16 يناير 2023

د. هدى محيو تكتب: مرضى نفسيون خلف المقود

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: مرضى نفسيون خلف المقود

منذ أيام، قبضت قوى الأمن اللبنانية في طرابلس، عاصمة الشمال، على رجل أطلق النار على رجل آخر في رأسه إثر خلاف على أفضلية المرور. قامت قوى الأمن بتحرياتها واقتفت أثر مطلق النار وألقت القبض عليه وهذا جيد. لكن يبقى السؤال المخيف: ما الذي يدفع إنسان إلى محاولة قتل إنسان آخر لسبب بهذه التفاهة، أفضلية المرور؟!

تشير الدراسات إلى أنه بقدر ما يخالف المرء قوانين السير بقدر ما يتسم بشخصية ذات ميول سايكوباثية. ولكن ماذا تعني «الشخصية السايكوباثية» وما هي سماتها؟ تتسم الشخصية السايكوباثية بردات الفعل العنيفة عند التعرّض لأي إزعاج من دون إعطاء أي أهمية لما يمكن أن ينجم عن السلوك العنيف من نتائج. كما تتسم باحتقار القواعد والقوانين وبالسعي خلف المشاعر المثيرة والقوية والأهم في مجال العلاقات بين الناس يتجاهل السايكوباثي تجاهلاً تاماً مشاعر الآخرين ومعاناتهم على الرغم من أنه يدركها إدراكاً كاملاً.

ولكن كيف يتجسد هذا الاختلال النفسي حين يجلس صاحب الشخصية السايكوباثية خلف مقود سيارته؟

في ما خص السلوك العنيف فإن أقل مظاهره خلف المقود هي الشتائم التي يكيلها سائقٌ لسائقٍ آخر وأشدها عنفاً هو فعل إطلاق النار الذي أقدم عليه الشاب المذكور آنفاً، مروراً بالضرب والتعديات الجسدية على السائقين الآخرين. ويتجلى احتقار القواعد والقوانين عبر تخطي إشارات السير الحمراء وعدم احترام أفضلية المرور وسائر قوانين السير وقواعده التي يعتبر السايكوباثي أنها لا تعنيه بل تعني سواه من البشر.

ولا تجد هذه الشخصية المريضة متعة في القيادة إلا عندما يتخطى مؤشر السرعة في السيارة الـ 180 كيلومتراً في الساعة وعندما تجتاز السيارات الأخرى على الطرقات السريعة بحركات بهلوانية، كل هذا في سعيها خلف الأحاسيس المثيرة والقوية. أما عدم أخذ مشاعر الآخرين بالاعتبار فإنه، علاوة على كل ما سبق، يأتي في أدنى تجلِّياته من خلال عدم احترام المارة مثلاً أو ركن السيارة في أي مكان كان حتى في الأماكن المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة.

وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال بديهي: ما الذي يحمي السائق العادي من أي لقاء محتمل مع سائق سايكوباثي؟ ولربما كان الجواب في الاختبار الذي يخضع له المرء للحصول على رخصة قيادة والذي يجب أن يضم، إلى جانب فحص النظر والصحة البدنية والاختبارين الخطي والعملي، اختباراً نفسياً يقيس الميول السايكوباثية لدى كل مرشح حماية للآخرين منه.

 

مقالات ذات صلة