10 يناير 2024

أبناؤكم بحاجة للعاطفة.. أشبعوا هذه الحاجة بلا تقتير ولا إسراف

محررة في مجلة كل الأسرة

أبناؤكم بحاجة للعاطفة..  أشبعوا هذه الحاجة بلا تقتير ولا إسراف

تبقى العاطفة أحد أهم احتياجات الطفل التي تقع على الوالدين مسؤولية إشباعها، بتوفير بيئة آمنة متوازنة، توفر الحب والاحترام، وتعزز ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم، وتوجهها نحو الطريق الصحيح.

حتى ينشأ الطفل سوياً فهو بحاجة إلى الحب والعطف والحنان، ليشعر بالطمأنينة والأمان، ولكي يتحقق الاستقرار يترتب على الوالدين الكثير من الالتزامات والحقوق، وفي مقدمتها «الإشباع العاطفي» الذي يعتبر أساس الاستقرار النفسي الذي لا يقل أهمية عن الاستقرار المادي. لذلك أي حديث، أو حروف تستهل وتسطر في هذا الجانب تسهم في رسم معالم وملامح الاستقرار لعلاقة تنعكس على المجتمع برمّته، وأي حديث في تبيان شكل ومعالم الصورة السليمة للأسرة لا غبار عليها، وأن كثر الحديث فيها، فهي الأساس الثابت والعنصر المهم في معادلة الاستقرار الاجتماعي والنفسي بالدرجة الأولى، فما يتلقاه الأطفال من والديهم عامل أساسي في تعزيز شعورهم بالأمان والثقة بالنفس، يسهم في تشكيل شخصياتهم، وتحقيق نجاحهم العاطفي والاجتماعي، الذي ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع في المستقبل.

أبناؤكم بحاجة للعاطفة..  أشبعوا هذه الحاجة بلا تقتير ولا إسراف

إمنحوا أولادكم العواطف بلا شرط ولا قيد

تتوقف موزة جمعة الزيودي، كاتبة ومدربة تطوير الذات، عند مفهوم الإشباع العاطفي، قائلة إنه «المشاعر والعواطف المتدفقة وغير المشروطة لا بشرط ولا قيد»، وتشير «للأسف في زحمة الحياة وانشغالاتها، لا يجد الكثير من الآباء الوقت الكافي لمنح أبنائهم الحب، والعاطفة الكافية، وقد أثبتت الكثير من الأبحاث والدراسات النفسية التأثيرات السلبية لعدم حصول الأطفال على العاطفة، والحب الكافي خلال سنواتهم الأولى، في نموهم الشخصي والعاطفي، والتي يمكن إجمالها بالحزن، والتوتر، والقلق الذي ينعكس سلباً على قدراتهم في التركيز والتعلّم والتواصل الفعّال. كما أن شعور الطفل، بالإهمال أو الرفض، يمكن أن يزيد من مخاطر تعرّضه لمشاكل صحية مستقبلاً، كالقلق والاكتئاب. وعلى العكس، ينمو الطفل المشبّع عاطفياً بطريقة صحية ومتوازنة، ويحظى بقدر كبير من الثقة بالنفس، والشعور بالأمان العاطفي، ويكون أثر ذلك في قدرته على استكشاف العالم من حوله، ومواجهة التحديات بثقة».

أبناؤكم بحاجة للعاطفة..  أشبعوا هذه الحاجة بلا تقتير ولا إسراف

من جانب آخر تلفت الزيودي إلى أهمية «موازنة الوالدين في تعبيرهما عن الحب والعاطفة، فإحساس الأبناء بالاهتمام والمحبة حاجة ضرورية لتطوير شخصياتهم، وبناء علاقة قوية معهم، فهي تكشف إدراكهما لمشاعرهم وتأييدها، لكن في نفس الوقت عليهما أن يعلموهم الاستقلالية وتحمّل المسؤولية، فالإشباع العاطفي لا يعني تلبية كل رغبة، أو حاجة على الفور، وعوضاً عن ذلك على الوالدين تقديم النصائح وتوجيههم ومساعدتهم على بناء قدراتهم الذاتية. كما يعد التواصل الفعال عاملاً أساسياً في بناء علاقة صحية، فاستماع الوالدين لأطفالهما يشعرهم بأهمية ما يشغلهم ويمنحهم الثقة بالتحدث اليهم بصراحة من دون خوف، أو أنتقاد».

أبناؤكم بحاجة للعاطفة..  أشبعوا هذه الحاجة بلا تقتير ولا إسراف

كيف تعبّرون عن العاطفة والحب لأبنائكم؟

الإشباع العاطفي من جانب الوالدين تجاه الأبناء نهر يحتاج إلى روافد الفهم، والاهتمام، والبذل، والكلمة الطيبة، حتى يتدفق بخيراته على الأسرة، ومفهوم الإشباع العاطفي في مجتمعاتنا مثقل بالكثير من التقاليد، المتوارثة والمكتسبة، التي جعلت منه «علاقة جافة»...

من هذا المنطلق تنصح الزيودي الآباء بضرورة التعبير عن العاطفة والحب التي يكنّونها لأبنائهم من خلال:

  • التقبيل والاحتضان، يمكن للوالدين استخدام القبلات والعناق لنقل الحب والاهتمام لأبنائهما، بما يعزز الروابط العاطفية ويحقق إشباعاً كافياً.
  • تخصيص وقت للعب معهم من خلال تنظيم الأنشطة سواء البدنية أو الفكرية التي تعزز القرب والتواصل وتقديم الدعم العاطفي لهم.
  • الانصات الجيد، وسماع مشكلات الأبناء ومعرفة احتياجاتهم.
  • استخدام أسلوب الإشادة والتشجيع من قبل الوالدين لبناء ثقة الطفل بنفسه، وتقديره لها.
  • استخدام الحضور العاطفي والتواصل الحقيقي والصادق كأدوات فعاّلة لمنح الطفل العاطفة.
  • تكرار عبارات الحب والتقدير والثناء من الوالدين يعزز الإشباع العاطفي عند الطفل.
  • استخدام أسلوب الإنجازات والمكافآت لتعزيز العاطفة وإظهار الاهتمام والتقدير للأطفال.
  • خلق بيئة تعاطفية داعمة، وجوّ من الأمان، يشعر الأطفال بالمحبة والقبول، بغضّ النظر عن أفعالهم، أو أخطائهم.
  • إبداء الوالدين مدى حبهما واعتزازهما بأبنائهما بكلمات الحب والتقدير.
  • تعليمهم مهارات تنظيم العواطف لمساعدتهم على التعامل مع مشاعرهم بطريقة صحية وإيجابية.

وتخلص الزيودي «لتأسيس علاقة قوية مع الأبناء، على الوالدين التسلح بالتعبير عن الحب لتقريب المسافات، ليوقفوا البحث عن الاهتمام والقبول في مكان آخر، ويتمكنوا من استقبال العواطف بتوازن، ويجيدوا التعرف إلى أنفسهم، ويتقبلوها بعيوبها، فالقسوة والشدة تقودان للجفاء، ومن يتصفح سيرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، يجده مدرسة في التعامل والتربية، فكان عطوفاً رحيماً يلاطف أبناءه، وأحفاده، ويكثر من تقبيلهم واحتضانهم».

اقرأ أيضاً: أهم أساليب التربية الحديثة في بناء شخصية الطفل