته، وهما «فريدريك وجيسي هيد».
فريدريك هيد هو من أطلق عليه اسم "مينا هاوس"
كان «فريدريك وجيسي هيد» زوجين حديثي الزواج جاءا لقضاء شهل العسل في مصر، فاتخذا من القصر مقراً خاصا بهما وأمضيا به شهر العسل، ثم قررا الاستقرار به لفترة وقاما بتوسيع مبناه. وكان فريدريك هيد من عشاق التاريخ الفرعوني، ولهذا أطلق على المكان اسم «مينا هاوس»، نسبة إلى الملك الفرعوني «مينا موحد القطرين»، والذي وحد مصر العليا ومصر السفلى.
بيع مينا هاوس مرة أخرى
لسبب غير معروف، قرر الزوجان الإنجليزيان بيع قصر «مينا هاوس» في عام 1885، أي بعد شرائه بعامين فقط. وهذه المرة، قام بشرائه رجل إنجليزي آخر هو «هيو لوك كينغ» وزوجته «إثيل كينغ»، واللذين قررا تحويل القصر إلى فندق فخم تم افتتاحه للجمهور في عام 1886. وقد بدأ الفندق بـ 80 غرفة وجناح مميز، وفي عام 1920 تم إضافة 30 غرفة أخرى للفندق.
مينا هاوس خلال الحربين العالميتين
أثناء الحرب العالمية الأولى تم إغلاق الفندق وتحويله إلى مقر للقوات الأسترالية والنيوزيلندية، ومع نهاية تلك الحرب تحول إلى مستشفى ميداني لعلاج الجرحى. أما في عام 1943، وخلال الحرب العالمية الثانية كان فندق مينا هاوس هو مقر استقبال مؤتمر القاهرة، وشهد اجتماعات رئيس الوزراء البريطاني «ونستون تشرشل» والرئيس الأمريكي «روزفلت» والزعيم الصيني «شيانغ كاي شيك»، والذين اجتمعوا فيه لمناقشة مجريات الحرب وأحداثها.
تأميم مينا هاوس بعد ثورة 1952
بعد ذلك انتقلت ملكية الفندق من عائلة «لوك» إلى شركة «الفنادق المصرية» والتي كانت مالكة فنادق كبيرة أخرى مثل فندقي «شيبرد» و«قصر الجزيرة». إلا أنه ومع اندلاع ثورة 23 يوليو عام 1952 تم تأميم مينا هاوس وانتقلت ملكيته للحكومة المصرية. وبحلول عام 1971، تم شراء الفندق من قبل شركة فنادق «أوبيروى العالمية» الهندية والتي قامت بتجديد الفندق بالكامل على مدار ثلاث سنوات (1972-1975) مع الحفاظ على طابعه التاريخي.
ثم في عام 1978 بدأ العمل في جناح الغرف المطلة على الحدائق، حيث تم إضافة 200 غرفة جديدة. وفي عامي 2007 و2008 تم تجديد الفندق مرة أخرى، وبلغ عدد الغرف الفندقية الموجودة فيه 486 غرفة وجناحاً، لكل منها شرفة خاصة واسعة تطل على الأهرامات.
أشهر الشخصيات التي نزلت في الفندق
من أشهر الشخصيات التي أقامت في مينا هاوس، هي إمبراطورة فرنسا الإمبراطورة أوجيني، وأمير ويلز الأمير ألبرت، ورئيس وزراء بريطاني ونستون تشرشل، والملك فاروق الأول، والملكة نازلي زوجة الملك فؤاد الأول، والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، والملك غوستاف ملك السويد، والملك أومبيرتو ملك إيطاليا، والملك ألفونسو ملك إسبانيا، والملك محمد الخامس ملك المغرب والممثل الشهير تشارلي تشابلن وغيرهم.