6 مارس 2022

لماذا تتعرض بعض النساء للتهميش في بيت الزوجية؟

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

لماذا تتعرض بعض النساء للتهميش في بيت الزوجية؟

في الوقت الذي يقول البعض إن المرأة أصبحت تسيطر على القرارات المصيرية داخل الأسرة، تشير دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن 84% من النساء العربيات يتعرضن للإقصاء داخل منازلهن وأن الرجل هو المسيطر وصاحب القرار النهائي في كل ما يختص بشؤون الأسرة ليكن هن الجانب الأضعف، ليس لهن من الحقوق سوى النفقة وتوفير المتطلبات الحياتية ويختفي الحوار وتسود الخلافات، مع زوج متناس لحقوقها الأخرى في المشاركة والنقاش واتخاذ القرارات.. وبين من يرون أحقية المرأة في ذلك، وآخرين يصرون على أنها مسؤولية حصرية للزوج.

«كل الأسرة» استطلعت الآراء وسألت المختصين في علم النفس والعلوم الأسرية وكان هذا التحقيق:

لماذا تتعرض بعض النساء للتهميش في بيت الزوجية؟

خروج المرأة للعمل جعل منها ونسبة كبيرة في المجتمع الإماراتي شريكة في اتخاذ القرارات

تكشف ناعمة خلفان الشامسي، مستشارة نفسية وأسرية، أهمية الوعي الأسري في مسألة توازن وتقارب الأدوار بين الرجل والمرأة ودورها الفاعل في الأسرة «لا يمكن نكران وجود رجال متمسكين بفكرة أن الرجل هو المسؤول الأول والأخير عن اتخاذ القرارات المصيرية في الأسرة، لكن خروج المرأة للعمل جعل منها ونسبة كبيرة في المجتمع الإماراتي شريكة في اتخاذ القرارات بل إن النسبة الأكبر منهن يتمتعن بحق «الفيتو» وتحصل على التفويض الكامل من قبل الزواج في اتخاذ قرارات مصيرية كونها أكثر خبرة ودراية فيها خاصةً في المواضيع التي تتعلق بقضايا زواج الأبناء».

تكشف أسباب المشاركة الفاعلة للمرأة الإماراتية «المستوى التعليمي والوعي الذي وصلت له سواء كانت عاملة أو ربة منزل، وامتلاكها ثقافة كبيرة في إدارة شؤونها والتحاقها بالدورات التنموية وتمكنها من تحقيق كيانها ودعم أسرتها عبر الاستفادة من مشاريع التمكين، ساعدها على تحقيق كيانها ودعم أسرتها فلا يكاد يخلو بيت إماراتي اليوم من مشاريع الأسر المنتجة».

الدعوة لمشاركة المرأة لا يعني منع انفراد الزوج ببعض القرارات، تلمح الشامسي «عندما يتعلق الأمر ببعض القرارات المصيرية التي تتعلق بالعمل أو الوظيفة هنا لن يترك الزوج لها المساحة للتدخل، على سبيل المثال اتخاذ قرار التقاعد عن العمل دائماً ما يكون فردياً لأنه أكثر إدراكاً بتبعاته وأكثر معرفةً بمسؤولياته، ينطبق الأمر على القرارات التي تتعلق بأسرة الزوج فهي خط أحمر تترتب عليها تبعات كثيرة لا يحق لها التدخل فيها، رجوع الزوج لزوجته فيها دليل على ضعف شخصيته وعدم قدرته على اتخاذ القرار المناسب».

تنصح الشامسي الأزواج بأهمية إشراك الزوجة في اتخاذ القرارات التي تتعلق بالأسرة «هي الداعم الأول والشخص الذي تتقاسم معه المسؤوليات، عليه أن يوازن ويصنف القرارات التي يشرك فيها زوجته ويضع الخطوط الحمراء لبعضها، وعلى الزوجة ألا تقحم نفسها وتنأى عن الدخول في تفاصيل خاصة، إن طلب المشورة لا بأس بأن تكون هي الشخص الداعم وإن امتنع عليها أن تتفهم رغبته بالتكتم وتحفظه، تنشئ لنفسها عالماً خاصاً تنشغل بأسرتها وتربية أبنائها فهم أولى بالاهتمام من المشاركة والانشغال ببعض القرارات».

لماذا تتعرض بعض النساء للتهميش في بيت الزوجية؟

مجتمعاتنا لا تزال تتعاطى مع المرأة على أساس أنها في الصف الثاني، وغير قادرة على تحمل المسؤوليات التي يتحملها الرجل

تؤكد الاستشارية النفسية والأسرية، الدكتورة هالة الأبلم، أن «المرأة في بعض المجتمعات العربية لا تزال تعيش على هامش الأدوار الأساسية دون أن تتمكن من إثبات نفسها وحضورها إلى جانب الزوج، وبذلك لا يزال هو مستأثر في معظم الوقت بالقرارت التي تتعلق بالأسرة».

وعن أسباب إقصاء المرأة من المشاركة، تشير «بينما يلقي البعض المسؤولية على عاتق الدين محملاً جعل المجتمع المرأة في الصف الثاني خلف الرجل، يرى البعض الآخر أن المرأة نفسها هي الّتي تتحمل المسؤولية، باعتبار أن الحق يُنتزع ولا يقدم على طبقٍ من ذهب، متهمين المرأة في مجتمعاتنا بالخنوع، وأنها تقبل ما يقدم إليها، وتتعاطى معه كإنجاز وهدية، وترضى بالقليل، ولا تسعى لاكتساب حقها في الحياة! وبغض النظر عن الطرف الذي يتحمل المسؤولية، وهو ما يحتاج إلى نقاش جاد وضروري، تبقى النتيجة واحدة، وهي أن مجتمعاتنا لا تزال تتعاطى مع المرأة على أساس أنها في الصف الثاني، وغير قادرة على تحمل المسؤوليات التي يتحملها الرجل.

وفي الوقت الذي يزداد شعور المرأة العربية بالغبن، والتمييز، وهو ما ينبغي أن يكون محط اهتمام ومتابعة، حتى لا نصل بمجتمعاتنا إلى ما لا يرغب به أحد، وحتى لا تبقى هذه المجتمعات تعاني التراجع والتقهقر، وحتى لا يتهم الدين بالتمييز ضد المرأة، وتحميله وزر ما يحصل لها، فيكون ذلك سببًا في ابتعادها عنه، والبحث عن مسارٍ آخر تثبت من خلاله حضورها في ميادين الحياة، وتشبع عن طريقه حاجتها إلى تحقيق ذاتها. علينا كمجتمعات تمكينها ومنحها فرصة للمشاركة والمشورة لتساهم في بناء أسرتها، وتحضر وتقدم مجتمعها الذي تنتمي إليه».

 

مقالات ذات صلة