20 سبتمبر 2021

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

محرر متعاون - مكتب القاهرة

محرر متعاون - مكتب القاهرة

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

تطل تلك البنايات كولونية الطابع على شوارع حي الإفرنج بمدينة الإسماعيلية في مصر، كشاهد على واحد من أخطر وأهم فصول تاريخ مصر الحديث، فعلى الرغم من أن الاحتلال الفرنسي لمصر لم يستمر سوى ثلاث سنوات فقط، إلا أن الآثار التي تركها الفرنسيون خلفهم في مختلف مناحي الحياة لا تزال حاضرة حتى اليوم، لتتجسد في هذا الحي العريق المطل على قناة السويس، والذي لا يخلو شارع أو بناية أو حديقة فيه من ملمح فرنسي أصيل.

عمارة كولونية تعانق شريان الملاحة الأخطر في العالم

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

يمتد حي الإفرنج فرنسي الطابع، داخل مدينة الإسماعيلية في الشمال الشرقي للقاهرة، بموازاة المجرى الملاحي للقناة وجزء كبير من بحيرة التمساح، مثل لوحة أبدعتها أنامل فنان ماهر، إذ ينطق بمبانيه كولونية الطابع، وحدائقه الغناء التي تتضمن أندر أنواع الزهور والفواكه وأشجار الزينة، بكل آيات الجمال، وهو ملمح رئيسي يستطيع أن يتلمسه الزائر في كل زاوية وركن من هذا الحي العتيق، الذي وضع حجر أساسه الأول المهندس الفرنسي هوسمان، الذي كلف بتخطيط المدينة بتكليف مباشر من الخديوي إسماعيل قبيل سنوات من افتتاح قناة السويس.

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

وقد راعى هوسمان أن تكون تلك المدينة الوليدة، التي أنشئت عقب افتتاح القناة في نهايات القرن الثامن عشر، نسخة مصغرة في تخطيطها من باريس.

اعتمد هوسمان في تخطيطه لمدينة الإسماعيلية على أن تقسم المدينة إلى قسمين:

  • أحدهما مخصص لسكن الأجانب من الفرنسيين والمالطيين واليونانيين والإنجليز، هؤلاء الذين عاشوا في المدينة لعقود، وقد أطلق على هذا القسم الحي الأوروبي أو الإفرنجي.
  • والثاني هو الحي العربي المخصص للمصريين من سكان المدينة وأهلها الأصليين.

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

غير أن التباين يبدو واضحاً في الحيين، فبينما يعاني حي العرب شوارعه الضيقة التي تقترب من شكل الحواري في العمارة المصرية القديمة، يتميز حي الإفرنج بإطلالته الساحرة على القناة وبحيرة التمساح، فضلاً عن اتساع شوارعه ودقة تنظيم ميادينه، إلى جانب ما يحفل به من أبنية كولونية الطابع، تتناثر وسط حدائق شاسعة على صورة فيلات صغيرة بحدائق إضافية ذات أسوار خشبية قليلة الارتفاع.

قصة بناء «قصر ديليسبس»

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

ترصد الكاتبة الفرنسية سيلين فريمو، في كتابها الصادر عن المركز الفرنسي بالقاهرة في ثمانينيات القرن الماضي، آيات الجمال التي يتميز بها حي الإفرنج في مدينة الإسماعيلية، والذي تتصدره تلك الفيلا الفخمة التي سكنها المهندس الفرنسي فردينان ديليسبس الرئيس المؤسس لشركة قناة السويس، في 27 أبريل عام 1862، وهي الفيلا التي تقع بالمربع الأوسط للحي، في إطلالة مباشرة وساحرة على بحيرة التمساح عند اتساعها الرهيف، قبل التقائها بالمجرى الملاحي للقناة.

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

وعلى الرغم من أن «قصر ديليسبس»، حسبما يطلق عليه أهالي المدينة، يبدو متواضعاً في بنائه ومعماره، إذا ما قورن بغيره من البنايات الفرنسية الأخرى المنتشرة في الإسكندرية والقاهرة، إلا أن هذا القصر يبدو متميزاً مقارنة بغيره من الفيلات الصغيرة المتناثرة حوله، بسبب ما أدخل عليه وقت بنائه من إضافات، شملت العديد من القطع الأثرية الفرعونية الأصلية، إلى جانب حديقة حيوانات صغيرة كانت تضم العديد من طيور الزينة والحيوانات غير المفترسة.

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

وقد أقام ديليسبس في هذا المنزل لفترة طويلة، حيث كان يشرف بنفسه على أعمال حفر القناة، وقد ظل هذا القصر على حاله لسنوات طويلة، حتى بعد أن عادت القناة إلى مصر عام 1956 بعد قرار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بتأميمها، وهو القرار الذي آلت بمقتضاه ملكية القصر والفيلات المحيطة به في حي الإفرنج للإدارة المصرية، قبل أن يتم تحويل القصر والمبنى الملاصق له قبل سنوات، إلى متحف يروي تاريخ القناة.

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

تخضع بيوت الفرنسيين في حي الإفرنج بالإسماعيلية لعميات صيانة دورية، تشمل أعمال الترميم اللازمة للحفاظ على صورتها الأصلية، وما تتضمنه من فرش تتميز بالبساطة والدقة في أعمال الديكور.

حكايات بيوت تركها الفرنسيون خلفهم في "حي الإفرنج" في الإسماعيلية

كما تحيط حدائق الملاحة بحي الإفرنج من كل جانب، وتنتهي الحديقة التي تمتد بموازاة القناة، إلى جزيرة صغيرة يطلق عليها جزيرة الفرسان، وقد كانت هذه الجزيرة تضم حتى وقت قريب واحدة من أهم الاستراحات الرئاسية في مصر. وقد تحولت الجزيرة الآن إلى جزء من فندق كبير يطل على القناة.

* تصوير: أحمد شاكر

 

مقالات ذات صلة