برنامج "أخصائي مجموعات الدعم".. مبادرة لتوسيع خدمات الصحة النفسية المساندة
تسعى جمعية «النهضة النسائية» في دبي إلى تدعيم مهارات العنصر النسائي في مختلف المجالات، ويعتبر البرنامج التأهيلي «أخصائي مجموعات الدعم» البرنامج الأول على مستوى الدولة كبرنامج متكامل لتأهيل أخصائيي مجموعات الدعم، وهو يجمع بين النظريات العلمية والتطبيق العملي.
فما هي مهام أخصائي مجموعات الدعم؟ وما الذي يرفده هذا البرنامج على صعيد المشاركات اللاتي انخرطن في برنامج متكامل لورش عمل تدريبية ودراسات ودورات تأهلية ونقاشات محورية حول قضايا على تماس بالبرنامج؟
في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن إدارة التدريب والاستشارات في جمعية النهضة النسائية بدبي نظمت البرنامج بالتعاون مع أكاديمية الابتكار العالي، تمّ تنفيذه على مدى ثلاثة أشهر.
طرح البرنامج ورشاً حول التعامل الفني مع المشكلات النفسية لكبار السن، كما التعامل مع المشكلات الزوجية في الحياة اليومية للمتزوجين، وورش الدعم الإيجابي للحالات النفسية باستخدام علوم الوعي الذاتي وكيمياء تشكيل العادات لتكوين السلوك الإنساني.
وتضمنت ورشة التعامل مع حالات الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب كيفية التعامل مع المشكلات النفسية للأطفال والمراهقين وطرق العلاج الانفعالي العقلاني والسلوكي المعرفي إلى جانب المهارات السلوكية والفكرية، وغيرها من المحاور.
تقديم خدمات الصحة النفسية
وإذ تعتبر مهام «أخصائي مجموعات الدعم» حجر الزاوية في تعزيز استقرار الأفراد والمجتمعات، توضح عفراء الحاي، مديرة إدارة الاستشارات والتدريب في «النهضة النسائية»، أن البرنامج «ركز على الجوانب النفسية والعلاجية بهدف تطوير وتعزيز وتوسيع نطاق خدمات الصحة النفسية المساندة المقدمة إلى مجموعات الدعم من خلال تمكين وتأهيل القائمين والمتخصصين على هذه المجموعات، وبالتالي تحسين جودة الدعم المقدم للأفراد المحتاجين».
لم يقتصر البرنامج على الجوانب العلاجية فقط، بل شمل أيضاً مساقات متقدمة في إدارة الذات، إدارة الغضب، وإدارة الأولويات، إلى جانب مهارات التحدث، الاستماع، والإقناع وتعلمت المشاركات طرق التفكير الإبداعي وكيفية إدارة مجموعات الدعم بشكل احترافي.
يُعرّف المستشار الدكتور أنور حاميم بن سليّم، خبير ومستشار دولي في تأهيل الكفاءات والقيادات ومدير عام أكاديمية الابتكار العالي، أهداف البرنامج بكونه «سلسلة من المساقات التي تركز على الجوانب النفسية والعقلية والأسرية، وتشمل أيضاً جوانب مهارية وسلوكية يجهلها الكثيرون.
وبدأ بالتركيز على علم النفس والصحة وعلم الاجتماع، بالإضافة إلى الشخصيات و أنماطها وكيفية التعامل معها، وبالأخص الفئات المتضررة من صدمات نفسية، والمطلقات، والمتعرضين للتنمر، والمتعافين من الإدمان».
على مدى ثلاثة أسابيع، ركز البرنامج على كيفية تحسين الاتصال بين الباحث أو الأخصائي والطرف المستفيد، باستخدام مهارات مثل اللباقة، والتحدث بفعالية، والإقناع، ولغة الجسد الصحيحة، ما يساعد الأخصائي في التعامل مع فئات متنوعة ونفسيات مختلفة.
كما يوضح د. حاميم، لافتاً إلى أن القدرة على إقناع الطرف الآخر «تتطلب أن يرى الشخص نفسه في صورة إيجابية، تماماً مثلما كان يفعل محمد علي كلاي، الذي كان يتخيل نفسه فائزاً قبل أن يدخل حلبة الملاكمة، فهذا يساعد الشخص على تصور ذاته بشكل إيجابي والسعي لتحقيق أهدافه».
