09 أكتوبر 2023

"جروب الأمهات".. متى يكون مفيداً؟ ولماذا يفضل أحياناً الخروج منه؟

محررة متعاونة

لا أحد يستطيع أن ينكر أن «جروبات الأمهات» أصبحت من أهم وسائل التواصل الفعالة والمستمرة مع المدرسين وإدارة المدارس وبين أولياء الأمور وبعضهم البعض، لمعرفة كل جديد يخص أولادنا بالمدرسة وحل كل المشكلات الدراسية.

شيئاً فشيئاً تحولت «جروبات الأمهات» للبديل الأفضل لمجالس الآباء التقليدية، لكن في الوقت نفسه كثرة هذه الجروبات الخاصة بالصف الدراسي لكل ابن وزحمة الرسائل بها تسبب ارتباكاً وأحياناً إزعاجاً شديداً للأم خاصة عندما يكون لها عدد من الأبناء.

سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء التربية والطب النفسي وتعديل السلوك حول مدى فاعلية هذه الجروبات للأم لمتابعة أحوال أولادها، وكيف تتعامل الأم مع كثرة هذه الجروبات وزحمة الرسائل بها، وكيف تنظم العلاقة مع الأمهات في هذه الجروبات:

ما أهمية «جروبات الأمهات» وكيف أثرت على علاقتنا بالأبناء؟

في البداية، توضح الدكتورة هايدي المصري، استشارية نفسية الطفل وتعديل السلوك بالقاهرة، أن «جروبات الأمهات» هو اسم يطلق على تجمعات الأمهات على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي لمناقشة مشاكل أبنائهن سواء الدراسية أو السلوكية.

وتقول «هذه التجمعات لها فوائد عديدة تنعكس على مصلحة الأبناء، منها:

  • تحولت مع الوقت إلى مكان للنقاش عما يدور في الحياة ويؤثر في سلوك الأبناء سلباً أو إيجاباً.
  • تستفيد كل أم وتأخذ عبراً من تجارب الأخريات خاصة للأمهات الجدد وحديثات العهد بالتربية.
  • وكذلك الأم نفسها تتعلم كيف تتعامل الأخريات مع مشكلاتهن.
  • كما أن الأمر أحياناً يتطور إلى تنافس بين الأمهات في إحراز تقدم مع الأبناء في التربية والدراسة.
  • التنافس الذي يحدث بين الأمهات في جروباتهن واستعراض مدى اهتمامهن بفلذات أكبادهن في مختلف المناحي يشجع الأمهات على التقليد وإحراز تقدم مع أولادهن، خاصة أن الكثير من الأمهات يحتجن لمن يشجعهن على تقديم نموذج أفضل من التربية مع الأبناء».

لكن ليس معنى ذلك أن تتسبب هذه الجروبات في إصابة الآباء والأمهات بالتوتر والمبالغة في تعليم أطفالهم الصغار والحرص الزائد على أداء الواجبات المنزلية الكثيفة والقلق حول الأداء الأكاديمي لأطفالهم مما يجعل الأطفال متوترين ومثقلين بالدراسة، في الوقت الذي يفترض أن يكون اللعب وتنمية المهارات جزءاً من وقتهم.

وتحذر الاستشارية النفسية الأمهات من الانخراط الزائد للتنافس مع الأمهات على «جروبات الأمهات» على الـ «سوشيال ميديا» فتتحول هذه الوسيلة من تسهيل التواصل وحل المشكلات إلى أداة للضغط وتفاقم الأمور، فإذا تم هذا الأمر بشكل ضاغط وغير مفيد للأبناء فستتحول هذه الجروبات إلى أداة لإشعال التنافس في التعليم والأنشطة خاصة.

