22 أغسطس 2022

كيف أساعد طفلي على ضبط مشاعره؟

أستاذة وباحثة جامعية

كيف أساعد طفلي على ضبط مشاعره؟

كم من مرّة أحسستم بالإحراج إزاء الآخرين حين يفجّر طفلكم غضبه أمامهم أو حين ينهال بالضرب على أولادهم أو على رفاقه؟

وكم من مرّة أحسستم أنتم أنكم ستخرجون عن طوركم إزاء ثوراته التي لا تجدون لها تبريرًا أو سلوكه الذي ينمّ عن انفعال لا قدرة له على لجمه؟

بالطبع كلما كان الطفل صغيرًا، كانت درجة إحراجكم أو انزعاجكم أقل ولكن ماذا لو كان يبلغ السادسة أو السابعة أو حتى أكثر ولا يزال يتصرف كطفل في الثالثة من عمره؟

ينجم هكذا سلوك لدى الطفل من عجزه عن السيطرة على انفعالاته ومشاعره، ودور الأهل هنا هو مساعدة طفلهم في ضبط مشاعره والتعبير عنها مهما كانت ولكن بالطريقة المناسبة.
أما سرّ هذه الطريقة المناسبة فهو الكلمات المناسبة.

صدرت مؤخرًا دراسة عن جامعة أوبرتا في كتالونيا بإسبانيا طالت مجموعة من الأطفال وأهاليهم وانقسمت إلى جزأين مع فترة زمنية امتدت لأربع سنوات بين الجزء الأول والجزء الثاني من الدراسة. وقد دلت نتائجها على أنه كلما تمتع الطفل في سن السابعة بمعجم غني بالمفردات، كانت قدرته على ضبط مشاعره أكبر. ما يعني أن اللغة تشكل الأساس الذي تبنى عليه السيطرة على الانفعالات لأن القدرة على التعبير عن المشاعر بالكلمات تساعد في توضيحها وفي اتخاذ المسافة الضرورية إزاءها.

كما بيّنت الدراسة أن الطفل الذي يعاني اضطرابات لغوية أقل قدرة على التقاط مشاعر الآخرين والتعبير عن مشاعره، وهذا من شأنه أن يعيق علاقاته الاجتماعية ونموه الشخصي ليكون مزاجه أكثر سوداوية من الآخرين وأقل تقبّلاً لما يمكن أن يزعجه ويحبطه.

أما من ناحية الأهل، فقد بيّنت الدراسة أنه كلما كانوا قادرين على ضبط انفعالاتهم كان أطفالهم شبيهين بهم. لا شك في أن للوراثة حقاً في هذا، ولكن لما يلاحظه الطفل من سلوك أهله أيضًا دور لأنه يتعلم السيطرة على مشاعره مثلهم.

كما يستطيع الأهل تقديم مساعدة أكبر للطفل حين يشرحون له طريقتهم في التعامل مع مشاعرهم. فإذا كان أحدهما غاضباً واستعمل تقنية التنفس العميق لتهدئة غضبه، يمكنه بعدها أن يشرح لطفله الطريقة التي اتبعها للتحكم بغضبه. فمن الضروري دائمًا ألا ننكر مشاعرنا بل أن نحسن التعامل معها من خلال الاعتراف بها وحسن التعبير عنها من دون إلحاق الأذى بالآخرين. وهذا ما يتعيّن على الأهل أن يعلموه لأطفالهم بكلمات بسيطة وبليغة وبسلوكيات أبلغ.