كيف نوقف "عدوّنا الداخلي"؟ 7 خطوات للتغلب على التدمير الذاتي مع المدرّبة مها المازمي
هل سبق أن شعرت بأنك تقف عائقاً أمام نفسك للتقدم والارتقاء، سواء في عملك، علاقاتك، أو حتى صحتك؟وهل تتخذ قرارات تمنعك من استكمال نجاح مشروعك، أو توقف أهدافك عن التحقق، أو تدمر ما بَنيته بيديك؟
قد يتمّ تشخيص الوضع بـ«التدمير الذاتي» الذي يشكّل عائقاً أساسياً أمام تحقيق الذات، ويظهر بأشكال عدّة، فهو «مفهوم يشير إلى أيّ سلوك، أو شعور، أو قرار، أو موقف يتضمن قيام الشخص بإجراءات تعرقل تحقيق أهدافه، أو تدمّر ما حققه بالفعل، على صعيد العمل، التعليم، الصحة، والعلاقات الشخصية، وغيرها».
المدرّبة مها المازمي
أمثلة على «التدمير الذاتي»
هذا التعريف تقدّمه مها المازمي، مدربة معتمدة في المهارات الحياتية والأمومة الإيجابية، وعضو جمعية الاتحاد النسائية في الشارقة، وتقدم أمثلة على التدمير الذاتي:
في مجال العمل:
يضع الشخص هدفاً لبدء مشروع معيّن، ويتقدّم بشكل جيّد مع الخطط الموضوعة. ولكن فجأة، يبدأ بالتشكيك في نجاح المشروع، أو يتوقف عن متابعته، ما يؤدي، في النهاية، إلى فشله، (أي المشروع).
في المجال الصحي:
يضع البعض هدفاً للوصول إلى وزن معيّن، ويعمل بجد لتحقيق هذا الهدف. وبعد الوصول إلى الوزن المطلوب، يتوقف عن الحفاظ على العادات الصحية التي ساعدته على الوصول إلى هذا الهدف.
في مجال العلاقات:
شخص يطمح إلى بناء أسرة سعيدة، وينجح في الزواج، وإنجاب الأطفال. وبعد تحقيق هذا الهدف، يبدأ بافتعال المشاكل من دون سبب، ويتخذ قرارات تؤدي إلى تدمير العلاقة، وبالتالي خسارة شريك حياته، وأبنائه.
في مجال التعليم:
شخص يطمح إلى الالتحاق بجامعة معيّنة، يعمل بجد ويتخرج في الثانوية بدرجات عالية، ويتم قبوله في الجامعة التي يحلم بها. بعد الدراسة لمدة سنتين، يبدأ بوضع عراقيل أمام نفسه، ما يعيقه عن إكمال تعليمه.
لماذا يدمّر البعض ما بناه؟
هذا التوجه يكون نتيجة دوافع عدّة، تشرح المازمي «التدمير الذاتي قد يكون نتيجة عوامل عدّة، نفسية واجتماعية، وحتى أسرية».. وتورد بعض الأسباب:
- شعور الفرد بعدم الاستحقاق: قد يشعر في أعماقه بأنه لا يستحق النجاح، أو الهدف الذي حققه، ما يدفعه إلى تدمير ما وصل إليه.
- الراحة الزائدة: يعلق البعض في دائرة الارتياح، وعدم الرغبة في بذل المزيد من الجهد، ما قد يؤدي إلى التخلي عن الهدف.
- المخاوف والشك: يعتري البعض الخوف من الفشل، أو الشك في القدرة على الوصول إلى الهدف، أو الحفاظ على النجاح، ما يدفعه إلى التراجع، أو تدمير ما حققه.
- المشاعر السلبية: الغرق في مشاعر سلبية مثل العار، الخوف، التأنيب، وعدم الكفاءة، يمكن أن يؤدي إلى عدم الإنجاز، وعدم المثابرة على تحقيق الأهداف.
- نماذج الأهل: قد يتبنى الفرد نموذج الأهل، أو أحد والديه اللذين يتّسمان بسلوك التدمير الذاتي.
- التنشئة: فالنقد السلبي المستمر من الأهل، مثل «أنت فاشل»، أو «لا تستطيع الإنجاز»، يمكن أن يزرع في الطفل شعوراً بعدم الكفاءة، ويؤدي إلى تطوير سلوكات تدمير ذاتي.
علامات تدلّ على «التدمير الذاتي»
غالباً ما يكون التدمير الذاتي مموّهاً بأسباب وتبريرات تبدو منطقية. ومع ذلك، هناك بعض العلامات التي تشخّص سلوكات التدمير الذاتي، تذكرها المازمي:
- التسويف والمماطلة: التأجيل المتكرر للمهام الضرورية، والخطوات اللازمة لتحقيق الأهداف، والمماطلة في اتخاذ القرارات، مع تبرير ذلك بأسباب تبدو منطقية.
