31 يناير 2023

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

صحافية ومترجمة مصرية

صحافية ومترجمة مصرية

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

في إحدى ليالي صيف 1892 الدافئة، بينما كان الخديوي عباس حلمي الثاني يتنزه مع حاشيته في منطقة ساحرة تقع على أطراف مدينة الإسكندرية، وتتمتع بإطلالات آسرة ليس لها مثيل على شاطئ البحر المتوسط، انبهر الخديوي بجمال تلك البقعة وهدوئها فقرر تشييد قصر صيفي فخم للعائلة الملكية لتستجم فيه خلال أشهر الصيف بعيداً عن حرارة القاهرة، فكان قصر المنتزه.

تعرّفوا مع «كل الأسرة» إلى تاريخ بناء قصر المنتزه العريق وحدائقه الشهيرة التي أشرف الخديوي عباس حلمي الثاني بنفسه على تصميمها وتنسيقها، لتصبح هي والقصر من أروع المواقع السياحية التاريخية في مدينة الإسكندرية:

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

اختار الخديوي ربوة عالية لبناء قصره عليها

اختار الخديوي ربوة عالية ترتفع نحو 16 متراً عن سطح البحر لبناء قصر صيفي أنيق، أطلق عليه اسم «السلاملك»، ويعد تحفة معمارية مذهلة مزجت ـ ببراعة وانسيابية ـ بين عدة طرز معمارية، مثل طراز عصر النهضة الإيطالي والعمارة القوطية والبيزنطية والإسلامية. ثم بعد فترة وجيزة أمر الخديوي ببناء قصر آخر ليكون سكناً لسيدات الأسرة المالكة، وكان مكوّناً من طابق واحد، إلا أن هذه القصر هُدم وأعيد بناؤه في عهد الملك فؤاد الأول ليعرف بعد ذلك بـ«قصر الحرملك».

أمر الخديوي أيضاً ببناء «كشك للموسيقى» أمام القصر مباشرة لإقامة الحفلات الموسيقية الصيفية، كما كان سائداً في ذلك الوقت، ثم في وقت لاحق أضيف قصر «السلاملك»، وكشك الشاي، وسينما صيفية خاصة بالأميرات. وكانت يحيط بالقصر والمباني الملحقة به نحو 360 فداناً من الحدائق الغناء الشاسعة التي ضمت مجموعة كبيرة من الأشجار والزهور والنباتات النادرة.

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

كان أول ما تم بناؤه هو قصر السلاملك

«السلاملك» باللغة التركية هو المكان المخصص لاجتماع الرجال وضيافتهم، على عكس كلمة «الحرملك» التي تعني مكان اجتماع السيدات وإقامتهن، وقد كان السلاملك أول قصر يقوم بإنشائه الخديوي عباس حلمي الثاني سنة 1892 على قطعة الأرض الكبيرة التي اختارها.

طلب الخديوي عباس من المهندس اليوناني «ديمتري فابريشيوس» تشييد القصر على الطراز النمساوي الأنيق الذي كان سائداً في القرن التاسع عشر، إرضاء لحبيبته الكونتسية النمساوية ماري تورك فون زندو، التي صارت زوجته في وقت لاحق وأطلق عليها الخديوي اسم «غلفدان هانم». وأصبح قصر السلاملك مقراً صيفياً ملكياً للخديوي وزوجته إلى أن تم بناء قصر الحرملك في عهد الملك فؤاد الأول.

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

التغييرات التي طرأت على القصر في عهد الملك فؤاد الأول

عندما تولى الملك فؤاد الأول الحكم قرر إعادة بناء قصر الحرملك، فبات يعرف بقصر المنتزه. كان الملك يريده أن يكون مشابهاً للقصور الملكية في إيطاليا آنذاك، لذلك فقد أوكل عملية إعادة تصميمه إلى مهندس القصور الملكية في ذلك الوقت، المعماري الإيطالي أرنستو فيروتشي، والذي أعد تصميماً قوطياً رائعاً يحاكي تصميم قصر ماكينزي في فلورنسا. وكان ذلك عام 1927.

وفي عام 1934، أضاف الملك فؤاد الأول صوبة نباتات ملكية لا تزال موجودة حتى الآن، وتبلغ مساحتها 3 آلاف متر مربع، وتضم مجموعة نباتات استوائية، ومجموعة نادرة من نباتات الظل.

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

قصر المنتزه في عهد فاروق الأول

شهد عهد الملك فاروق عدة تغييرات وتعديلات على قصر المنتزه وحدائقه، فقد خصص الملك قصر السلاملك ليكون مكتباً خاصاً به ومقراً لضيافة ضيوفه من الرجال. كما أمر ببناء برج الساعة الشهير الذي كانت تخرج منه أربعة تماثيل ذهبية مصغرة للملك فاروق كلما دقت الساعة.

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

وعلى الجزيرة الصغيرة المقابلة لحدائق المنتزه، أمر الملك ببناء كشك شاي كلاسيكي على الطراز الروماني، لكي يتناول فيه الملك وأسرته شاي الساعة الخامسة مساء، كما جرت العادة. وقد تم ربط تلك الجزيرة بشاطئ المنتزه بواسطة جسر على الطراز القوطي الإيطالي الرائع.

اكتشفوا حكاية قصر المنتزه.. مقر الاستجمام للعائلة المالكة المصرية في الإسكندرية

أضاف الملك فاروق حمامات سباحة طبيعية له وللأميرات داخل خليج المنتزه، وهي ما زالت موجودة إلى وقتنا هذا. وفي عهده تم أيضاً بناء فنار لإرشاد السفن واليخوت إلى خليج المنتزه، حيث كان يرسو يخت «المحروسة» الخاص بالملك، والذي غادر الملك وأسرته على متنه عند نفيه إلى خارج البلاد بعد اندلاع ثورة 1952.

كانت هذه هي قصة بناء قصر المنتزه، أحد أهم القصور الملكية المصرية، والتحفة المعمارية الأشهر في مدينة الإسكندرية.

 

مقالات ذات صلة