ربما يرى بعض الأهالي أن مصطلح «مدمن شاشة» قاسٍ ولا يعبر عن واقع أولادهم ولكن لو يتمعنون بما يفعله أطفالهم ويدققون بالأوقات التي يقضونها أمام مختلف أنواع الشاشات ويقرأون تفاصيل ما نتحدث عنه هنا، لعرفوا أن الأمر يتطلب وقفة صارمة حماية لصحة صغارهم ومستقبلهم.
بات واضحاً أنه في القرن الحادي والعشرين أصبح الأطفال أكثر انجذاباً وحتى التصاقاً بالشاشات، ويمضون وقتاً هو الأطول أمامها، بحيث إن بعض العائلات لم تعد تجد مفراً من هذه الظاهرة، بل هناك من يشجعها في بعض الحالات من دون الالتفات، بدون وعي أو نتيجة الإهمال، إلى ما يتصفحه الطفل وفترة جلوسه أمام الشاشة والتأثيرات السلبية على صحته النفسية والبدنية.
يحدث كل ذلك على الرغم من «الصراخ» ومحاولات التنبيه والتحذير الصادرة عن الخبراء والمختصين والأطباء.
يقول العلماء إن علامات «مدمن شاشة» تقاس بنفس معايير قياس بقية أنواع الإدمان. إذ عادة ما يحدد المختصون في المجال الطبي تأثير طرف ثالث على الحياة اليومية للطفل وكذلك تأثيراته عند انسحابه منه.
ومن بين الدراسات التي قامت بها مجموعة من الشركات المتخصصة بترويج أدوات التحكم الأبوي والراحة الرقمية لمتابعة العائلات لنشاطات أطفالهم على الإنترنت، ظهر ملخص يحدد 5 علامات حمراء تشير إلى أن الطفل يعيش مرحلة «إدمان شاشة»، أي فخ الشاشات.
1- لا يستطيع التوقف عن استخدام الشاشات
يظن الكثيرون أن الوقت الذي يمضيه الطفل أمام الشاشة هو أول ما ينبغي النظر إليه وتحليله عند الحديث عن مدى تعلقه بهذه الشاشة. مع ذلك هذا الأمر ليس صحيحاً تماماً فالعلامة التي تطلق تنبيهاً مفزعاً هي عندما يفشل الطفل في التوقف عن استخدام الشاشات من دون أن يشعر بالتوتر الحاد أو الاستمرار في محاولة العودة إليها.
2- يصبح الطفل مستعداً للتضحية باحتياجاته الأساسية مثل الأكل أو النوم من أجل الشاشات
يجب مراقبة كمية الوقت المتراكم الذي يمضيه الطفل أمام الشاشة. هذا الوقت الذي يمضيه أمام الشاشة لا يعكس وحده تعلقه بها بل يجب أن ينظر الأبوان إلى كيفية استجابة الطفل على خطوة رفع الشاشات من أمامه وفيما إذا كان عدم وجود أجهزة إلكترونية يؤثر في جودة حياته اليومية. وهنا إذا ما كان الطفل مستعداً للتضحية باحتياجاته الأساسية مثل الأكل أو النوم من أجل الشاشات فهذا يعني مؤشراً على أحد أشكال إدمان الشاشة.
3- يشعر بسعادة حقيقية فقط عندما يكون أمام شاشة
الكتب، الألعاب، التواصل الاجتماعي، الحدائق والحفلات، جميعها تمثل وسيلة ترفيه لإثارة فرحة وسعادة الطفل. فإذا واصل الطفل إبداء عدم اكتراث واهتمام في هذه الوسائل التقليدية للترفيه وترونه يبدي سعادة حقيقية فقط عندما يكون أمام شاشة، فهذا ربما يعني أنه يقدر أجهزته أكثر من اللازم. لذلك من الأفضل مراقبة ردود أفعال الطفل لأي من هذه المواقف لأنها لا تمنح الأبوين لمحة مهمة عن اهتماماته بشكل عام فحسب بل أيضاً تقدم لهما فرصة تفحص واكتشاف أي عادات غير صحية يمكن أن تتطور لديه.
وإذا كانت الشاشات هي الوسيلة الوحيدة لتحسين مزاجه يمكن أن يكون هذا مؤشراً على تطور علاقة غير صحية له مع أجهزته.
4- التلاعب والالتفاف على التعليمات التي يصدرها الأبوان
التلاعب هو التكتيك الذي يستخدم عادة من قبل أولئك الذين يرغبون في المشاركة بنشاط يعرفون تماماً أنه ربما لن يحظى بموافقة الأشخاص المحيطين به أو المسؤولين عنه. وبالنتيجة يستخدمون طرق التلاعب لتحقيق أهدافهم. فإذا حاول الطفل التلاعب والالتفاف على التعليمات التي يصدرها الأبوان فهذا مؤشر على أنه يستثمر الكثير من وقته أمام الشاشة. وهنا إذا ما حاول إدخال لوحه الإلكتروني «خلسة» إلى غرفة نومه مساء أو حتى أنكر كمية الوقت الذي أمضاه أمام شاشته آنذاك يحين وقت إعادة تقييم الأبوين للحدود التي وضعوها.
5- تدني الحالة البدنية للطفل
الإفراط في الجلوس أمام الشاشات يمكن أن يكون له تأثير سلبي في الحالة البدنية للطفل. فقد أثبتت الدراسات أن العديد من العلل والمشاكل الصحية الناجمة عن الوقت الطويل الذي يمضيه الطفل أمام الشاشات، مثل إضراب النوم، آلام مزمنة في العنق، تدهور وضعية الجسم، تأخر النطق وجمود التواصل الاجتماعي. وفي بعض الأحيان تكون تأثيرات وقت الشاشة أكثر مأساوية على كل من الطفل والبالغ لذلك إذا ما حاول الطفل أو المراهق تجاهل أو إنكار التأثيرات السلبية في صحته وتمادى في التعلق بأجهزته، يجب على الأبوين حينذاك اتخاذ موقف صارم ووضع حدود إضافية.
العلاقة بين العمر والشاشة
يقول بعض الخبراء إن استخدام الطفل في عمر 18 شهراً وربما أصغر للاتصال عبر الفيديو، وهو برفقة عائلته، طريقة جيدة في تعريف الصغير على العالم الرقمي ولكن يجب عدم تركه وحده على الإطلاق أمام جهاز رقمي. والمناسب للطفل بين 2 إلى 7 سنوات هو المشاهدة التعليمية ولكن مع مصاحبة شخص بالغ له. إذ يجب على البالغين الاستمرار في تعليم الأطفال على المشاهدة التعليمية المناسبة ومزج ذلك مع النشاط بعيداً عن أي شاشة.
أما الطفل بعمر 8 سنوات وأكبر، فيجب على الشخص البالغ تعليمه كيفية مشاركة بياناته، والمخاطر المحتملة من محتوى الإنترنت وكيف يمكن وضع حدود صحية مناسبة له فيما يخص استخدام الشاشات.
نصائح للأبوين