- عدم التوازن في الحياة: إما يُغرق الفرد نفسه بشكل كبير، وإما يتكاسل تماماً، وفي كل الحالات يسوّق مبرراته الخاصة.
- التشتت وضعف الرؤية: الشخص دائماً مشتت، وغير قادر على رؤية الأمور بوضوح، ما يؤدي إلى ضعف التخطيط، والتنفيذ.
- الانتقاد الذاتي الشديد: حديث داخلي سلبي، ونقد ذاتي مستمر، يفسدان على الشخص متعته في الحياة. حتى في المناسبات السعيدة، يمكن أن يتذكر أحداثاً سيئة، أو يلوم نفسه على فرص ضائعة.
- عدم القدرة على الإنجاز: عدم القدرة على تحقيق الأهداف البسيطة، والشعور بالإحباط من عدم التقدم.
- الإسراف: الإسراف في مختلف جوانب الحياة، منها الإسراف في المال، تضييع الوقت من دون تحقيق أي إنجاز، إهدار المشاعر بإفراط.
- دور الضحية: الشعور الدائم بأنه ضحية للظروف والأشخاص من حوله، وعدم تحمّل المسؤولية عن أفعاله، وأخطائه.
تشرح المازمي آثار التدمير الذاتي، إذ «يؤدي إلى عرقلة تحقيق الأهداف، أو تدميرها بعد الوصول إليها، بحيث تتآكل ثقة الشخص بنفسه، وثقة الآخرين به، كما يمكن أن يؤدي التدمير الذاتي إلى مشاكل، جسدية ونفسية، حيث تنخفض معنويات الشخص ويعيش في حالة دائمة من القلق، والحيرة».
كيف نعالج «التدمير الذاتي»؟
تقدّم المدرّبة المازمي آليات العلاج والتغلّب على التدمير الذاتي، عبر:
- الاعتراف بوجود مشكلة والوعي بأسبابها: التعرف إلى الأنماط السلبية التي تقود الشخص إلى التدمير الذاتي، والبحث عن جذورها، لكون الوعي الذاتي والبحث عن الجذور الحقيقية للمشكلة هما أولى خطوات العلاج.
- طلب الدعم النفسي: اللجوء إلى معالج نفسي، أو مستشار يمكن أن يساعد على معالجة الجذور النفسية لهذه السلوكات.
- المراقبة الذاتية: كتابة يوميّات ومراقبة الأفكار والمشاعر التي تقود إلى التدمير الذاتي.
- التخطيط والتنظيم: وضع خطط واضحة وأهداف محدّدة، والعمل على تحقيقها بخطوات، صغيرة وثابتة.
- تحمّل الفرد مسؤولياته: وذلك بالعمل على إعادة صياغة برمجاته العقلية، والتخلّص من الأنماط السلبية التي تبنّاها منذ الطفولة.
- الاستمرارية والإصرار: الخطوة الأهم هي الالتزام بقرار التغيير. على الشخص أن يضع نفسه في بيئة محفزة تدعمه، مثل وجود صديق مخلص، أو أحد أفراد الأسرة الذي يمكنه المساعدة على تجاوز هذه العقبات.
- التوكل على الله والإيجابية: يجب أن يتحلى الفرد بالإيجابية، والتوكل على الله في مسعاه للتخلّص من التدمير الذاتي. فالدعاء والتفكير الإيجابي يساعدان على تحسين الحالة النفسية، وزيادة الثقة بالنفس.
تمرين عملي للتخلّص من «التدمير الذاتي»
تقدّم المدرّبة مها المازمي تمريناً عملياً لمواجهة هذا السلوك «يمكن للشخص القيام بتمرين بسيط، ولكنه فعّال، للمساعدة على التخلص من التدمير الذاتي..
ويتضمن خطوات عدّة:
أولاً: أحضر كراسة وقلماً.
ثانياً: اكتب جميع جوانب حياتك: الجانب العلمي، العملي، المالي، الأسري، العلاقات، وغيرها.
ثالثاً: حدّد سلوك التدمير الذاتي في أي جانب، واكتب نوع التدمير الذاتي الموجود في كل جانب، وكيفية تكراره.
رابعاً: تحديد المشاعر المرتبطة التي تنتابك عند التفكير في هذا الجانب.. هل هي مشاعر خوف، عار، تأنيب؟وحاول تحديد الجذور لهذه المشاعر.
خامساً: العمل على تحرير المشاعر، والتخلّص منها. إذا كان بإمكانك القيام بذلك بنفسك، فافعل. وإذا لم تتمكن، فاستعِن بشخص مختص كاستشاري، أو طبيب نفسي».
وتخلص المازمي إلى إيجاز ما بعد التمرين «لا بد من اكتشاف المعتقدات العميقة والبرمجات التي تؤثر في سلوكنا في كل جانب، وتصحيحها، وتغيير الأنماط السلبية. عندها، يمكن للشخص تحقيق أهدافه بشكل أكثر فعالية، والحفاظ على النجاح الذي يحققه».