الجروبات التي تشرف عليها المعلمات أكثر فائدة

ويتفق معها الدكتور جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي ورئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، في أن «جروبات الأمهات» أحياناً تتسبب في أن يصبح الطفل ساحة للتنافس، وهذا الأمر خطر جداً في التربية، وهناك من يعتقد أن مرحلة رياض الأطفال يصبح التفوق فيها ذا دلالة على مستقبل الطفل، كما أن الأبناء من الأم الواحدة يختلفون ويتباينون في مواهبهم وقدراتهم ومهاراتهم العلمية وهواياتهم، فما بالنا بالطفل وسط زملائه؟

ويرى الدكتور جمال شفيق أن من أفضل الجروبات التعليمية التي يجب على الأمهات الحرص على الالتحاق بها ومتابعتها هي تلك الجروبات التي يشرف عليها المعلمون والمعلمات بالمدرسة لأنها تساعد الأم في الحصول على المعلومات الصحيحة لتسهيل التواصل مع أولادها خاصة مع الأطفال المبتدئين، فهي مفيدة لتعليم الأم كيف تتعاون مع ابنها وتتابعه بنفسها بدلاً من اللجوء للدروس الخصوصية.

ويشير أستاذ التربية النفسية إلى أن بعض «جروبات الأمهات» تتحول إلى ساحات معارك بين الأمهات وبعضهن بسبب مشاكل الأبناء خلال اليوم الدراسي، أو بين الأمهات والمعلمات وإدارة المدرسة نتيجة اتهام البعض لهم بالتقصير في تدريس الأبناء، وهنا تكون هذه الجروبات ذات تأثير سلبي في الأبناء، فبدلاً من حل المشاكل أصبحت هي سبب المشاكل وإطلاق الشائعات وتجاوز الضوابط الأخلاقية والمهنية.

لذلك يوجه الدكتور جمال شفيق الأمهات بما يلي:

  • التعامل بحذر وحيطة مع «جروبات الأمهات».
  • عدم الاستجابة لحالات البلبلة والشائعات وإثارة الجدل التي تفسد هذه التجمعات.
  • جعل هذه الجروبات لتبادل الخبرات ومتابعة الأخبار والأنشطة التعليمية للأبناء في المدرسة فقط.
  • حذار من تحول «جروب الأمهات» إلى تجمع لإثارة المشاكل والضغط النفسي والعصبي أثناء الامتحانات أو في أوقات تركيز الأطفال في المنهج.

لا تفشوا أسرار أبنائكم على الملأ في الجروبات

أما الدكتور عمرو شليل، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة المنصورة، فيؤكد هو الآخر أن «جروبات الأمهات» تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المشوار الدراسي للأبناء خاصة لدى الأم لأنها هي المتابعة لكل صغيرة وكبيرة فيما يخص أبناءها في المدارس وبالتالي تساعدها هذه الجروبات على التواصل مع أمهات الطلاب ومناقشة الأمور الخاصة بالمناهج الدراسية ومتابعة الواجبات المنزلية اليومية، لكنها في الوقت نفسه يجب ألا تغني عن زيارات أولياء الأمور للمدارس لمتابعة أولادهم حتى يشعر الأبناء باهتمام آبائهم وأسرهم.

وينبه الدكتور عمرو شليل إلى ضرورة أن تحافظ الأم على نفسية ابنها بعدم عرض مشكلاته الشخصية أمام جميع الأمهات على هذه الجروبات لأنها بلا أدنى شك قد تصل إلى زملائه في الصف الدراسي وستؤثر كثيراً في نفسيته وسلوكه، فالتعامل الإيجابي مع مشكلات الطفل وطلب الاستشارة لا يعني فضحه على الملأ، والأمهات الأخريات في النهاية هن لسن خبيرات في نفسية الطفل ولا أساتذة تعديل سلوك حتى تطلبن منهن إفتاءكن فيما ليس لكن به علم، فهن أيضاً قد لا يختلفن عنكن كثيراً.

ويستطرد الدكتور عمر شليل «الأفضل في حالة مواجهة طفلك وكذلك ابنك المراهق مشكلة دراسية أو نفسية، استشارة المتخصصين سواء في مدرسته بالتحدث مع الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، ثم اللجوء لمتخصصين من الأطباء وخبراء تعديل السلوك حتى تحصلين على المعلومة الصحيحة والنصيحة الأصوب للتعامل مع المشكلة بما يضمن لك عدم تفاقمها».

