مئات الطيور تحلّق بحثاً عن التتويج في منافسات بطولة فزاع للصيد بالصقور
منذ عام 2021 ومركز «حمدان بن محمد لإحياء التراث» يعمل على تعزيز التراث الوطني الإماراتي وتناقله بين الأجيال، من خلال إطلاقه بطولة الصيد بالصقور، هذه المسابقة التراثية التي ترسّخ الثقافة الإماراتية العريقة في الجيل الجديد، وتعزز الوعي لديه بالقيم والعادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع، وتعميق دوره، وتفعيل مشاركته في حفظ الهوية الوطنية.
وانطلقت مؤخراً، منافسات بطولة فزاع للصيد بالصقور الرئيسية «التلواح»، التي تنظمها إدارة بطولات فزاع، في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث في منطقة الروية، بدبي، وسط مشاركة كبيرة في أشواط العامة مُلّاك، في فئة جير شاهين. وشهدت البطولة تنافساً قوياً من أجل حصد المراكز الأولى، وستتواصل حتى 14 يناير الجاري، بمجموع جوائز مالية يتجاوز الـ 17 مليون درهم، حيث شارك الصقارون بأكثر من 200 طير في اليوم الأول للمنافسات الذي كان مخصصاً لأشواط جير شاهين للعامة مُلّاك.
وخلال لقاءات أجرتها «كل الأسرة» مع عدد من الصقارين المشاركين، أوضح الصقار الشاب عيسى خميس الكندي أن «النشأة في بيوت مهتمة بالصقور تخلق شغفاً وراثياً بهذا النوع من الرياضة، لقد كبُرت في عائلة مربية بالصقور، فأصبحت بالتالي واحداً من هؤلاء الصقارين الإماراتيين الذين يحرصون على حفظ تراث الأجداد، ومشاركتي في بطولة فزاع هي الهدف والحلم لكل صقار، فهي من المنافسات المهمة التي نستعد لها قبل موعدها بفترة طويلة، ونحرص على تجاوز أيّ تحديات معتادة مثل المرض المفاجئ للصقور، أو تقلبات الطقس، نطمئن الصقر ونتحدث بجانبه كثيراً، فالصقر ليس كما يظن الناس أن له صفات مشتركة، فهناك الصقر العصبي، الصبور، الهادئ مثله مثل الإنسان في هذا الجانب، لذلك أختار أفضل الطيور المنجزة والتي تليق بهذه المنافسة، فكما ترون جميع الصقور المشاركة على أعلى مستوى، فالجوائز هنا كبيرة، والمنافسة ممتعة، وهي فرصة لنرد الجميل لدولة الإمارات التي تبذل جهداً كبيراً لاستدامة هذه الرياضة المرتبطة بجذورنا».
أما الصقار سلطان بن كليب، فيوضح «نشارك في المسابقات التي تحفزنا للاستمرار، ولاقتناء المزيد من الصقور التي تعكس تراثنا الذي يعمل قادتنا وشيوخنا لدعمه واستدامته، فهم أطال الله في أعمارهم، يمارسون كل الهوايات التي نمارسها، بكل تواضع واهتمام، وهم قدوتنا في ممارسة رياضة الصيد بالصقور، لذلك نجد الحافز للاستمرار وتقديم أفضل ما لدينا خلال البطولات المختلفة، والتي نجدها فرصة للالتقاء ببعضنا بعضاً كصقارين قدامى، والتعرّف إلى صقارين جدد، خلال جلسات سمر صباحية وليلية، نتشارك قصصنا وتجاربنا، ونشجع بعضنا بعضاً، فقد تعلّمنا من الصقور الصبر والذكاء والفخر، وهذه الصفات تجمعنا، وتقرّبنا من دولتنا، وتزيد من ارتباطنا بها».
من جهته، يشير الصقار محمد السلامي في حديثه إلى الارتقاء بهذه الرياضة، من خلال المشاركة في العديد من المنافسات التي تنظمها دولة الإمارات على مدار العام، ويقول «بشكل عام تربية الصقور مكلفة، ونحن من نتولى كل شيء يتعلق بها، من توفير البيئة النظيفة والمناسبة لها، والعلاج المستمر، فمن المعروف أن الصقر يصاب بالمرض فجأة، من دول أي مقدمات، والمنافسة في بطولة فزاع لصيد الصقور صعبة جداً، لا يمكن لأي صقار المشاركة فيها، لذلك نُعدّ برنامجاً خاصاً قبل المشاركة في السباق. والصقور عموماً، حساسة، ولابد من معاملة خاصة لها، وبشكل عام، نتعامل مع الصقر كصديق، يجلس مع أفراد العائلة، ويخرج مع الصقار لجلسات الأصدقاء، ويكتسب من صفاتنا، ونكتسب من صفاته أيضاً».
