02 مايو 2024

التخطيط لميزانية الزواج.. بين «تحدّيات» الإنفاق ورغبات العروس

محررة في مجلة كل الأسرة

التخطيط لميزانية الزواج.. بين «تحدّيات» الإنفاق ورغبات العروس

مع ازدياد صعوبات الحياة أصبحت الميزانية من أهم عوامل ضمان بداية سعيدة للزوجين، تجنّبهما الرضوخ لوطأة الضغوطات المالية، والصراعات التي يمكن أن تلقي بظلالها على الحياة الزوجية، واستقرارها. فمن الخطبة حتى حفل الزفاف، الكثير من الالتزامات يمكن أن يؤثر غياب التخطيط عنها سلباً في استقرار وسعادة الزوجين.

التخطيط لميزانية الزواج.. بين «تحدّيات» الإنفاق ورغبات العروس

يُعدّ التخطيط لميزانية الزواج من أهم الخطوات التي تقوم عليها علاقة الزوجين بشكل سليم، ومستقر، حتى لا تكون مصدراً للتوتر والخلافات مستقبلاً، ويوضح استشاري العلاقات الزوجية عبد الله بن رمضون «كي يتمكن الزوجان من تجنّب الضغوطات المالية التي تنشأ من عدم التخطيط الجيد في بداية الزواج، يجب وضع خطة مالية مستدامة تتناسب مع قدراتهما واحتياجاتهما، لكن للأسف انجراف البعض، والمبالغة في الإنفاق على الكماليات والمظاهر، وعدم الوعي بالمسؤوليات المقبلين عليها، تضعهما تحت ضغوطات كبيرة تمتد لسنوات طويلة بعد الزواج». ويكشف ابن رمضون تأثير ارتفاع مؤشر تكاليف الزواج «تسببت زيادة المهور، والاندفاع وراء المظاهر، والمبالغة في حفلات الزفاف بشكل مفرط، وهي عادات أغلبها دخيلة على المجتمع الإماراتي، بإرهاق كاهل الزوج، خصوصاً ذا الدخل المحدود، كما يؤثر التصور الذهني الخاطئ للمرأة لهذه العادات، وعدم تقديرها لتبعات الديون على الوضع المعيشي، ووجود الكثير من المشكلات التي ترافق الأشهر الأولى خاصة من الزواج».

التخطيط لميزانية الزواج.. بين «تحدّيات» الإنفاق ورغبات العروس

ويذكر ابن رمضون الأبعاد الإيجابية لآثار جائحة «كورونا» في حفلات الزفاف «القيود التي فرضتها الجائحة أدت إلى تغيير عادات الاحتفال والاستغناء عن بعض المتطلبات، وإعادة النظر في أوجه المال، والإنفاق، وتقدير أبسط الأمور لتجنّب الضغوطات المالية التي يمكن أن تكون سبباً رئيسياً في الطلاق، بسبب تأثيرها في العلاقات الزوجية والأسرية، بشكل سلبي»، وينبه المستشار الأسري الشباب من الانجرار وراء المبالغة في الإنفاق من دون تخطيط مسبق، ويؤكد مبدأ المشاركة المالية، والتعاون، للحفاظ على استقرار العلاقة الزوجية «الصدق والشفافية في العلاقة المالية يعزز الثقة بين الزوجين، ويمكنهما من وضع خطط مالية مشتركة قائمة على الواقع والحقائق، واتخاذ قرارات مالية صحيحة مبنية على رؤية مشتركة بشكل صحيح، فالحديث بصدق عن الدخل الشهري، والتزامات الديون، والأقساط المستحقة يساعد على تجنب النزاعات المالية، والمشاكل مستقبلاً».