نصائح مهمة قبل قرار البقاء في «جروب الأمهات» أو مغادرته

وحول الطريقة الأمثل للتعامل مع «جروبات الأمهات» ومتى يجب أن نبقى ومتى يجب أن نغادرها..

تقدم الدكتورة إيناس إحسان، استشاري التربية وتعديل السلوك في القاهرة، مجموعة من النصائح:

  • عندما تجدين نفسك تحت ضغط الإشعارات المتوالية والتشتت في موضوعات كثيرة أغلبها لا يستحق كل هذه الأهمية، الحل الأنسب في هذا التوقيت هو وضع تنبيهات الجروب في وضعية صامت حتى لا يكون وسيلة لتضييع الوقت.
  • في أوقات الامتحانات وفي بداية الدراسة تصبح «جروبات الأمهات» الملاذ الآمن لكل أم لمساعدة ابنها في الانتظام في الدراسة أو في الحصول على أوراق العمل والمراجعات التي تفيده في استذكار دروسه.
  • إذا كنت أماً حديثة العهد بالأبناء في صفوف تعليمهم الجديدة، وليس لك خبرة كبيرة بأساليب التربية والتدريس، حينها تكون «جروبات الأمهات» طوق نجاة لك وستستفيدين مما يتم نشره فيها مما سيسهل عليك التدريس لأولادك في المنزل.
  • الطريقة المثالية للتعامل مع أغلب «جروبات الأمهات» هي المتابعة في صمت وعدم التفاعل إلا فيما يخص التنويهات المدرسية والواجبات فقط.
  • في حالة وجود شكوى لدى طفلك أو تعرضه لمشكلة أو شجار مع أحد زملائه، فلا داعي للتسرع والمناقشة والجدال مع ولية أمر الطفل الآخر على الملأ، بل عاتبيها وتناقشي معها على الخاص حتى لا يتسبب ذلك في إثارة الضغائن وتصعيد المشاكل.
  • قبل الامتحانات تتحول «جروبات الأمهات» إلى مبعث لرسائل القلق والتوتر وإصابة الأم والابن أيضاً بالضغط النفسي من خلال إرسال المذكرات وأوراق العمل والمراجعات النهائية من مصادر متعددة، وحينها قد تجد الأم نفسها تمارس الضغط بلا وعي على طفلها فتفقده استيعابه وتركيزه.
  • بلا شك تعتبر هذه الجروبات أحياناً البيئة الخصبة والمثالية لإطلاق الشائعات من خلال تناقل الأخبار المجهولة وتبادل «الرسائل الصوتية» التي تحمل معلومات خطأ دون التدقيق من مصادر المعلومات، لذلك على الأم ألا تلتفت كثيراً لمثل هذه الأمور المفبركة.
  • قبل أن تأخذي قراراً بمغادرة جروبات الصف الدراسي لابنك، عليك أن تتذكري أنها تساعدك كثيراً في الحصول على الدروس اليومية في حالة الغياب أو المرض، كما أنها مصدر المعلومة الأول لك بخصوص المشكلات التي تواجه ابنك في المدرسة، والتعرف إلى أي سلوكيات غير مناسبة قد تصدر من بعض التلاميذ.
  • الاحترام المتبادل يجب أن يكون سيد الموقف في التعاملات مع «جروب الأمهات» ويجب عدم رد التجاوزات بالتجاوز مهما كانت الطريقة.
  • الأفضل لكل أم أن تتعامل مع هذه الجروبات في حدود المعقول حتى لا تعرض نفسها للمشاكل، فهو مثلاً ليس المكان المناسب لكتابة منشورات وأشياء و«شير» لمواقف وأدعية وأخبار لا علاقة لها بأهداف واهتمامات الجروب حتى لا نتسبب في إزعاج الآخرين.