مسكينة ميجان ماركل، لقد رمت بسحرها على الأمير البريطاني هاري، حفيد الملكة إليزابيث، وها هي تتصور أنها قادرة على زعزعة أسس العائلة المالكة التي تستند إلى قوانين تاريخية عريقة.
ماذا كانت أصداء المقابلة التي تابعها الملايين في أنحاء العالم والتي جلست فيها الكنة دامعة العينين، شاكية الأسلوب الذي عوملت به في القصر الملكي والذي انتهى بخروجها وزوجها الأمير من دائرة السيطرة؟
لم يفهم الأوروبيون، ومواطنو فرنسا وإيطاليا وألمانيا بالتحديد، كيف يمكن لزوجة شابة وجميلة وغنية وتتمتع بكامل صحتها، أن تظهر على شاشة التلفزيون مع أشهر مذيعة في العالم، لكي تتحدث عن «همومها» الخاصة في حين يموت الآلاف في أرجاء العالم، كل يوم، بسبب وباء يرعب البشرية؟
سبقت المقابلة بين ميجان ماركل، زوجة الأمير البريطاني هاري، وبين أوبرا وينفري، دعاية إعلامية واسعة. وتم بث مقاطع مثيرة منها قبل بثها كاملة مساء الأحد السابع من الشهر الجاري. وكانت النتيجة أن أخبار المقابلة تصدرت عناوين الصحف وطغت على أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد.
تساءل الملايين في أرجاء العالم:
ما الذي تخبئه هذه الممثلة الأمريكية الحسناء في صدرها من ظلم واضطهاد؟
تزامن بث المقابلة مع احتفال نساء العالم بيومهن المخصص لتسليط الضوء على مشكلاتهن. مشكلات حقيقية تتعلق بالفقر والعنف الزوجي وزواج القاصرات والتحرش والاغتصاب والاستبعاد عن الوظائف العليا وعدم المساواة في الأجور.
جلست ميجان تتحدث عن أحزانها مرتدية فستاناً طويلاً أسود من الحرير، وكأنها تؤدي دوراً متقناً في فيلم تراجيدي، بينما كانت ملايين الأمهات في البلاد البعيدة مهجرات في المخيمات ومراكز اللجوء مع أطفالهن، لا يتوفر لهن الطعام ولا الثياب الواقية من البرد والسقف الحامي من المطر.
تصور المتفرجون أنها ستنطق بالدرر، فإذا بها تشتكي مما تتصوره إهمالاً لها وغيرة من شخصها وسخرية من طفلها الذي كانت حاملاً به.
إن أهم نقطة قالتها هي أن محادثات دارت بحضور زوجها هاري، نجل ولي العهد الأمير تشارلز، تركزت حول لون بشرة الوليد القادم. هل ستكون بيضاء أم سمراء؟
يا للهول. لقد أرادت ميجان أن تتهم العائلة المالكة بالعنصرية، في حين التكهن بالصفات الوراثية للجنين هي مسألة عادية تحدث في أي عائلة. هل سيأخذ ملامح أبيه أم أمه؟
الملكة إليزابيث مع الأمير هاري وميجان ماركل
طوال المقابلة، التي تابعها 320 مليون متفرج، سعت ميجان إلى التشبه بالمقابلة التلفزيونية الشهيرة لديانا، أميرة القلوب الراحلة ووالدة هاري. العينان الدامعتان والعبارات التي تقال همساً بصوت خفيض واستعادة المواقف الصعبة وارتداء ثوب الحمل الوديع. بل إنها اعتمدت الكحل الأسود أسوة بديانا في مقابلتها.
فهل هناك رابط حقيقي يجمع بين المرأتين الشابتين؟
كانت ديانا زوجة مطعونة في كرامتها، يخونها زوجها منذ بداية شهر عسلها، بينما تتمتع ميجان بحب زوجها وتعلقه بها وانقياده لها وبكل امتيازات العيش في القصور الباذخة. أما وقائع التنافس والغيرة ومكائد القصور فهي الشوك الذي يحيط بالورد. لماذا كان عليها التفكير بالانتحار وهي حبلى محاطة بحب زوجها، تنتظر طفلاً سيولد وفي فمه ملعقة من ذهب؟ أليس هذا هو البطر والجحود والكفر بالنعمة؟ لذلك خرج الذين تابعوا المقابلة محبطين لأنها، في نهاية المطاف، لم تكشف عن وقائع خطيرة تستدعي شق العائلة والخروج من إطارها الذهبي وخرق البروتوكول وإبعاد الأخ عن أخيه.
لا يحب الإنجليز من يزعج ملكتهم كائناً من كان
نزل مندوبو وسائل الإعلام إلى شوارع لندن يستطلعون ردة فعل المواطن العادي على المقابلة وعلى تصريحات الكنة الأمريكية، وإذا كان هناك من تعاطف معها فإن الغالبية انتقدتها. لا يحب الإنجليز من يزعج ملكتهم. ومهما قيل عن بذخ أفراد العائلة المالكة فإنها تبقى المؤسسة التي تحفظ لبريطانيا مكانتها الخاصة والمميزة.
