في كثير من الأحيان، ترتبط الرغبة الشرائية لدى الكثير منّا بقدوة يلعب دوراً في حياتنا، ربما يكون قريباً نحبه، أو صديقاً نعتز بصحبته، أو شخصية عامة تحفزنا على اتخاذ القرار، أو العدول عنه، وسعيد الحظ من يرتبط بمن يتمتع بشخصية قادرة على إدارة مواردها المالية بنجاح، ويتخذه مرجعية لأفكاره.
حامد آل علي
وضمن مبادرة «توازن» نظمت إدارة التنمية الأسرية وفروعها في الشارقة، ورشة تدريبية حملت عنوان «التحكم في الميزانية الشخصية»، قدّمها حامد آل علي، مدرب ومستشار أعمال، ودار محورها الأول حول «تأثير إدارة الفرد لأمواله في جودة الحياة»، وعلّق «هدفنا في هذه الورشة ليس مناقشة كم نوفر من المال؟، أو تسليط الضوء على أخطائنا في طرق الإنفاق، بل قضيتنا مناقشة أهمية وجود هدف يجعلنا ندّخر المال، فالهدف الرشيد، إن وجد، يمنحك القدرة على منع الإنفاق، كما علينا قبل أن نجاهد أنفسنا في عملية الإنفاق، أن نركز على الأشخاص القريبين منّا، والذين يمنحونا جزءاً من أفكارهم من دون أن يقصدوا، فمثلاً إذا كان لديك قريب فلسفته في الحياة «اصرف ما في الجيب يأتِك ما في الغيب»، فهذا قد يؤثر في عقلك الباطن ويجعلك تفعل مثله، وموقفك تجاهه ليس مقاطعته، ولكن عدم التأثر بمعتقداته وآرائه في الحياة».
يمكن تحسين الدخل باستغلال المهارات التي نمتلكها
وطرح سؤالاً على الحضور عن رضاهم عن الدُّخول، والطريقة الصحيحة لإنفاقها؟
«على الإنسان أن يسأل نفسه دائما، هل أنت راضٍ عن دخلك؟، وهل يغطّي نفقاتك الشهرية، أم هو حصاد عمل لم تتوفر فرصة غيره؟ وهنا تظهر أهمية تحسين الدخل باستغلال المهارات التي نمتلكها، فالسواد الأعظم منّا لديه مهارة ما، يجب أن يستفيد منها لتحسين دخله، ويمكن اكتشافها بطريقة سهلة وبسيطة، وهي البحث عن عمل يمكن أن يؤديه الشخص لساعات طويلة من دون مقابل، وليكن عملاً يدوياً، أو تعلّم البرمجة، أو تقديم ورش تعليمية، أو مساعدة كبار السّن، أو تعليم الطلاب اللغة الإنجليزية، أو تنسيق الورود وتغليف الهدايا، وغيرها من الأعمال التي يمكن أن يختبر الفرد فيها قدراته من دون مقابل،و ثم الاستفادة منها نظير عائد مادي بعد تكوين خبرة جيدة عنها».
تقسيم مصروفات المنزل إلى 3 بنود:
المحور الثاني فعنوانه «كيفية اتخاذ القرارات الاجتماعية والتجارية وفق الخطة المالية»، وفيها قسّم المحاضر حامد آل علي، المصروفات إلى 3 بنود، يستطيع الفرد من خلالها تحقيق حياة كريمة، له ولأسرته:
«البند الأول: تقسيم المصروفات بين الثابتة والإلزامية، والتي لا يمكن التملص من دفعها كل شهر، مثل إيجار السكن، وأقساط المدارس، وهنا يجب أن يسأل كل واحد منا نفسه، هل ما أنفقه كل شهر ضروري جداً، كأن أنفق على أقساط المدارس مثلا 60 ألف درهم؟ فإذا كانت الإجابة لا، فعليّ أن أقلّل من تلك النفقات، واستبدلها بأخرى تقدم الخدمات نفسها، أو أقلّ بشيء بسيط، أما إذا كانت المدرسة تعلّم أبنائي اللغة الإنجليزية، وتدخلهم في برامج رياضية توفر على الأسرة اشتراك النادي، فهنا تكون المبالغ المدفوعة مجدية، وينسحب ذلك على إيجار المسكن، فإذا كانت نفقاته عالية فيمكن أن يفكر الشخص في السكن عند أهله لمدة معينة، ونقل تلك المبالغ لمصروفات أخرى مهمة وهكذا.
البند الثاني: وهو المصروفات المتغيّرة، كالإنفاق على الأشياء الاستهلاكية، ورحلات السفر والترفيه، والمناسبات، والعزومات، وغيرها، ليطرح تساؤلات أخرى، هل ما أنفقته كان على أولويات وحاجات أساسية، أم يمكن الاستغناء عنها، أو استبدالها بأخرى أقل قيمة مادية؟ وهل تلك الأمور تخدم حزمة أهدافي التي أضعها لنفسي؟ فإذا كان الجواب لا، فعلينا بوقفة تغيّر مسار تلك المصروفات.
البند الثالث: وهو المصروفات الخاصة التي تتعلق باستثمار مالي معين، أو بدراسة شيء جديد في جامعة ما، أو أخذ دورة تدريبية في أحد الفنون، أو الذهاب في رحلة تعليمية خارج الدولة، وكما تعلّمنا نسأل أنفسنا، هل تحقق تلك المصروفات أولويات واحتياجات مهمة لدي، وهل تخدم أهدافي المستقبلية، وإذا كانت الإجابة لا، لابد من إعادة النظر في تلك النفقات، والبحث عن بدائل أخرى تقلل من المصروفات الخاصة، والعمل على ادّخارها أفضل».
وختاماً، ركّز المحاضر على أهمية ألا يتأثر الإنسان بطرق إنفاق مَن حوله، وأن يبحث دوماً عن بدائل تضيف لرصيد مستقبله، وأن يجعل له قدوة ناجحة في الإنفاق يتخذها نموذج يحتذى، وينقل أولوياته من منطقة لأخرى بسلاسة، ومن دون الجري وراء شهوات النفس الزائفة، فتطوير الذات والمهارات من الأمور الضرورية، ومن خلالها تتحسن جودة الحياة.