كما تحدث الصقار الشاب عتيق مروان المري، عن الدرس الأول الذي تعلّمه من الكبار باعتباره من الصقارين الأصغر سناً في المسابقة «الاهتمام بالصقر وصحته هو الدرس الأول الذي يتعلمه كل صقار، فلا يمكن الاعتماد على الطير، في أيّ مسابقة، قبل مرور شهور على اقتنائه، فالدخول في البطولة لا يعرف كبيراً ولا صغيراً، فالمهم هو الصبر، وتعزيز مهارة الصقر كي نستحق التواجد في بطولة اليوم، فتربية الصقور مكلفة، والجوائز التي يتم تخصيصها للفائزين مجزية، وتساعدنا على شراء الطعام والأدوية، والإمكانات المطلوبة لتوفير بيئة مناسبة للصقور».
وشهدت الانطلاقة الصباحية للعامة مُلّاك، تفوق عبد العزيز الكندي في شوط الرمز فرخ جير شاهين، محققاً المركزين الأول والثاني بالطير «الأسمر» بزمن قدره 17.233 ثانية، والطير «الخضر» بزمن قدره 17.420 ثانية، وجاء ثالثاً فهد محمد المنصوري بالطير «اكس» بزمن قدره 17.448 ثانية.
وأكد عبد العزيز الكندي، أن أشواط الرموز تحمل مواصفات خاصة جداً، وهي بحاجة إلى هدوء وتركيز كبيرين، خاصة في بطولة كبيرة مثل بطولة فزاع للصيد بالصقور، حيث تجتمع نخبة الصقارين على مستوى الدولة، في تنافس أخوي يجمعهم على المحبة. وأضاف الكندي «كل الشكر لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث على هذه البطولة التراثية العريقة، وعلى هذا التنظيم المثالي، الموسم الحالي قوي للغاية، ويتطلب تحضيراً جيداً، والسعي للمشاركة بأقوى الطيور من أجل تحقيق المراكز المتقدمة».
فيما كسب حمد سلطان العرياني المركز الأول في شوط الرمز جرناس جير شاهين، بالطير «مرهق»، بزمن قدره 17.602 ثانية، تلاه ثانياً سلطان راشد المنصوري بالطير «نوماس»، بزمن قدره 17.687 ثانية، وحلّ ثالثاً محمد جمعة الكتبي بالطير «أمتار» بزمن قدره 17.737 ثانية. وتقام أيام 2 إلى 5 يناير، أشواط العامة مفتوح لفئات «جير شاهين، جير تبع، بيور جير وقرموشة»، فيما تقام أيام 9 إلى 12 يناير، أشواط الشيوخ للفئات الأربعة نفسها، وتقام يومي 7 و8 يناير، أشواط المحلي مفتوح لفئتي حر وشاهين على التوالي، فيما سيكون يوم 6 يناير لأشواط الناشئين لفئتي تبع، وتبع جير.
وفي لقاء مع راشد الخاصوني، مدير إدارة بطولات فزاع في «مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث»، أشار إلى «حرص المركز على تعزيز بطولات فزاع للصيد بالصقور لتكون في صدارة المشهد، واستمرار تطورها من 2021 وحتى اليوم، ونستمر في نشر وزيادة ممارسة هذه الرياضة التراثية التي تحظى بزيادة كبيرة في عدد البطولات المخصصة لها في مختلف مناطق الدولة، حتى الناشئين الأقل من 14 سنة، نخصص له أشواطاً خاصة لهم حتى نساعد على استدامتها وخلق الشغف لديهم، ولدينا «عزبة البوش» التي تجمع الأطفال والناشئين الذين يهتمون بالرياضات الوراثية، ودور المركز في توفير جميع التسهيلات التي من شأنها أن تسّرع عملية التسجيل وتبديل الصقور، وتبادلها، وغيرها من العمليات الأخرى، من خلال التطبيق الإلكتروني، وعملنا على رفع جودة التنظيم، وتقديم كل ما هو جديد في كل نسخة».