19 أكتوبر 2024

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

التفَت البشر، أخيراً، إلى أن الأفعال اليومية البسيطة يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في عالمنا، وفي رغبتنا للحفاظ على الأرض، فقد بدأ الأمر عبر سلوكات شخصية فردية، حتى أصبح اليوم توجّهاً عاماً تجاه نحو كل ما نستهلكه، لتتحوّل بعض النفايات إلى أدوات يمكن استخدامها بطرق مختلفة، ومتجدّدة، خصوصاً أن هذه النفايات لعبت دوراً كبيراً في تدمير صحة الأرض خلال السنوات الطويلة الماضية.

فقد استيقظ العالم، أخيراً، وقرّر بدء رحلة نحو مستقبل أكثر استدامة، حيث تصبح إعادة التدوير جزءاً لا يتجزأ من حيات الناس اليومية.

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

حضرت «كل الأسرة» قمّة «فوربس الشرق الأوسط لقادة الاستدامة 2024»، في أبوظبي، تحت شعار «بناء مستقبل مستدام»، والتي انطلقت في العاصمة أبوظبي، تحت رئاسة الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية في الإمارات، لتعزيز الجهود العالمية نحو الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة..

حيث التقينا بعدد من القادة والمؤثرين، وشباب ممن نجحوا في تغيير سلوكهم، وسلوك من حولهم، من نمط استهلاكي مفرط، إلى نمط حياة أكثر استدامة، فلم يعُد من المُخجل إعادة استخدام الأشياء، أو شراء المنتجات المستعملة، بل أصبح ذلك رمزاً للإدراك البيئي، والمسؤولية الاجتماعية.

الاستدامة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بطموحات دولة الإمارات

من جهته، قال الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، خلال كلمته الافتتاحية «لقد أدركت دولة الإمارات، منذ فترة طويلة، أن الاستدامة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بطموحات الدولة، وخططها الاستراتيجية لتحقيق التنويع الاقتصادي، من خلال استحداث قطاعات جديدة، وكفاءات مبتكرة، ووسائل جديدة لخلق القيمة. لذا، فإن الاستدامة تمثل تحديّاً ينبغي علينا تبنّيه كمحفّز للابتكار».

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

وفي حديثها مع «كل الأسرة»، أشارت الرئيسة التنفيذية ورئيسة تحرير «فوربس الشرق الأوسط»، خلود العميان، إلى «إقبال الشباب واليافعين على حضور القمة، التي تجمع نخبة من القادة الأكثر تأثيراً من مختلف المجالات البيئية، ليتشاركوا رؤاهم وخبراتهم.

ووجود الأطفال والشباب أضفى روحاً رائعة، وحالة من العفوية والبساطة على أجواء الفعالية، الأمر الذي يعكس زيادة وعي الجيل الجديد بقضايا البيئة»، كما لفتت خلود العميان إلى أن أسلوب هؤلاء الشباب المبسّط والمرح، يسهم في إيصال الرسالة لجيلهم، مقارنة بالوسائل الأخرى.

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

لمسات فنية تعزز الاستدامة

التقينا أيضاً الفنانة هند خليفات، بعد تقديمها عرضاً فنياً من الرسم بالفحم، بدلاً من استخدام الألوان الزيتية، التي لفتت في حديثها معنا إلى أن إعادة التدوير متأصلة في جيلها، ووصفت نفسها بأنها من أبناء الاستدامة، وقالت «عشت في منزل كنّا نقدّر فيه «النعمة»، فكل شيء له قيمة، ولا نرمي إلا الأشياء المتّسخة، الأخ الأكبر يعطي الأخ الأصغر ملابسه، وكنت أستخدم أشياء أمي، وجدّتي التي كانت بدورها تجد استخدامات عدّة لعُلب السمن الفارغة، وقارورة الحليب والزيت، وغيرها..

هذه العادات يطلق عليها اليوم إعادة تدوير، ولكن، نظراً لتطوّر الحياة اليوم التي تغلب عليها المظاهر، لا مانع من إضفاء لمسة فنية على هذه العلب الفارغة، والأدوات المستخدمة من قبل، كي نعزّز هذا السلوك لدى أبنائنا، وهذا هو الدور الذي نقوم به، نحن الفنانين، خلال رحلتنا نحو الاستدامة».

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

مشاريع مبتكرة للأطفال صديقة للبيئة

وتشجيعاً للأطفال لفهم معنى الاستدامة، شاركت مدرسة جيمس في افتتاح القمة بعرض ملهم لمجموعة من المشاريع المبتكرة الصديقة للبيئة، كما قدم طلبة جوقة المدرسة عرضاً موسيقياً أضفى أجواء من البهجة، وروح المشاركة المجتمعية.

وفي حديثه مع «كل الأسرة»، بسّط الطالب ناصر عمر، كلمة «الاستدامة» التي قد تبدو مصطلحاً علمياً معقداً بالنسبة إلى بعض الأطفال، وقال «لم أكن أعلم أن ما أطبّقه من نصائح والدتي اليومي يعني استدامة، فهي تطلب مني تقليل استهلاكي للماء، وتطلب مني إعادة استخدام بعض الأشياء كأدوات مدرسية، وهذا ما نتعلمه في المدرسة أيضاً، ولكن بطريقة أكبر، وأشمل، فلم أشعر بأنني أقوم بشيء صعب من أجل الحفاظ على صحة بيئتنا».

