لا يختلف كثيرون على أن سن الأربعين هي السن التي ينتصف فيها العمر علاوة على أنها المرحلة التي تزداد فيها الثقة بالنفس والقدرة على الاستجابة لمتغيرات الحياة ومسيرة مختلفة برؤية أكثر نضجاً وحكمة وحلماً.
وسن الأربعين هي السن التي بعث فيها الأنبياء والرسل إلى أممهم، وأطلق عليها العلم مسمى النضج واكتمال الفهم واكتساب التجربة كما اتفق علماء النفس على أنها الوقفة الأهم للتفكير بما مضى وتأمل الحاضر والاستعداد لما سيأتي. وعند البحث سنجد اتفاقاً من جميع الآراء القادمة من الشرق أو الغرب على أن الأربعين هي سن الحسم في العديد من الأمور الحياتية والنفسية، ويبنى عليها ما تبقى من العمر، فقد تختلف خيارات المرء بين الاستقرار على ما وصل إليه أو الانتفاض لتغيير ما انتهى عليه.
وفي ظل انتشار مواقع التواصل وحرية التعليق والكتابة فيها، تناثرت منها ومعها الآراء والأفكار حول كل ما يتعلق بحياة الناس، ومن بينها ما تعنيه سن الأربعين لهم وكيف عليهم مواجهتها أو التعامل معها وكأنها ظرف صعب أو مرحلة تتطلب التوقف عن كل شيء وإعادة التفكير بكل شيء. وبناء على ذلك فكل من لمس تغييراً في أفكاره وقدرة على احتمال الكثير من الأمور والمواقف التي كان يعالجها بعصبية أو بكثير من التصادم في الرأي مع الآخرين، سينظر للأربعين التي قل فيها توتره على أنها سن النضج والحكمة والهدوء.
أما من لا يزال يتردد في مواقفه ويتعثر في خياراته ولا يجد نفسه مستقراً في حياته أو التزاماته فيصفها بأزمة منتصف العمر وطريق الانحدار نحو الهاوية. وآخر يقول بأنها بداية رحلة الاستمتاع بمعنى الحياة بعد أن هدأت روحه وصار قادراً على النظر إلى ما حوله وتأمل الطبيعة بروية وأخيراً ينظر إليها على أنها بداية النهاية لأنه لم يحقق شيئاً ولأنه بدأ رحلة استنزاف ما تبقى له من سنوات لا يراها بالكثيرة.
وينظر الأدباء والحكماء إلى سن الأربعين نظرات مختلفة، فيقول الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط أن الإنسان لا يستطيع أن يطور طبعه بشكل حقيقيّ، إلّا عندما يطأ عتبة الأربعين، لأن الطبيعة الإنسانية تستند في نضجها إلى التجارب المتنوعة التي يخوضها الإنسان وهذا يتعلق بالاعتياد على روتين معين والتفكير بشكل مختلف.
أما الكاتبة الفرنسية فرانسواز ساجان فقد عبرت في روايتها «امرأة عند حافة الأربعين» عن القلق الذي يعتري المرأة غير المتزوجة عندما تصل إلى هذه السن وتجد نفسها وحيدة واقفة على عتبة تغييرات جسدية ونفسية حاسمة، والشك يتسرب إلى قلبها وروحها لتشعر بأنها لم تعد امرأة مرغوب فيها من قبل أحد وهو ما يشكل لها صدمة لا تلبث وأن تتبدد عندما يتعلق بها شاب لا يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر.
ولم تبدأ حياة أجاثا كريستي إلا بعد وصولها إلى الأربعين، ليس بسبب شهرتها التي كانت كبيرة ومرموقة في إنجلترا، بل لأنها وبعد طلاقها من زوجها التقت عالم آثار انجليزي شاباً لا يتجاوز ستة وعشرين عاماً لم يكن يعرف بأنها كاتبة ومشهورة عندما وقع في غرامها. وقد ألفت كتاباً عن حياتها معه قالت بأنها استمتعت بكتابته لأنه عبارة عن شهادة حب.
اقرأ أيضًا: 10 كتب يجب قراءتها قبل بلوغ سن الأربعين