هل يمكن لكنة أجنبية أن تهدد عرش أشهر امرأة في التاريخ المعاصر؟ إنه العرش الذي حافظت عليه إليزابيث لأكثر من 60 عاماً، وحمته من الصواعق والهزات، وتحملت في سبيله الكثير، ونذرت كل ساعة من نهاراتها ولياليها لتأدية الواجبات التي يفرضها عليها تاجها الملكي، ولا يمكن للمواطن العادي أن يقبل ما تقوم به ميجان، بل يرى فيه نكراناً للجميل.
ماذا تريد ميجان ماركل من العائلة المالكة؟
لا ينسى الإنجليز أنها ممثلة أمريكية خلاسية الأصل، وقد سبق لها الزواج والطلاق، وهي أكبر من الأمير هاري بعدة سنوات، ومع هذا وافقت الملكة على ارتباطه بها وباركته وشهدت العاصمة لندن عرساً ملكياً يشبه الخيال. فماذا تريد أكثر؟
لقد كانت تعرف مسبقاً أن الانتماء للعائلة المالكة سيقيد حريتها، وأن الألقاب النبيلة ستحتم عليها واجبات معينة. لا شيء في الدنيا بدون مقابل. ومع هذا، كان في مقدورها حل مشكلاتها الخاصة بأسلوب أقل تصادماً. إنها تستطيع الاعتذار عن الواجبات البروتوكولية الزائدة مقابل التنازل عن امتيازات معينة. كما لم يصدر عن القصر ما يفيد بمنع ميجان من العمل في السينما. ربما كان عليها انتقاء أدوارها أو البرامج والأفلام التي تنتجها، بما ينسجم وموقعها الملكي. تستطيع أن تسكن قصرها المنفصل عن العائلة وأن تسافر وترعى الجمعيات الإنسانية وأن تقود الحملات ضد العنصرية وأن تعتني بالأطفال المحرومين وأن تكون سفيرة سلام بين الشعوب. لكن طموحها كان أبعد.
ماذا تريد ميجان؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الإنجليز اليوم؟ إنهم يسخرون من التقارير التي زعمت بأن كلامها سيبقى يضر بالعائلة لسنين قادمة. والصحافة البريطانية الشعبية لم تتعاطف معها. وهي صحافة لم تكن رؤوفة بها أصلاً لأنها لمست جوانب وصولية في تصرفاتها. هل تريد أن يحمل أطفالها ألقاباً أميرية نبيلة؟ هل تسعى لأن تعيد لزوجها هاري الرتب العسكرية العليا التي سلبت منه بحكم تخليه عن واجباته البروتوكولية؟ هل تطلب حقوقاً في إرث مؤجل؟ هل تبحث عن مزيد من الشهرة؟
مع الأمير هاري لدى زيارتهما لأستراليا
كل الإجابات ممكنة. لكن التوقعات التي تدور في رؤوس المجربين تؤكد أن مستقبل هذا الزواج ليس مضموناً. فالأمير هاري، ذو الشخصية القلقة، لن يبقى مستسلماً على الأرجح لتحكم ميجان به. إنها قوية الشخصية وتعرف ما تريد، لكنه سيتمرد في لحظة من اللحظات ولن يجد راحته في العيش خارج محيطه البريطاني. والضابط الذي خاض الحروب ونال الأوسمة لن يرضى بأن يكون «زوج ميجان». عندها سيقلب المائدة ويستعيد دفة نفسه من زوجته ويقرر ما يراه ملائماً له. إنه اليوم أسير السحر لكن هذا السحر نفسه قد ينقلب على الساحر. والخبراء يقولون إن مرحلة الشغف في الحب تدوم 3 سنوات، بعد ذلك تبدأ الجذوة بالذبول وتتحول المعشوقة إلى واحدة من النساء. ليس وارداً أن يخون هاري زوجته، مثلما فعل أبوه مع ديانا، لكن ما تقوم به ميجان لا يخدم استقرار حياتهما الزوجية.
نتابع اليوم حملات مضادة تتهم الكنة الأمريكية بسوء معاملة مساعديها. وتورد صحيفة «الديلي ميل» في تقرير لها أن ميجان كانت تطبع كل يوم تعليمات في 6 أو 7 صفحات ترسلها لمساعديها لكي ينفذوا أفكارها ومطالبها. بل إن صحيفة «التايمز» العريقة أشارت إلى «قسوة» ميجان في التعامل مع اثنين من مساعديها الشخصيين. وهناك من يذهب إلى حد وصفها بالمرأة الجبارة المستبدة، مقابل الهشاشة النفسية لزوجها. ويكتب أندرو مورتن، مؤرخ العائلة المالكة «لم تأت ميجان ومعها دوطة بل مسلحة بمليون متابع في انستغرام». وهذا يعني أنها تستند إلى جدار شعبي قوي وشاهق، لاسيما في صفوف الأقليات الأمريكية الملونة و«الآفروأمريكان»، أي ذوي الأصول الإفريقية. لكن هذا لا يناطح شعبية ملكة بريطانيا وتقديرها في العالم أجمع.
نعم، قد تحتاج عائلة وندسور التي وصفتها ميجان بالمؤسسة، أو الـ «فيرم»، إلى التخفف من حواشي الغطرسة والتكلس التاريخي، وقد بذلت الملكة جهوداً في هذا السبيل، لكنها في غنى عن زوابع تثيرها الكنات الطموحات في الفناجين.
اقرأ أيضًا: تفاصيل اتفاق جديد بين الأمير هاري وجدته الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا