02 يونيو 2022

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

محررة في مجلة كل الأسرة

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

«من سبق لبق».. مثل شعبي عزز ثقافة السعي السريع نحو الرزق لدى شعوب منطقة الخليج العربي، الذين كان أهم وجهاتهم بحر واسع يحمل في أعماقه الرزق لصيادين تحولت مهنتهم عبر الزمن إلى ثقافة شعب يهوى البحر والتنافس بين أمواجه، فقد كان البحر في الصباح شريك الأجداد وصديقهم في الليالي الطويلة يلقون في أحضانه آمالهم ويشكون إليه آلامهم، وقد توارثت الأجيال هذه العلاقة المتينة مع البحر، فأحيوا منافسات الأجداد للسعي وراء الرزق على شكل رياضة تجديف القوارب وغيرها من الرياضات البحرية.

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية؟ وهل ساهموا في تطويرها أم أنهم يمارسونها كما كانت في الماضي؟ وما الطقوس المصاحبة لهذه الرياضة؟

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

يحكي البحر روايات كثيرة تمثل جزءاً من الآداب والقيم التي ترسخت لدى الشعب الإماراتي الذي عاش على الساحل الجميل وفي قلب الصحراء الساحرة. وعلى الرغم من مشقة العيش ظلت الذكريات راسخة وانتقلت عبر الأجيال التي ورثت هذا العشق بزمن الطيبين والتعلق بالطبيعة، حيث البحر أعطاهم من خيره وعوالمه، فقد كانوا يطلبون الرزق في قوارب تبحر في عرض البحر صنعوها بأياديهم وبنوها بعدة أحجام كل منها تناسب غاية معينة.

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

واليوم أضاف الشباب الإماراتي غاية جديدة لتلك القوارب لا تختلف في مضمونها عن الغايات القديمة، ولكن الأهداف وحدها هي التي اختلفت، فقد زاد الاهتمام بتعزيز رياضة تجديف القوارب البحرية بفضل حرص مؤسسات عديدة في الدولة على توفير السبل لممارستها بالتعاون مع نادي دبي الدولي للرياضات البحرية، بدعم وتشجيع من قادة الدولة وشيوخها.

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

وتحرص طواقم القوارب المشاركة في السباقات على رفع صور الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، عند الوصول إلى خط النهاية كلمسة وفاء تقديراً لدوره الرائد في تأسيس وإطلاق قوارب التجديف المحلية 30 قدماً موسم 1996-1997، وقد تطورت هذه الفئة عاماً بعد عام حتى حققت انتشاراً واسعاً تخطى حدود الإمارات ليجمع الأشقاء من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي.

ماذا يقول الشباب عن رياضة تجديف القوارب التراثية؟

بدأت بممارسة رياضة قوارب التجديف من سن العاشرة، ولم أكن أستوعب حينها أنني أقوم بدوري في نقل التراث من جيل لجيل

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

يخشى عمر راشد الحوسني، من الإمارات، من اندثار تراث الرياضات البحرية، «بدأت بممارسة رياضة قوارب التجديف من سن العاشرة، ولم أكن أستوعب حينها أنني أقوم بدوري في نقل التراث من جيل لجيل، فقد كنت أرى أنني أنتمي لهذا العالم الذي لا يتوقف الحديث عنه في جلسات الآباء والأجداد، فقد تعلمت منهم قصص الصبر على التعب وهذا ما اكتسبته من خلال ممارستي هذه الرياضة، كما تعلمت لغة أصيلة في التواصل مع الناس، واكتسبت مهارات أخرى مثل التعاون والتسامح، فغالباً نختلف كفريق أثناء المنافسات ولكن لا يستمر هذا الخلاف بعد انتهاء السباق، فمهما بلغت حدة الحديث فيما بيننا فإنه ينتهي بانتهاء السباق، كما تعلمت الالتزام خاصة فيما يتعلق بفترة التدريبات التي لا تتوقف خلال الأسبوع، كي نتمكن من تمثيل دولتنا التي توفر الإمكانات كافة لممارسة هذه الرياضة».

