08 يوليو 2024

شباب يحيون تراث الأجداد برياضة القوارب على وقع الأمواج

محررة في مجلة كل الأسرة

شباب يحيون تراث الأجداد برياضة القوارب على وقع الأمواج

بين شمس ساطعة، وأمواج متعاقبة، يروي البحر تراث وهوية المجتمع الإماراتي، وحِرفة الصيد التي شكّلت، لعقود طويلة، مصدر رزق أساسي لشعب الإمارات. كما يروى حكايات مُلهمة عن شباب مرتبطين بتراثهم الذي يسعون دائبين للحفاظ عليه، والاحتفاء به عبر العديد من النشاطات، ومن أهمها رياضة القوارب التراثية.

فهل يواجه البحّارة الشباب تحدّيات للاستمرار في هوايتهم، على الرغم من أعمالهم؟ وما الذي أضافته لهم هواية الإبحار، وما الذي أضافوه إليها؟

شباب يحيون تراث الأجداد برياضة القوارب على وقع الأمواج

سباقات القوارب أكثر من مجرد منافسة رياضية، فهي رحلة عبر الزمن تعيد إحياء تراث الأجداد، تشهد لهم بما بذلوه، تحتفي بتاريخهم وبقدراتهم على تجاوز التحديات القاسية التي واجهوها، فمن سباقات التجديف المثيرة، إلى سباقات الشراعية المذهلة، يشارك الشباب الإماراتي بحماس كبير في هذه الفعاليات، مجسدة فيهم روح المغامرة، والمثابرة. ففي سباق القفّال، تراهم يقفون شامخين على متون قواربهم الخشبية، متحدّين عُنف الأمواج، مُردّدين أناشيد الأجداد، وهم يحتفلون بعودتهم سالمين من رحلة الغوص.

ولكن هذه الرياضة ليست حكاية الماضي فقط، بل هي حاضر مشرق، ومستقبل واعد، فمن خلال جهود حكومية متواصلة، ودعم كبير من الأهالي، باتت سباقات القوارب التراثية وجهة سياحية مميزة تجذب محبيّ التاريخ والثقافة، من جميع أنحاء العالم.

فالشباب يدركون أن الحفاظ على هذه الرياضة يعني الحفاظ على هوية وطنهم، وتاريخه العريق، فهي تشكل فرصة لتعزيز القيم والمبادئ الأصيلة للمجتمع الإماراتي، مثل التعاون، والروح الرياضية، واحترام التراث.

شباب يحيون تراث الأجداد برياضة القوارب على وقع الأمواج

روح الفريق سرّ النجاح في العمل والبحر

يصف بطل سباق القفّال الأخير، حسن عبدالله المرزوقي، علاقته بالبحر بأنها نتيجة ما غرسه الأجداد في نفوسهم منذ الصغر «لم يأخذني عملي كمهندس كهرباء من هوايتي البحرية، بل أضاف إليها ما اكتسبته من علم.

أما دوري كقائد سفينة فقد أكسبني مهارات القيادة، وعلّمني الصبر والجلادة، والعمل بروح الفريق الواحد. والطموح إلى المركز الأول، هو سرّ نجاح وتقدم حكومة الإمارات، والفريق هو سرّ التعاون والنجاح، والتنافسية هي سرّ التطور.

وقد عزز الترابط بين عملي وهوايتي من قدرتي على التفوق في المجالين، وعلّمني كيف أكون قدوة لغيري من الشباب الذين يشدهم البحر، فاليوم نرى المزيد من الأطفال ينضمون للسباقات من أجل التعلم والممارسة، والصغير يتعلم من الكبير، وهذا هو سرّ استمرارية التراث البحري في دولة الإمارات».

شباب يحيون تراث الأجداد برياضة القوارب على وقع الأمواج

البحر جزء لا يتجزأ منا

أما مطر سعيد الطاير، فقد سار على خطى عمّه الذي احتضنه منذ طفولته، وكان يأخذه إلى البحر وهو في الثامنة من عمره «لقد واجهنا العديد من التحديات كي نوازن بين العمل والهواية، خصوصاً أن الشغف للبحر لا يمكن التحكم فيه، ولا إيقافه، فهو جزء لا يتجزأ من حياتنا، وقد تحوّل الأمر من مجرد هواية، ومهارة موروثة من الأجداد، إلى فرصة لتعلّم مهارات جديدة، مثل التقنيات الجديدة في عالم القوارب، خصوصاً التصاميم المبتكرة.

وعلى الرغم من ذلك، لم أحاول أن أدمج عملي الحر مع هوايتي البحرية، بل أرى أن علاقتي بالبحر وسباقات القوارب خاصة جداً، كما أن لكل متسابق أسراره مع السباق، خصوصاً أن البحر علّمنا التفكير، والتأنّي، والإدارة العادلة، ولكوني قائد سفينة مكّنني من انتقاء أجود البحارين، وأكثرهم قدرة على التعلّم والتطور السريع».

شباب يحيون تراث الأجداد برياضة القوارب على وقع الأمواج

دعم شيوخ الإمارات

يصف بطل سباق القفّال في العام الماضي، «النوخذة» أحمد سالم الحمادي، مشاعره العميقة بالفخر والاعتزاز، لممارسته هذا التراث الإماراتي، فيقول «مشاركتي في السباقات البحرية تعيد أمجاد الأجداد، وتجدد بطولاتهم التي شهدت عليها أمواج البحر قديماً. ونحن، بدورنا، نستكمل هذه البطولات، ونسلّمها للجيل الجديد، بفضل دعم القادة والقائمين على هذا السباق، وعلى رأسهم شيوخ الإمارات، فهم قدوة لنا، ولكل عاشق لتراث هذا الوطن الغالي، فهم يحرصون على استمرارية سباق القفّال الذي تحول لكرنفال سنوي عزز في داخلنا الإصرار على أن نكون جزءاً من الحفاظ على هذا الموروث الثقافي العريق».