14 نوفمبر 2023

د. باسمة يونس تكتب: لنبحث عن هدف

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية

د. باسمة يونس تكتب: لنبحث عن هدف

هل هناك رابط بين الأهداف وقوة الذكريات الشخصية؟

وللإجابة عن هذا السؤال أجرى علماء النفس دراسات برهنت على أن الأشخاص الذين لديهم هدف يتمتعون بذاكرة وصحة بدنية وعقلية أفضل وأمراضهم أقل خطورة من غيرهم بسبب وجود رابط بين الإحساس بالهدف وقوة حضور الذكريات الشخصية.

ومن أجل إثبات ذلك، أجرت الأستاذة «أنجلينا سوتين» في جامعة فلوريدا دراسة لإثبات الصلة بين إحساس الفرد بالهدف وقدرته على تذكر التفاصيل بشكل أكبر وأفضل، وأكدت بذلك أهمية الذكريات الشخصية في حياتنا اليومية، فهي تساعدنا على تحديد أهدافنا والتحكم في مشاعرنا وبناء علاقات ناجحة مع الآخرين.

وبناء على هذه الدراسة نستطيع القول بأن الإحساس بالهدف لا يسهل الحياة ويمنح الناس دعماً يساعدهم على النمو والتمتع بحياة صحية فقط بل ويجعل من استعادة الذكريات ممارسة أكثر حيوية وتماسكاً وثراء.

كما برهنت على أن غياب الهدف من حياة الإنسان يسيء لصحته العقلية وقدرته على التذكر واستعادة ذكرياته أكثر مما قد يتسبب به الاكتئاب.

وتزداد أزمة من لا يملكون هدفاً في الحياة بسبب عدم معرفتهم بوظيفته الأساسية وبأن الإحساس بحضوره يساعد الناس على تحقيق أشياء كبيرة معاً والبقاء على قيد الحياة وهم بصحة عقلية وجسدية أفضل، كما لا يدركون وجود طرق تسهل العثور على أهدافهم في الحياة وتعزز تطورها.

ومن هنا بدأ الأطباء يدرسون كيفية مساعدة العاجزين عن العثور على هدف يمكن أن يغير حياتهم ووجدوا أنه يمكنهم عمل الكثير مثل المشاركة في جمعية أو البحث في موضوع مهم أو حتى تعليم الأطفال القراءة والقراءة لهم ومعهم.

وبينما يعتقد الكثيرون أن الهدف ينبع من تميز البعض عن الآخرين بمواهب خاصة، يرد العلماء بأن هذا جزء من الحقيقة لأن الهدف يمكن اكتسابه وتنميته أيضاً من خلال ارتباطنا بالآخرين، فغالباً ما نجد أهدافنا من خلال تعاملنا مع الأشخاص من حولنا ما يجعل أكثر أسباب وقوع الناس في أزمة غيابه هو العيش في عزلة عن الآخرين.

واعتبر العلماء أن القراءة والكتابة تحدث فرقاً كبيراً في المقام الأول، فهي تجعل الناس أكثر قدرة على امتلاك إحساس أقوى بالهدف وتساعدهم في الخروج من أزمة غيابه بسرعة، فالقراءة بأنواعها وعلى وجه التحديد قراءة القصص الخيالية، وخصوصاً للمراهقين، تسمح لهم بالتفكير في حياة الشخصيات والتجارب التي يعيشونها مما يمنحهم نظرة ثاقبة محددة تساعدهم على رؤية الهدف في حياة الأشخاص الآخرين والتعلم منها.

وتساعد القراءة في العثور على معنى في الحياة من خلال تعزيز فضول الإنسان لتحديد العقبات التي تواجه حياته وماهي نقاط القوة التي تساعده في التغلب عليها والتي أمكنته في مرات سابقة من تجاوزها وكيف ساعدته قوته في تحسين حياة الآخرين بالمقابل.

ومثل القراءة، الأعمال التطوعية التي تساعد على تقديم الشكر والامتنان، وهو هدف بحد ذاته، مع وجود العائلة والمجتمع، فالأشخاص المحيطون بنا والأشياء المشتركة بيننا وإمكانية انضمامنا إليهم كلها لها تأثير هائل في إحداث هذا التأثير وتساعدنا في العثور على هدف جديد يعزز ذاكرتنا ويسهل حياتنا.