التخطيط لميزانية الزواج.. بين «تحدّيات» الإنفاق ورغبات العروس

الصرف على حفل الزفاف وفق الإمكانات المتاحة

فيما يكشف مستشار المالية والاستثمار عبد الله العطر، أهم الأفكار الخاطئة التي يقع فيها الأزواج «خلال فترة الزواج، يعتبر البعض أن مقدار الصرف الذي يبذله كل زوج مؤشراً على مدى اهتمامه بالعلاقة الزوجية، فعندما يبذل أحد طرفي العلاقة مجهوداً، أو مبلغاً مالياً لإرضاء الشريك، يتوقع في المقابل أن يحصل على مقابل يساوي بالقدر مع ما بذله»، ويوضح العطر الآثار السلبية للتوقع «عندما يبدأ التوقع بين الزوجين، يعتقد كل طرف منهما أن يحصل على الدعم العاطفي والاهتمام والتفهم من الطرف الآخر، ما ينذر بالكثير من المشكلات، بخاصة عندما لا يتحقق هذا التوقع، وبالتالي يشعر أحد الطرفين بخيبة الأمل، ما يبرز أهمية دور الزوجين في تعزيز قيم التواصل والتفاهم فيما بينهما، بأن يحددا احتياجاتهما، وأن يكونا واقعيين في توقعاتهما، ليتمكنا من تحقيق التوازن بين الصرف والتوقع لتصبح العلاقة الزوجية أكثر قوة، واستقراراً».

ويبيّن العطر، تأثير الـ«سوشيال ميديا» في انجراف بعض الأزواج في دوامة الديون «يتسبب التأثر بحياة المؤثرين على الـ «سوشيال ميديا» بالاقتراض لتلبية احتياجات الزواج، وما يترتب عليه من نفقات مختلفة، وبالتالي ينجم عن ذلك ضغوطات وتوتر تؤثر في العلاقة بين الزوجين، فإحساس البعض بالاستحقاق، والحاجة إلى نمط حياة معين فيه نوع من الرفاهية والاستهلاكية المفرطة تُشعر البعض منهم بحاجتهم إلى نمط حياة مماثل، ليكونوا مقبولين، أو مرغوبين من قبل المحيط».ينبّه العطر للتأثير السلبي لفكرة الإنفاق مقابل التضحية في الاستقرار الأسري بعد الزواج «وارد، وبشكل كبير، أن يتسبب صرف مبالغ مالية كبيرة في الإنفاق على المهر وتجهيزات الزفاف التي تكون الجزء الأكبر من الضغوط المالية على الزوج، بمشكلات كبيرة، فالوعي بمتطلبات الزواج هو السبب الرئيسي في الاستقرار النفسي والمادي للزوجين والأسرة»، ويكشف مستشار المالية خطورة الخضوع العاطفي، والسيطرة غير الصحية التي يمكن أن تؤدي إلى مشكلات كبيرة، وتوترات عاطفية تؤثر سلباً في العلاقات الزوجية، لذا على الأزواج السعي لبناء علاقة صحية ومستقرة، قوامها التفاهم المتبادل، والاحترام، وتجنّب السيطرة، والابتزاز العاطفي، والمشاركة في اتخاذ القرارات للحفاظ على علاقة زوجية سعيدة.

وللحفاظ على الاستقرار المالي، يوصي العطر «على الزوجين أن يعيا أهمية الصرف وفق الإمكانات المالية المتاحة، وعدم الوقوع في فخ الإنفاق الزائد، وتأثيره السلبي، والتشاور بشأن الأمور المالية، وكيفية إدارتها بشكل سليم، لضمان استقرار الحياة الزوجية، والحفاظ على التوازن بين الصرف والمتطلبات، لتفادي الديون، والحفاظ على استقرار الحياة الزوجية».

التخطيط لميزانية الزواج.. بين «تحدّيات» الإنفاق ورغبات العروس

المصارحة والشفافية بين العروسين يحقق الاستقرار الأسري

تتحدث مها سليم المازمي، مدرّبة ومسؤولة قسم التدريب في جمعية الاتحاد النسائية، عن اختلاف النظرة بشأن متطلبات الزواج وأهمية الميزانية «اقتصار حفلات الزفاف على الأهل والمقربين، والتخلّي عن المتطلبات غير الضرورية بأن يكون الزواج بسيطاً، وأهمية التوفير، وتخفيف العبء عن الزوج، دليل على تغيير الأفكار والوعي المتزايد عند الجيل الجديد، بأن الفرحة لا ترتبط بقيمة كوشة الزفاف، ولا بعدد الضيوف، وحجم قاعة العرس، كما أن تعاون أسرة العروس مع أسرة العريس في تقاسم تكاليف الزواج والتخلي عن بعضها يكشف عن مدى تبنّي ثقافة التعاون لمساعدة الزوجين على التأسيس لحياة زوجية سعيدة، ومستقرة».

