07 مايو 2022

خبراء نفسيون يحذرون: قسوة الأب تدمر مستقبل الأبناء

محررة في مجلة كل الأسرة

خبراء نفسيون يحذرون: قسوة الأب تدمر مستقبل الأبناء

قد يتعامل الأب بعنف مع ابنه من أجل تربيته وتهذيبه، وهو ما يتسبب في وجود فجوة بين الطرفين لعدم استيعاب الحلقة الأضعف لتصرفات الأب القاسية، ليقع فريسة تساؤلات لا يجد لها إجابات مثل:

لماذا يتصرف معي هكذا؟ وما هو طوق النجاة من ذلك؟ وهو ما ينتج عنه علاقة سيئة تسير عكس ناموس الكون، بل وفي بعض الحالات قد تتسبب في انحراف سلوك الأبناء.

نتائج سلبية خطيرة لاستخدام العنف والقسوة مع الأبناء

د. أسماء نزار إدلبي، دكتوراه في القياس والتقويم التربوي والنفسي، مدير مركز أفق الإبداع للتعليم وتنمية المهارات، تشرح «العدوانية والقسوة في التربية تؤدي لنتائج عكسية وتجعلها أكثر عرضة للضغط، فالأطفال المعنفون والمهددون من قبل أهاليهم بعقوبات قاسية أو شديدة أكثر عرضة في أن ينغمسوا في تصرفات خطيرة وعنيفة مثل المشاجرات والسرقات، كما أن معدلات فشلهم الدراسي أعلى من غيرهم، إذ ترتبط التربية القاسية بالتحصيل المتدني، على عكس الاتزان في التربية وإضفاء المشاعر الإيجابية مع وجود القوانين الواضحة في الأساليب التربوية، فتنشئة الطفل على الحب والحنان مع الحزم والصرامة للسلوك، جدير بأن يكون أكثر نجاحاً في حياته المستقبلية، فتعليم الأبناء لمفهوم الانضباط من منظور الحب يساعدهم على اكتساب كامل طاقاتهم دون الحاجة لاستخدام أساليب التربية القمعية الخاطئة».

وتكمل «من أفضل الأسس التربوية السليمة ومبادئها المعتدلة تحقيق الانضباط الإيجابي، وهو أن يكون الأب لطيفاً وحازماً في نفس الوقت، إذ ينمي ذلك في الطفل العديد من مهارات التواصل الاجتماعي ويساعد على تطور ونمو شخصيته، على عكس من ذلك يفعل التساهل والإفراط بالدلال أو الشدة المفرطة، فالأطفال الذين تعرضوا للعقوبة بدون قسوة عند عمل فعل ما خاطئ، هم أكثر الناس تحملاً للمسؤولية عند الكبر، لأنهم لم يكبروا على إيجاد كل شيء أمام أعينهم بدون تعب، ويساعدهم على تطوير أجنحة يحلقون بها في مستقبلهم بطريقة سوية ومعتدلة».

خبراء نفسيون يحذرون: قسوة الأب تدمر مستقبل الأبناء

القسوة تغرس في نفس الأبناء مشاعر الكراهية

هبة محمد عبد الرحمن، موجهة خدمة اجتماعية بوزارة التربية والتعليم سابقاً، تقول «الأسرة هي الركيزة الأساسية لبناء المجتمع والمحافظة على كيانه، وهو ما يلزم بإعداد مسبق لقطبيها الأساسيين، ففي السابق كانت تسير التربية بالفطرة، فكنا نتصرف في المواقف المختلفة كما كان يفعل الكبار دون تفكير، ولكن في ظل الظروف والمتغيرات التكنولوجية التي نعيشها اختلف الأمر كثيراً، وأصبح من المهم تفهم واستيعاب الوالدين لشخصية أبنائهما، وتعلم طرق التربية المختلفة واختيار ما يناسب منها شخصية أبنائنا، فتجهم الوجه ورفع الأيدي في وجه الأبناء عند صدور سلوك مرفوض قد يبعدنا عنهم مسافات طويلة، فالأخطاء واردة في سلوكياتهم والمهم هو التعامل معهم بطريقة يدركوا فيها أن شدتنا عليهم ناتجة عن سلوكهم ولا يؤثر ذلك في عاطفتنا نحوهم، لأنهم قد يفسرون قسوة الآباء مثلاً على أنها نتاج كره دفين وليست دليلاً عن الرغبة في أن يكونوا الأفضل والأحسن، فالأبناء في مراحل أعمارهم يعانون مشاعر متقلبة ردة فعلها لا تأتي في وقت الحدث أي ليست آنية، ولكن قد تكون لاحقة تتمثل في تراكمات قد تحدث انفجارات لا نتوقعها».

وتتابع «استخدام الأب لأسلوب الحوار والمناقشة والتزام الصمت لفترة محددة حتى يدرك الابن للخطأ الذي وقع فيه، سوف يسهم ذلك في أن يستوعب ردة فعل المحيطين ومن هنا يتعلم ثقافة الاعتذار، فبناء الرجال لا يكون بالقسوة، فنحن نريد بناء عقول ناجحة وقادرة على العطاء والوفاء بحق الوطن عليها، وهو ما يستلزم أن يحاسب الآباء أنفسهم على معاملتهم وأن يستمعوا لوجهات نظر الأمهات كونهن المرآة التي تعكس ما بداخل الأبناء، فالأم أكثر من يستشعر بما يجول في خاطر ابنها وما يكنه في صدره، وعلى كل أب أن يدرك أن القسوة تغرس في نفس الأبناء مشاعر الكراهية، فقد تكون على صور مختلفة كالإيذاء الجسدي والنفسي وغيرها، وكلها أمور تترك مشاعر سلبية قد يجني الأهل ثمارها بعد ذلك، فرفقا بفلذات الأكباد الذين خلقوا لزمن غير زمننا».