لا يخفى تأثير ظهور القنوات التلفزيونية الخاصة على سلوكيات الأبناء، وزاد بعضها من صعوبة دور الوالدين التربوي وتراجعه بسبب ما تغرسه من سلوكيات وقيم تؤثر في أخلاقهم ومستواهم الدراسي والديني لتصبح من أكثر الوسائل خطورة على تنشئتهم.
في محاضرة قدمتها المرشدة الأسرية وأخصائية تعديل السلوك ومدربة التطوير الشخصي والمؤسسي، أسماء سويد، أطلعتنا على أهمية معرفة المربين الفرق بين مفهومي التربية والرعاية، وتأثير مثل هذه القنوات الخاصة السلبي والآثار المترتبة عليها في ظل انشغالهم بالسعي في تأمين حياة كريمة لأبنائهم:
تبدأ سويد محاضرتها بالتأكيد على أهمية وعي المربين بالفرق بين مفهومي التربية والرعاية، تشرح «بينما يقوم مفهوم الرعاية على تأمين الوالدين أو من ينوب عنهما في تأمين الاحتياجات والمتطلبات المادية الأساسية من مأكل وملبس وحاجات جسدية من طب ودواء، يقوم مفهوم التربية على أهمية الوعي بالاحتياجات النفسية والعاطفية والعقلية والروحية للطفل مع التوجيه والتدريب والإرشاد بالصبر والاستمرارية». تبين «يرفض أغلب الآباء والأمهات التدخل في تربية أبنائهم أو إملاء ما يجب عليهم فعله في تنشئتهم، لكن...!!! مع الانفتاح والتطور المتسارع والمناداة بالحرية والتقدم التكنولوجي أصبح لنا شريك خفي في تربية أبنائنا سواء وافقنا أم اعترضنا، هذا الشريك أو الشركاء إن صح التعبير لهم الأثر الأكبر في برمجة عقولهم والعبث بفطرتهم وتوجيه سلوكهم وقيادة أحلامهم وطموحاتهم إلى حد أصبحت هناك حاجة لوقفة جادة للحد من هذا الأثر كي لا نفقد أبناءنا ونعجز عن التفاهم معهم ونندم حيث لا ينفع الندم».
توضح سويد كيفية تأثير هذه القنوات «بينما كانت القنوات المحلية تقدم ما يصب في العادات والتقاليد وثقافة المجتمع، جاءت قنوات مفتوحة لتقدم الاختلاف وتعريفنا إلى الآخر من حيث العادات والثقافة والأفكار والتأريخ، ثم ما لبث الكثير منها في تقديم ما يغاير ويتعارض مع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا لنتفاجأ أن عقول أبنائنا وسلوكياتهم أصبحت مبرمجة سلبياً لندفع الثمن غالياً بسبب غياب الوعي والتركيز على تقديم الرعاية وغياب التربية وعدم إشباع احتياجات الأبناء النفسية والعقلية والعاطفية والروحية، ولا ننسى الانشغال عنهم بسبب الأعباء والضغوط وفقدان لغة الحوار والانصات لهم وعمق الهوة بيننا وبينهم».
وهنا تذكر بعضاً من هذه الآثار السلبية لبعض القنوات الخاصة:
- الترويج للجنس والشذوذ والعلاقات المحرمة وسفاح الأقارب.
- العنف المبالغ فيه.
- شحن العواطف بجرعات رومانسية عالية والتبرير للأخطاء بحجة الحب.
- التمرد على الأسرة والعادات والتقاليد والحشمة.
- الرغبة في تقليد أبطال المسلسلات والأفلام واتخاذهم قدوة لهم.
- التفكك الأسري والترويج لفكرة الأم العزباء.
- الترويج للتدخين والمخدرات والمشروبات الكحولية.
- الترويج لما يسمى بـ«اللايف ستايل» والإغراق في الماديات وتقييم الآخر من خلال ما يرتدوه من ملابس وساعات «كذبة البراندات».
- الترويج للعقوق والخيانات.
- عدم الرضا والمقارنة على المستوى الشخصي والأسري وغيرها الكثير.
كما تشير سويد لأهمية معرفة الآباء بقداسة دورهم والوعي بأهمية التربية الواعية الموجهة وتأسيس الأبناء بقاعدة من القيم والمبادئ والسلوكيات الإيجابية التي تؤهلهم لخوض الحياة بكل ما فيها، وذلك بـ:
- أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائهم ديناً وخلقاً.
- أن يشبعوا حاجاتهم النفسية من حب واهتمام واحتواء وتقبل وشعور بالانتماء.
- أن يعملوا على إعدادهم لحمل المسؤولية تدريباً وتوجيهاً.
- أن يكونوا مصدراً لثقتهم ومستودعاً لأسرارهم ناصحين أمناء.
- أن يفخروا بهم ويتقبلوهم على اختلافاتهم فلكل واحد منهم نقاط قوة وضعف تختلف عن الآخر.
- أن ينصتوا لهم ويحاوروهم ويبتعدوا عن كل ما قد يوتر علاقتهم بهم من لوم أو نقد سلبي.
- وأولاً وأخيراً أن يدعوا لهم بالهداية والرشد والصلاح «أبناؤنا هم مستقبلنا ومستقبل أوطاننا فحري بنا أن نعمل لبناء هذا المستقبل بوعي وعلم وإتقان».