وعن مشاركة المرأة الزوج أعباء ميزانية المنزل والخلافات التي تترتب عليها، توضح المازمي «وصول كل من الزوجين إلى الفهم الكافي للحقوق والواجبات والمصارحة والشفافية، في كل ما يتعلق بالإنفاق بشكل مشترك، يسهم في بناء علاقة زوجية مستقرة ومتوازنة، بعيدة عن الخلافات والتوترات منذ البداية»، وتكشف المازمي أهمية الدورات التثقيفية للزوجين «حضور الدورات التثقيفية التي تنظمها الجهات الرسمية في الدولة تساعد الزوجين على فهم حقوقهما، وإدارة الأمور المالية، أكبر مصدر للتوتر والخلافات، بشكل سليم، وبناء حياة مالية مستقرة، ومستقلة، بعيدة عن الأزمات والديون، وكيفية إدارة الإنفاق، والتوفير بشكل مسؤول». وتوجز المازمي «في النهاية على الزوجين الوصول إلى توازن وتفهم في ما يتعلق بالنفقات، وتحمّل المسؤوليات المالية، والعمل معاً على تحديد الأولويات وتنظيم ميزانية مالية ملائمة لحياتهما الزوجية، وتجنّب الديون التي قد تؤثر سلباً في علاقتهما».

التخطيط لميزانية الزواج.. بين «تحدّيات» الإنفاق ورغبات العروس

تغيير العادات الاستهلاكية يشجع الشباب على الزواج

من واقع خبرة 35 عاماً، يتحدث خليل موسى، منظم صاحب شركة الجرس لتنظيم المناسبات، عن تأثير ارتفاع تكاليف حفلة الزفاف التي شكلت ضغطاً، مالياً وعاطفياً، فكانت سبباً في عزوف بعض الشباب عن الزواج، سواء كانوا من المواطنين، أو الوافدين، ويوضح موسى «يولي الشباب بشكل عام، والإماراتي بشكل خاص، أهمية كبيرة لحفل الزفاف، حيث تصدرت الحفلات الإماراتية قبل 15 عاماً أعلى فئة قائمة أسعارنا التي تبدأ من 20 ألف درهم، وتصل حتى 150 ألف درهم، وتتضمن الديكور، والإضاءة، والتصوير، والضيافة، وغيرها من متطلبات الحفل»، ويكشف تأثير أزمة «كورونا» في هذه الحفلات «تركت هذه الأزمة أثرها في عادات الناس واستهلاكهم، وبدأوا بتقليل التكاليف، وتغيير الكثير من عاداتهم الاستهلاكية، والتفكير بشكل مختلف وجديد، من خفض عدد المدعوين والاقتصار على حفل واحد، والاستغناء عن الكثير من الكماليات، والبحث عن بدائل أقل كلفة»، ويبيّن موسى «أصبح الشباب أكثر وعياً بأهمية مسألة الإنفاق، وغالباً ما يتفق العروسان على جميع التفاصيل مسبقاً ووضع ميزانية مسبقة تكون انطلاقة لهما لتوفير جميع متطلبات الحفل»، ويشير «قد تحدث بعض التغيرات في الاتفاق الأصلي على نوع الفئة المختارة، باستبدال بعض المتطلبات واللوازم، أو إضافة أخرى رغبة من العروس أو العريس، أو كليهما، لكنها تبقى ضمن الميزانية المتفق عليها من دون أي خلاف يذكر».

اقرأ أيضاً:
ما الأهم في الزواج الاحترام أم الحب؟
تحديات يواجهها المقبلون على الزواج وكيفية تجاوزها