ما من بلد في العالم إلا وقد يتأثر بعوامل جوية وتقلّبات في الطقس قد يسببها منخفض جوي، وقد يكون تأثير المنخفض الجوي بسيطاً، فيمرّ مرّ السحاب، أو قد يكون كبيراً، فيصطحب معه السّحب الركاميّة السّود، والأمطار الغزيرة، والرياح العاتية.
وبالتزامن مع ما حدث في الإمارات العربية المتحدة، الأسبوع الماضي، بسبب تأثير منخفض جوي تشكل في المحيط الهندي، واتجه نحو بحر العرب، واجتاح عدداً من الدول الخليجية مصحوباً برياح قوية، وأمطار غزيرة، تساءل الكثيرون عن كيفية تشكُّل المنخفض الجوي، وتأثيراته، ومدى قوّته.
ولتسهيل الفكرة، نقدم لمحة مختصرة ومبسّطة عن المنخفضات الجويّة، وكيفية تشكّلها، وتأثيراتها:
ولادة المنخفض الجوي وتطوّره
منذ بداية الأرصاد الجوية، شكّلت المنخفضات الجوية موضوعاً لأبحاث مكثفة. والمنخفضات الجوية هي مراكز ضغط منخفض قد تتشكل في مختلف بلدان العالم، في المناطق الاستوائية، وخارجها، ولها ارتباط بالأحوال الجوية المضطربة، من هطول الأمطار، إلى هبوب الرياح، وتشكُّل السّحب الركاميّة.
عوامل تسهم في ولادة أو تعزيز المنخفض الجوي
المنخفض الجوي هو جزء من الهواء، ذو ضغط جوّي منخفض، يرتبط بعوامل عدّة، منها ارتفاع درجة حرارة الهواء، وانخفاضها، فعندما يتعرّض هواء دافئ لانخفاض سريع في حرارته، مثلما يحدث عندما تصطدم كتلة هوائية ساخنة بكتلة هوائية باردة، يبدأ بالانخفاض، وهذا يؤدي إلى تَشكّل منطقة ضغط منخفض.
وتلعب الرياح أيضاً، دوراً في تكوين المنخفضات الجوية عندما يتحرك الهواء من منطقة عالية الضغط، إلى منطقة منخفضة الضغط.
إلى ذلك، تشكل الرطوبة عاملاً مهماً في تكوين المنخفض الجوّي، فعندما يحتوي الهواء على نسب عالية من الرطوبة، قد يؤدي إلى تكوين السحب، وهطول الأمطار.
وتُعرف عملية تشكّل الرياح في المنخفض الجوي بالتراكم الهوائي، حيث تتشكل كتلتان هوائيتان؛ إحداهما ساخنة، والأخرى باردة، وترتفع الساخنة إلى أعلى بينما تكون الباردة في الأسفل قريبة من سطح الأرض. ويترافق المنخفض الجوي مع تشكّل غيوم تمتد لآلاف الكيلومترات، وأمطار غزيرة، ورعدية، ورياح شديدة. ويكون الضغط عالياً عند أطراف الكتلة الهوائية، وينخفض كلما اتجهنا نحو المركز.
وينشأ المنخفض الجوي في المناطق شديدة الحرارة والمدارية، وعندما تزيد سرعة الرياح على 63 كيلومتراً في الساعة، يتحول إلى عاصفة، وإذا زادت سرعتها على 118 كيلومتراً في الساعة، فإنه يتحول إلى إعصار. ويشكّل الهواء داخل المنخفض خطوطاً تدور باتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وبعكس اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي.
تأثير المنخفض الجوّي في سطح الأرض
عادة يستبشر السكان حيث يتشكل المنخفض الجوي، خيراً، لأنه يحمل معه أمطاراً غزيرة، فيروي الأراضي العطشى، ويسقي الزرع والحيوان، ويحسّن جودة الهواء، ويخفّض درجات الحرارة في البلدان الحارة. كما يكوّن مخزوناً من المياه الجوفية تتجمع في باطن الأرض، فيستطيع الإنسان استخدامها عند الحاجة.
ولكن، من ناحية أخرى، للمنخفض الجوي آثار سلبية قد تكون قاسية بعض الشيء، فغزارة الأمطار، وقوّة الرياح قد تشكلان فيضانات وسيولاً، وتسببان انهيارات أرضية، وتلحقان أضراراً بالمباني والبنى التحتية، وقد تعطّلان حركة الملاحة، البحرية والجوية، وتغلقان الشوارع، فيصبح التنقل فيها صعباً، وخطراً.
وفي كل الأحوال، تتنبأ الأرصاد الجوية بقدوم منخفض جوي، وتعطي تعليماتها وتحذيراتها إلى السكان للتخفيف من الأضرار الناجمة، قدر المستطاع.