يهدف البرنامج إلى معالجة الثغرات المحيطة بالأشخاص المتضررين من خلال تقديم دعم شامل ومتكامل وتحقيق تغييرات جذرية في حياتهم.. يشرح د. حاميم «يعتمد البرنامج على فلسفة التغيير الذاتي، مستلهماً من التعاليم الدينية الواردة في الآية القرآنية التي تقول: «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ».
ومن خلال هذا المنهج، يسعى البرنامج إلى إحداث تغيير جذري في حياة الأفراد من خلال التركيز على التغيير الداخلي، كما يتم تحقيق ذلك من خلال فهم المشاكل الفردية لكل مشارك وتقديم الدعم المخصص لكل حالة على حدة، بهذا يساهم الأخصائيون في بناء وتطوير الأسر والأفراد، ويساعدونهم على تجاوز التحديات النفسية والاجتماعية».
ما تأثير التدريب على الانضباط والمهارات العملية؟
خلال جلسات التدريب التي قدمها، تلمّس د. حاميم التغيير الإيجابي على المشاركات «في اليوم الأول من التدريب، حيث وصل نحو 40% من المشاركات متأخرات، لكن مع تعزيز أهمية الانضباط الذاتي، لاحظت أن الجميع حضرن في الوقت المحدد في اليوم التالي، ما يعكس فعالية التدريب في تعزيز الالتزام الشخصي».
د. حاميم يتوسط المشاركات في البرنامج
ومن الجوانب الأساسية التي تعلمتها المشاركات في البرنامج:
- علم النفس العلاجي والاجتماعي: فهم كيفية التعامل مع مرضى السرطان وكبار السن والمتعرضين للصدمات النفسية.
- العلاج السلوكي: معرفة الأساليب المختلفة للعلاج السلوكي وكيفية تطبيقها.
- الحوار الفعّال: تعلم فن الإقناع وكيفية الانتقال من الإقناع إلى التأثير.
- لغة الجسد: استخدام لغة الجسد لتأكيد الرسائل اللفظية.
- التفكير التصميمي: تطوير مهارات التفكير التصميمي لحل المشكلات بطريقة مبتكرة.
وحقق البرنامج مجموعة من المخرجات التي ساهمت في تطوير مهارات المشاركات بشكل كبير، أبرزها:
- التعامل الفردي مع الحالات: كيفية التعامل مع كل حالة وكل فئة بشكل مختلف، بما يناسب احتياجاتها الفردية.
- تقوية الذات: أدركت المشاركات أهمية تقوية أنفسهن قبل مباشرة الجلسات مع الفئات المتضررة، لأنهن قد يكنّ سبباً في بناء أو تدمير الآخرين.
- تنظيم الأولويات: تعليم المشاركات ترتيب الأولويات والتركيز على الأهم ثم المهم.
- إدارة الوقت والجلسات: تعليمهن كيفية إدارة الوقت بفعالية وإدارة الجلسات بمهارة، بما في ذلك معرفة متطلبات كل جلسة.
- تجنب الإحباط في الحوار: تعلم ماهية الأشياء التي تحبط عملية الإقناع والحوار وكيفية تجنبها.
- قوة التغيير: تعلم كيفية البدء بتغيير أنفسهن أولاً، ثم مساعدة الآخرين على التغيير.
- تطبيقات على الحياة اليومية: تمت مناقشة كيفية تطبيق هذه المهارات في الحياة الزوجية، العملية، العلمية، الأسرية، والاجتماعية، باستخدام نموذج "عجلة الحياة" لتحقيق التوازن.
قوة التغيير الشخصي
وفي هذا الصدد، يقدم د. حاميم النصائح الأساسية لتحقيق التغيير الشخصي:
- الاستثمار في الذات وإدراك أهمية تطوير الذات والاجتهاد.
- أهمية التخطيط: 10% من سكان الأرض فقط يخطط لحياته وهذه مشكلة كبيرة.
- وضع الأهداف الذكية: الكثير يجهل هذا التوجه وهو وضع أهداف ذكية، وهي أهداف محددة وقابلة للقياس ولها تواريخ نهائية للإنجاز.
- التخطيط الفعّال واستخدام الموارد المتاحة، مثل التقنيات الحديثة والإنترنت وتوظيفها في استقاء المعرفة إلى جانب التشجيع الحكومي وما يمكنه أن يشرّع من أبواب التمكين.
وتجدر الإشارة إلى أن البرنامج معتمد من قبل جامعة عين شمس في مصر، ارتكز الاختبار على تقديم مشروع للتخرج، يركز على مبادرات إبداعية ابتكارية لتطوير خدمات للفئات المستحقة للدعم أو لمبادرات تخدم المؤسسات الخدمية والمجتمعية.