18 يناير 2022

مفتي مصر: الضرب ليس من شيم الرجال بل هو جريمة وسلوك معيب

محرر متعاون

مفتي مصر: الضرب ليس من شيم الرجال بل هو جريمة وسلوك معيب

يدين علماء الإسلام كل صور العنف النفسي أو البدني ضد النساء في عالمنا العربي، فالشريعة الإسلامية رسمت صورة مثالية للعلاقة الزوجية، وإذا لم يتحقق الرضا والتفاهم والمعاشرة بالمعروف، وكان هناك نفور بين الزوجين وفشلت جهود التوفيق بينهما، كان الحل هو الفراق، وذلك دون إساءة أو ظلم للمرأة باعتبارها الطرف الأضعف، ودون تشويه لصورة أحد الزوجين بعد الطلاق.

ما موقف الشرع من الزوج الذي يمارس العنف النفسي أو البدني بحق شريكة حياته حتى تطلب الطلاق؟

لا ينبغي أن نترك الخلافات بين الزوجين حتى تتضخم وتتحول إلى عنف نفسي أو بدني

في البداية يؤكد د. شوقي علام، مفتي مصر، أن الإسلام رسم للعلاقة الزوجية صورة مثالية، فهي علاقة يسودها الود والرحمة والتفاهم والتعاون، ويكفي في وصف هذه العلاقة ما قاله الحق سبحانه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون»، فما بين الزوجين من علاقة نفسية وحسية ينبغي أن تكون في هذا الإطار الأخلاقي الذي رسمه الخالق سبحانه.

ويضيف: «من الطبيعي أن يحدث بين الزوجين نقاش وخلاف في وجهات النظر، وقد تكون لكل منهما ميول ورغبات تختلف عن الآخر، وهذا أمر طبيعي. فالبشر متنوعون في طباعهم وأمزجتهم، ولا حرج في أن يحدث ذلك بين الزوجين، والمطلوب في مثل هذه الحالة أن يتحاور الزوجان حواراً ودياً ليصلا إلى حلول لخلافاتهما بعيداً عن المشاحنات والصراعات التي تفسد ما ينبغي أن يكون بينهما من ود ورحمة.. وعندما تتصاعد الخلافات والصراعات بين الزوجين وتفشل جهود الإصلاح بينهما، فالحل وضعته الشريعة الإسلامية وهو الفراق دون إساءة أو استحكام عداوة أو تشهير. يقول الحق سبحانه: «وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً».

ويوضح د. علام، أن العنف الأسري الذي نشكو منه الآن في كثير من بلداننا العربية يتعارض مع مقاصد الحياة الزوجية، حيث مبناها على السكن والمودة والرحمة، ولذلك لا ينبغي أن نترك الخلافات بين الزوجين حتى تتضخم وتتحول إلى عنف نفسي أو بدني، فهذا العنف مرفوض ومدان في نظر الإسلام، وعلينا أن نستحضر النموذج النبوي في فهمنا للآية الكريمة في قوله تعالى: «وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ في الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ»، وأن نفهم المقصود بالضرب في الآية الكريمة على صورته الحقيقية.

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب أحداً قط بيده، لا زوجة ولا خادماً ولا أحداً من الناس، إلا أن يكون في ميدان الحرب، ولذلك لا ينبغي أن نتخذ من هذا النص القرآني حجة للعدوان البدني على نسائنا؛ بل علينا أن نتعلم من رسولنا العظيم كيف كل يتعامل مع نسائه بود ورحمة، وكيف كان يختلف معهن ويترك بيت الزوجية دون إساءة لزوجة أغضبه منها تصرف أو سلوك، فلم يرد عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، أنه طرد زوجة من بيت الزوجية، وأقصى ما كان يفعله عندما يرى من إحدى زوجاته ما يراه خارجاً عن الإطار الأمثل للعلاقة الزوجية، أنه كان يتركها تراجع نفسها دون أن يسيء لها بكلمة أو حتى نظرة.

 

العنف النفسي ضد الزوجة أحياناً يكون أقسى عليها من العنف البدني

ويوضح مفتي مصر أن الضرب الوارد في الآية الكريمة إنما هو «أمر رمزي» يعبر عن اتخاذ موقف من المرأة، مبيناً «ومن معاني الضرب اجتناب الخلاف والابتعاد عنه، وأرى أن الضرب ليس من شيم الرجال؛ بل هو جريمة وسلوك معيب لا ينبغي أن يرتكبه رجل ضد زوجته، ولو تورط رجل في هذا السلوك نتيجة انفعال أو موقف لم يتحكم فيه في أعصابه، فيجب أن يعالج ذلك الخطأ باعتذار لزوجته، فالاعتذار عند الخطأ من شيم الكبار».

ويوضح د. علام أنه كما لا ينبغي أن يمارس الزوج عنفاً بدنياً ضد زوجته، ولا يجوز له أن يمارس عنفاً نفسياً أيضاً بأن يوبخها على كل سلوك لا يعجبه، أو يهجرها في الفراش دون سبب، أو يعيب على أسرتها دون مقتضى، أو يمنعها من ممارسة أمر مباح تفعله، فالعنف النفسي ضد الزوجة أحياناً يكون أقسى عليها من العنف البدني.