يتداول الشباب فيما بينهم عبر منصة الوظائف والتواصل الاجتماعي «لينكد إن»، سؤالاً حول الإنجازات التي حققوها في العام الماضي، وما يخططون له في العام الجديد 2024، ويتساءلون عمّا لديهم ليستعرضوه في صفحاتهم الشخصية. وتكشف هذه النوعية من المنشورات السلوك العملي الذي يتحلى به شباب اليوم، والتخطيط السريع، عملياً وحياتياً، لما فرضته الحياة عليهم.
فهل التغييرات السريعة والأحداث المفاجئة هي التي أثرت في خطط الشباب؟ ولم تنحصر الأهداف والأمنيات في الجانب العملي على حساب الأمنيات العاطفية والاجتماعية؟
قبل سنوات ليست ببعيدة، كانت الأمنيات الجميلة، وتبادل التهاني هي آخر ما يذكره الناس قبل حلول الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل، واستقبال عام جديد، ولكن الأمر أصبح اليوم أكثر تعقيداً وأهمية، بدءاً من شراء أجندة خاصة بالعام الجديد، وعليها شعارات تحفيزية، ومقسّمة بطريقة تلهم الشباب أفكاراً جديدة لترتيب احتياجاتهم، وخططهم الجديدة، واستعراض ما تم، أو سيتم من خلال «لينكد إن»، كمنصة لمشاركة الرحلة العملية للموظفين، خصوصاً من فئة الشباب.
وقد تناولت «كل الأسرة» هذه الحالة من جانب التحدّيات التي تفرض على الشباب ترتيب أولوياتهم، وأهدافهم، عاماً بعد عام:
تدوين الأهداف سلاح ذو حدينيقول خالد محمد «تعلّمنا طريقة كتابة الأهداف في برامج إعداد القادة، أو التأهيل الوظيفي في المؤسسة التي أعمل فيها، ولكن في البداية أريد أن أشير إلى أن هذه الطريقة تُعد سلاحاً ذا حدّين، فهي تجعلنا نسابق الزمن كي نحقق تلك الأهداف، ولكنها لا تدعنا نخوض تجارب جديدة، أو غير متوقعة، كما أن هناك ظروفاً تطرأ على الواقع الذي نعيشه، تدفعنا لتغيير المسار، خصوصاً أن سوق العمل أصبح متغيراً، وهناك وظائف جديدة، ولا يمكن أن نسير خلالها بطريقة نمطية».
الواقعية في تحديد الأهداف
وترى لطيفة علي، أن جلسة كتابة الأمنيات والأهداف في حد ذاتها تعطي طاقة إيجابية «قبل شهر من نهاية العام، نشتري دفاتر ملونة، ومبهجة، تجعلنا نشعر بأن القادم سيكون أجمل، ولكن نحن من نضع أهدافاً أكبر من واقعنا، لننفر من هذا الدفتر الذي يذكّرنا بأننا متخاذلون، وغير جادين في تحديد أهدافنا. لذلك، أرى أن كتابة الأمنيات لابدّ أن تكون بسيطة وحالمة، وألا نتطرق فيها لموضوع العمل، أو الدراسة فقط، كي لا نحوّل اليوم الأول من السنة إلى محطة لتعجيز أنفسنا خلال العام، خصوصاً أن الأحداث المفاجئة، والتطور السريع تغير توجهنا 180 درجة، فهنالك من يخطط لمشروع لكنه لا يجد أمامه فرصة عمل إلا كموظف، والعكس كذلك، كما أن الأحداث الجارية، وما يحدث حول العالم من اضطرابات، يجعلنا نتراجع عن فكرة السفر للدراسة في الخارج، وهي واحدة من الأهداف التي وضعتها شخصياً في مفكرتي في العام الماضي».
تبادل خبرات من خلال استعراض الإنجازات
أما حسن البلوشي، فقد تحدث عن ظاهرة استعراض الإنجازات على «لينكد إن»، ويرى أنها وسيلة رائعة لتبادل الخبرات في نهاية العام «لقد لاحظت موضوع استعراض الإنجازات عبر «لينكد إن»، الأمر الذي يتيح لنا معرفة ما يحدث في سوق العمل، والمؤسسات التي تطور من مهارات موظفيها، فأنا أنتظر هذه النوعية من المنشورات كي أتعلم منها، وأكتب أهدافي بناء على ما استخلصته».
العائلة على قائمة الأولويات
لفتت فاطمة أحمد، إلى حقيقة غياب الأمنيات الشخصية والعاطفية في أجندة تدوين الخطط والأهداف «نكتب كل ما يتعلق بالدراسة والعمل، ولكننا ننسى أن نفكر في التخطيط لتحسين صحتنا النفسية، وتعزيز علاقتنا الاجتماعية، فعندما نكتب قائمة ما علينا فعله، نتسابق في تحقيق كل ما كتبناه كي نشعر بالرضا في نهاية العام، لذلك قررت هذا العام أن أضع عائلتي وتوطيد علاقاتي بأفرادها على قائمة هذه الأولويات».
لماذا لا نخطط للزواج؟
تقول علياء طارق «لماذا لا نتحدث عن الزواج وتكوين أسر جديدة؟ لقد أصبحنا عمليين جداً، حتى فقرة الأمنيات السعيدة أصبحت لابد أن نستعرضها ونشاركها عبر الـ«سوشيال ميديا»، لذلك أصبحت أخجل أن أتحدث عن أمنيتي في أن أقابل الشخص الذي أحبه، وأتزوجه، وأكوّن معه أسرة سعيدة، فالجميع يريد أن ينجح، وأن يصبح مشهوراً، أو يدشن مشروعاً معيناً، ولكن أين نحن من كل ذلك؟ لقد دنوت من الـ32 من عمري، وأنا أعمل وأخطّط، ولكن في الحقيقة أريد أن أركز على أهداف إنسانية، وهي الزواج، في وقت يستبعد الشباب فيه فكرة الزواج، ويرون أنها غير مهمة، أو تعيق أهدافهم العملية».
التعلم المستمر والتطور السريع
أما تخطيط إيهاب يوسف فيعتمد على التعلّم «أضع في أولوياتي تعلم شيء جديد، الأمر الذي يجعلني أغيّر أهدافي خلال العام، أكثر من مرة، فعندما أطوّر مهارة جديدة في نفسي، أتجه مباشرة للمكانة التي يمكن أن أوظفها فيها، لذلك لا أحب التقيد بهدف محدد، فهدفي هو التعلّم المستمر، والتطور السريع، كي أتدرج وظيفياً في مناصب تتماشي مع ما اكتسبته من خبرات، لذلك لا يمكن أن أقيّد أهدافي في إطار محدد، وإلا لن أتعلم أشياء مختلفة».