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

تقبُّل فكرة إعادة تدوير الملابس

من جهتها، قالت مصممة الأزياء الشابة إلهام التميمي «ركّزت، أخيراً، على إعادة تدوير الملابس في تصاميمي، فالهدف هو ترسيخ هذا الأمر لدى الشباب، لنحافظ على الموارد الطبيعية المتوفرة حتى الآن، وأرى أن فكرة ارتداء قطع معاد تدويرها أصبح مُتقبّلاً الآن، مقارنة بالسنوات الماضية، ولكنه يحتاج إلى دعم من شخصيات مؤثرة يمكن الاقتداء بها في تبنّي هذا السلوك في حياتنا، ومن وجهة نظري، أرى أن القادة هم الأكثر تأثيراً في مجتمع الإمارات، خصوصاً في تغيير العادات الاستهلاكية، وطرق تعاملنا مع موارد الطاقة».

دور مؤثري الـ«سوشيال ميديا»

وحول دور المؤثرين الشباب في توعية الجيل الجديد، لتغيير سلوكهم كي يكونوا أكثر استدامة، يقول صانع المحتوى عيسى الحبيب «تختلف استجابة المتابعين بناء على الطريقة التي يتبعها صانع المحتوى في إيصال رسالته، وبالنسبة لي أحب طريقة سرد القصص، وهناك صنّاع محتوى يقومون بسلوك معيّن بطريقة عفوية، ليكونوا قدوة لمتابعيهم، ولكن بشكل عام، توجه الشباب نحو الاستدامة أصبح واقعاً نعيشه في حياتنا اليومية، وبالنسبة لي أفكر في الاستغناء عن السيارة، واستخدام المواصلات العامة كسلوك صحي، وحفاظاً على البيئة».

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

مبادرات حكومية لحماية البيئة

شاركت صانعة المحتوى أمل أحمد، بعض التجارب التي يمكن أن تعزز سلوك التدوير لدى الشباب، وأوضحت «تتبنّى المؤسسات الحكومية بعض المبادرات والمسابقات التي تشجع الموظفين وأفراد المجتمع، بشكل عام، على إعادة العبوات البلاستيكية الفارغة في حاويات خاصة، واستبدالها بنقاط ومكافآت تسعد هؤلاء الموظفين، وتشجعهم على الاستمرار في الشعور بقيمة الأشياء المستخدمة، وتوجيههم للاستفادة منها».

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

الاستدامة في عالم التجميل

وحول تطبيق الاستدامة في عالم التجميل، تبيّن الدكتورة آفاق المشهري «بدأنا، بالفعل، بالتوجه نحو الاستدامة في عالم التجميل، من خلال استخدام العُلب، أو الماسكات التي يمكن إعادة استخدامها، أمّا بالنسبة إلى رؤية البعض الذين يتطلّعون إلى فكرة أن يكون هناك نوع من المكياج الدائم لتقليل استخدام مساحيق التجميل، فهذا المقترح ممكن، ولكن إذا كانت المواد المستخدمة طبيعية مئة في المئة فقط، وآمنة على صحة البشر».

استجابة للأرض.. البشر يغيّرون سلوكهم للحفاظ على مواردها

كسر حاجز الخجل

أما المؤثرة لونا عادل، فتؤكد أنها «بدأت، بالفعل، بأخذ العُلب الفارغة، وتعبئتها من متاجر التجميل التي توفر هذه التجربة، ولكنها محدودة للغاية، فالأمر قد يبدو محرجاً في البداية، كما كان بالنسبة إلى أكياس التسوّق التي كنا نخجل في البداية، أن نذهب إلى السوق بأكياسنا الشخصية، ولكن عندما نشجع بعضنا بعضاً، نمارس هذا السلوك أمام الناس بكل فخر، كنوع من المسؤولية تجاه بيئتنا».

من جهته، شاركنا الحديث زوج لونا، صانع المحتوى عدنان سار، تجربته في تشجيع زوجته، ومتابعيه، على تبنّي سلوك أكثر إيجابية تجاه البيئة، قائلا «قيام أحد الأفراد في المنزل بسلوك معيّن، يسهم بشكل غير مباشر في تغيير عادات باقي أفراد الأسرة لاتّباع هذا السلوك، وبالنسبة لي لا أحب تشغيل إضاءة المنزل بأكمله، وأخفتها تقليلاً للطاقة، ولتهدئة أجواء المنزل، لتصبح هذه العادة الصديقة للبيئة متّبعة دائماً في حياتنا».

توفير المنتجات القابلة لإعادة الملء

وتأكيداً على تطبيق مبدأ الاستدامة في التجميل، كشفت «لوريال الشرق الأوسط»، خلال قمة «لوريال من أجل المستقبل»، التي انعقدت، أخيراً، عن عمل تعاوني استباقي مع «سيفورا»، يلتزم بموجبه الطرفان بالمجالات الرئيسية التي ستُدير دفة جهودهم المشتركة نحو تحقيق الأهداف المرجوة بحلول عام 2027؛ وتشمل المجالات الرئيسية الأربعة: الاستهلاك المسؤول، ومواد نقاط البيع المُصممة بمعايير صديقة للبيئة، وتمكين المرأة، والارتقاء بالمهارات في مجال الاستدامة..

الأمر الذي يُسهم في زيادة توفير المنتجات القابلة لإعادة الملء، وعبوات إعادة الملء، والمنتجات القابلة لإعادة الاستخدام من العلامات التجارية التابعة للشركة، فضلاً عن تدشين حملات دعائية على الوسائط الرقمية، وتعزيز أساليب العرض داخل المتاجر، لجذب انتباه العملاء نحو هذا الاتجاه الجديد. باستخدام مواد نقاط البيع المُصممة بمعايير صديقة للبيئة.

 

مقالات ذات صلة