ما بين الحاجة الملحة والانجراف وراء لذة الاستمتاع بالتسوق وملاحقة العروض التسويقية وتقليد الآخرين, يبقى فقدان ثقافة التسوق إحدى المعضلات التي تواجه الأسرة وتنستنزف مواردها المالية وتوقعها في فخ الديون.
هذه مقدمة بسيطة لما كشف عنه الخبير الاقتصادي د. صلاح الحليان عن أهمية إدارة المال وتوزيعه بطريقة سليمة لتحقيق الأمان المالي على المدى الطويل، يقول" أن ما تشهده مجتمعاتنا اليوم من عملية استهلاك غير منظمة، يشكل تحدي كبير كونها تستهدف شراء منتجات وخدمات غير ضرورية احياناً وبالتالي يسهم في استنزاف الموارد المالية في الوقت الذي يجب أن تتجه فيه هذه الأموال نحو الاستثمار في شكل أصول تدرّ مبالغ مالية وتحقق دخلاً إضافياً للفرد».
تحديد قائمة بالاحتياجات والمستلزمات
ويشير الحليان إلى " أن إدارة المال لا تعني خفض الإنفاق بالكامل، بل أن يظل في حدود الميزانية لتجنب الديون وتآكل المدخرات وتحديد أوجه الصرف بطريقة صحيحة، وتنمية الوعي المالي الخاص بثقافة الاستهلاك التي يمتلكها البعض ويفتقدها القسم الآخر، وذلك بوضع قائمة للمشتريات والاحتياجات المنزلية قبل الشروع في عملية التسوق لتفادي صرف المال عشوائياً والذي يوفّر ما يقارب 20% من المبلغ المخصص للانفاق بعد حصر الاحتياجات، فدائماً ما ترتبط عملية التسوق بالإحساس بالجوع، لذلك الصائم يتجه لشراء ما يشبع جوعه كالنشويات والآيس كريم، والمعكرونة، ليكتشف بعد ذلك أنه أنفق أمواله لشراء مشتريات أكثر مما هو بحاجة إليه".
الملابس والاكسسوارات تبذير يستنزف الميزانية
يبيّـن د. الحليان النوع الآخر من التسوق" تدخل الملابس والاكسسوارات ضمن أكثر عمليات التسوق التي تشهد تبذيراً واستهلاكاً؛ كوننا غالباً ما نرغب في اقتناء أشياء تستنزف ميزانياتنا فقط لأجل إبهار الآخرين، لذلك علينا التحلي بالذكاء والحرص في انتقاء الأشياء وعدم التأثر بالمحيطين ممّن يجدون في التسوق لذة الاستمتاع والبهجة"، يردف" بينما يستهلك الفرد منا حياته بالعمل للحصول على موارد مالية تنتفع منها الشركات والمؤسسات جراء انجرافنا وراء المظاهر الخادعة التي تقودنا للإفلاس، كما يجب الحرص على اختيار منتجات تعود علينا بالفائدة والمنفعة الحقيقية والتي يمتد عمرها الافتراضي لفترة أطول وتكون تكلفة صيانة قليلة، هذا ينسحب على جميع أدوات المنزل كأجهزة التبريد والتلفاز وأجهزة الغسل والتنظيف".
الدفع النقدي أم الدفع الذكي؟
يشير الحليان لأهمية طريقة الدفع وتأثيرها على الحد من عملية الاستهلاك "يساعد الدفع النقدي الفرد على معرفة قيمة مشترياته وبالتالي يحد من الاستهلاك الغير مبرمج، بينما يكون الدفع الذكي بواسطة بطاقات الائتمان سبباً في الاسراف بالرغم من كونها وسيلة آمنة للدفع، كما تعد النساء أفضل من الرجال في عملية التسوق، بسبب معرفتهن بالاحتياجات والكميات الضرورية، بينما تكون عملية تسوق الرجل عن مدروسة بشراء منتجات غير ضرورية أو ذات جودة أقل وكميات كبيرة، فيما تكون عملية الشراء وفق نظام السداد بأقساط، أو على دفعات، أحد الطرق التي ابتكرتها الشركات لزيادة مبيعاتها وأرباحها، لإغراء الأفراد على شراء منتجات لا تحتاجون اليها فعلياً".
خطورة العروض الترويجية
يوجز الخبير الاقتصادي "لتجنب الإدمان على التسوق والحد من عملية الهدر، علينا التفكير في توعية أنفسنا وأسرنا بعدم الانجراف وراء المظاهر الخداعة والاعلانات والعروض الترويجية التي تدفعنا نحو الاستهلاك الغير ممنهج باقتناء سلع لسنا بحاجة لها ووضع قائمة شهرية بالمشتريات. ففي الوقت الذي تشير فيه المادة 24 من دستور دولة الإمارات إلى أهمية تنعم الفرد بالرخاء والرفاه الاقتصادي، يمكن ملاحظة توجّه ودعوة الحكومة في نظامها الاتحادي إلى أهمية التعاون والادخار".