حصل طفل موهوب في إنجلترا على أول وظيفة له وهو في سن التاسعة، بسبب رسوماته المبتكرة خصوصاً على الجدران، الأمر الذي جدد طرح قضية كيفية تعامل أولياء الأمور مع أطفالهم الذين يحبون الرسم على جدران غرفهم.
فقد كان الطفل جو جريج يواجه مشكلة مع المدرسة بسبب شغفه بالرسم على جدرانها، ولكن في الوقت نفسه كان والداه يشجعاه على استكمال هذا الشغف بأن أرسلاه إلى ورشة لرعاية موهبته الفنية، وكانت المفاجأة أنه تمت دعوة جو لتزيين جدران أحد المطاعم في إنجلترا. والآن، يعرف جو باسم «طفل الخرابيش» وله موقعه الخاص على الويب، بالإضافة إلى صفحات التواصل الاجتماعي التي تعرض فنه الرائع، تلك الحالة الإيجابية غيرت ردود أفعال بعض الأهالي تجاه سلوك أبنائهم أثناء ممارستهم هواية الرسم.
هذا ما استطلعته «كل الأسرة» خلال تواجدها في ورشة الرسم على الجدار، التي كانت ضمن فعاليات «مهرجان الشارقة القرائي 2023»، الذي أقيم في إمارة الشارقة مؤخراً، وأطلقوا عليها اسم «غرفة التعبير» لمعرفة أسباب عشقهم للرسم على الجدار، وكيفية تعامل الأمهات والآباء معهم، حيث كنا ننتظر مغادرة مجموعة من الأطفال لغرفة التعبير، حتى كانت مجموعة أخرى من الصغار في انتظار دورهم لارتداء ملابس بيضاء تم تخصيصها لمن يدخلون إلى هذه الغرفة، حيث يتاح لهم فيها التعبير عن أحلامهم وأفكارهم بلغة الألوان، فيرسمون على جدارها مباشرة، أو على اللوحات البيضاء تحت إشراف مدربين متخصصين.
فعندما سألنا الطفل عبدالله حامد بأنه يشعر بحرية أكثر، وأن ثبات الجدار يساعده على التحرر في الرسم وعدم التشتت، ولكنه على الرغم من ذلك لم ينكر أنه لم يكن يشعر بالارتياح التام، فقد اعتاد الرسم على الجدار في الخفاء خشية أن تراه والدته وتعاقبه.
ورشة للرسم على الجدران
أما سارة وليد فقد لفتتها الألوان التي يستخدمها الأطفال بشكل عشوائي أثناء الرسم، وتقول «أحب الألوان الزاهية، خصوصاً إذا نثرتها على الجدار بطريقة عشوائية غير منظمة، فهذا الأمر يشعرني بسعادة غامرة، ويجعلني أرغب في استخدام المزيد من الألوان وأوزعها بيدي مباشرة، وهذا لا أشعر به في الورق ولا حتى اللوحات الكبيرة، كما هي الحال بالرسم على الجدران».
بينما يشعر حمزة أحمد بالحماس، فقد كان يبدأ بمجرد ارتداء الملابس التي تحميهم من رذاذ الألوان، حيث يتحرك الأطفال في غرفة التعبير بمرح ونشاط، حيث لفت حمزة إلى أن موضوع ارتداء ملابس خاصة للرسم أعطى لموضوع الرسم على الجدار قيمة، خصوصاً أنني محروم من ممارسته لأنني أريد الحفاظ على نظافة المنزل، وأخشى من غضب والديّ، لهذا أطالب أن تتوفر في أماكن اللعب والمنتزهات جدران نرسم عليها مثل الرسم الغرافيتي، فهو فن معترف به، وله عشاقه، ومبدعيه.
من جهته، وصف صالح محمد أصوات أقلام الرصاص وأقلام التلوين على الجدران بأنها الأروع على الإطلاق «صوت الخربشات على الحائط لذيذ وغني ويحرك بداخلي مشاعر كثيرة، فقد أقنعت أمي أن تخصص لي جداراً أرسم عليه في غرفتي، وأحياناً كثيرة تشاركني الرسم عليه».
ولمعرفة أسباب حب الأطفال للرسم على الجدران وكيفية التعامل مع موهبتهم، تحدثنا مع الأخصائية النفسية هالة نبيل، التي أوضحت أن الرسم على الجدران أو الأثاث المنزلي يكمن في رغبة الطفل في إظهار إبداعه وتطور شخصيته، «فضول الطفل يدفعه للتعبير عن نفسه أمام الكبار، وأنه أصبح قادراً على التحكم بالقلم والألوان، كي يفتخرون به ويشعرون أنه يرغب في مزيد من الحركة والاهتمام، ويصر الطفل على جذب الانتباه بالرسم على الحائط لأنه ذكي ويعلم أن والديه سيأتيان لرؤية ما فعله، وفي بعض الأحيان يرسم الطفل لأنه يشعر بالملل، ويريد فعل أي شيء مثير كنوع من المغامرة، ولكن كل هذا لا يمنع حقيقة الإبداع الكامنة بداخله، وسيكررون محاولة الرسم في كل مكان استجابة لرغبته في الاستمتاع بالرسم على مسطحات واسعة وكبيرة. وهنا يجب أن يتبع الأهل أسلوب الحوار مع الطفل بل ومشاركته هوايته كي يشعر بالثقة، ودفعه للمشاركة في ورش للرسم، أو تشجيعه على الرسم على الورق أو الخشب، أو يمكن شراء سبورة سوداء اللون يرسم عليها بالطبشور إذا توفرت، فهي محببة لجميع الأطفال في الغالب، والاستمرار في البحث عن بدائل للرسم على الجدران، كي لا يفسد الطفل مظهر المنزل ونظافته».