عشقت البحر وأسراره من الحكايات التي كنت أسمعها عن رحلات إخوتي

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

ساهم أشقاء سلطان الحوسني في تعلقه برياضة قوارب التجديف، «عمري 16 عاماً وأمارس هذه الرياضة منذ سنوات، حين كنت أشاهد اهتمام إخوتي الأكبر بها، وهم من شجعوني على السير على نهجهم ونهج أجدادنا، فقد عشقت البحر وأسراره من الحكايات التي كنت أسمعها عن رحلاتهم، والأهازيج التي كانوا يتغنون بها، وكثيراً ما تخيلت نفسي وأنا بينهم في تلك الأيام، وها أنا أشبع هذه الرغبة من خلال رياضة قوارب التجديف، بل أحاول أن أنقل ما اكتسبته من تلك القصص في تعاملي مع أفراد الفريق أثناء الاستعداد للسباق وخلاله أيضاً، من روح التنافس الشريف، والحرص على الوصول للغايات البعيدة، وهذا الأمر انعكس على حياتي بشكل عام».

تطورت صناعة القوارب بسبب الإقبال على ركوبها كرياضة، وهذا التطور شمل تشريح الأخشاب، التلميع، مواد خام لمنع دخول الماء، وتسهيل حركة القوارب

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

بدر عبد الحكيم، متسابق قديم وقد امتهن صناعة القوارب لخبرته الكبيرة في المجال، «أحرص على نقل خبرتي للمتسابقين الجدد، فقد شاركت في العديد من السابقات وما زلت أشارك، واليوم من خلال عملي في صناعة القوارب وبيعها ألاحظ التطور الذي شهدته هذه الرياضة، وكذلك ألاحظ زيادة إقبال الشباب على ممارستها، فقديماً كان هناك 3 أشخاص يجدفون بمجداف واحد نظراً لحجم القارب الكبير، ولكن اليوم قل العدد والحجم فأصبح كل متسابق يجدف بمفرده، هذا فيه صعوبة ويقلل فرص التعاون علي في التجديف، ولكن بالمقابل قلت الصعوبات في نقل القوارب إلى أماكن السباق، فقد تطورت صناعة القوارب بسبب الإقبال على ركوبها كرياضة، وهذا التطور شمل تشريح الأخشاب، التلميع، مواد خام لمنع دخول الماء، وتسهيل حركة القوارب، ولكن بقي الشكل تقليدياً ولم يتغير».

نادي تراث الإمارات يتوج الفائزين بسباق أبوظبي لقوارب التجديف التراثية


رياضة تجديف القوارب التراثية هي الرياضة الوحيدة التي لم تتوقف خلال فترة جائحة «كورونا»

يتحدث محمد عبد الله حارب، المدير التنفيذي لنادي دبي الدولي للرياضات البحرية، عن اهتمام الدولة بسباق تجديف القوارب، «هذه رياضة تراثية بحتة، تطورت عبر الزمن على مستوى دول الخليج العربي إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، وتحديداً في دولة الإمارات بفضل دعم المغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وبفضل تمسك الشباب بهذه الرياضة التراثية التي تشهد منافسة كبيرة على مستوى الخليج، فهي الرياضة الوحيدة التي لم تتوقف خلال فترة جائحة «كورونا»، لذلك نحرص من حين إلى آخر إلى تطوير منظومة رياضة قوارب التجديف بالكامل، لتنظيم السباقات بشكل مختلف، مثل آلية انطلاقها، أماكن السباق في المساحات المائية المغلقة وليس في البحر المفتوح فقط، الأمر الذي سهل علينا العديد من الأمور».

كيف توارث الشباب رياضة تجديف القوارب التراثية في الإمارات؟

ويكمل «أن هناك دعم المؤسسات الحكومية منها شرطة دبي وأبو ظبي والفجيرة، واهتمام من دول الخليج مثل البحرين وسلطنة عمان. ونظراً للإقبال أطلقنا فئة السباقات المفتوحة لتضم فرقاً من هذه المؤسسات، كما تطورت منظومة التدريب سواء في الأكاديميات الرياضية، ومنظومة إقامة الفعاليات والدعم المادي، من حيث المتسابق بالجوائز، واختيار المكان بحيث أن تكون هناك واجهة مميزة، والآن، في المجاري المائية بتوجيه من مجلس دبي الرياضي، لتغطية المعالم الحديثة تحت مصطلح السياحة المائية».