13 يناير 2025

جزيرة الموز.. عناق الطبيعة وسحر التاريخ في الأقصر

محرر متعاون - مكتب القاهرة

  

مجلة كل الأسرة

تجذب «جزيرة الموز»، غربي مدينة الأقصر، الآلاف من الزوار في مواسم السياحة السنوية، للاستمتاع بطبيعتها البكر، وما تتمتع به من إطلالة ساحرة على آثار البر الغربي، من جهة، ومراسي البواخر السياحية، من جهة أخرى، ما يوفر للزائر فرصة ذهبية لقضاء ساعات من المتعة بين عناق الطبيعة، وسحر التاريخ.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

تُعد جزيرة الموز في الأقصر واحدة من بين 144 جزيرة نيلية تكوّنت عبر قرون من ترسبات الطمي، في بعض المناطق المرتفعة التي تعترض مسار النهر، وتتميّز بأراضيها الخصبة التي تؤهّلها لزراعة مختلف المحاصيل التي تعتمد على المياه بشكل كبير. ويضم مسار النهر نحو 95 جزيرة، تنتشر على طول المجرى الرئيسي للنيل، من أسوان حتى قناطر الدلتا، بدءاً من محافظة أسوان في أقصى الجنوب، مروراً بالأقصر، وقنا، وسوهاج، وأسيوط، وانتهاء بكفر الشيخ والدقهلية، ودمياط، في المنطقة الواقعة بالقرب من مصب النيل في فرعه الشهير، ويقدر الخبراء مساحة تلك الجزر بنحو 33 ألف فدان، تصنف باعتبارها أجود الأراضي الزراعية في مصر.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

تمتد جزيرة الموز، وهي واحدة من بين 67 جزيرة نيلية تنتشر من أسوان حتى مدينة نجع حمادي التابعة لمحافظة قنا، جنوب مصر، على مساحة تزيد على خمسة أفدنة وسط مياه النيل، وتحفل بالعديد من مزارع الموز، إلى جانب الفواكه الأخرى، مثل التين والجوافة، ما يجعلها واحدة من أهم المقاصد السياحية في صعيد مصر، حيث يقصدها السيّاح للاستراحة، وقضاء وقت ممتع، والاستمتاع بأجوائها الريفية التقليدية التي تعكس ملامح الحياة في مصر، منذ قرون بعيدة.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

 وتُعد زراعة الموز واحدة من أهم الزراعات التي تنتشر في صعيد مصر، وهي تنافس القصب الذي يصنف باعتباره المحصول الرئيسي في العديد من قرى الصعيد المصري، حيث يعتمد الموز في زراعته على وفرة المياه، لذلك لا تصحّ زراعته في الأراضي الصحراوية، أو قليلة المياه، حيث يبدأ موسم زراعة الموز غالباً، مع بدايات شهر مارس، من كل عام، لكن يتعيّن على المزارع أن يتمتع بصبر كبير، إذ تحتاج الشجرة الواحدة إلى نحو خمس سنوات حتى تبدأ بالإثمار، وتستمر في الأرض ما يقرب من 5 سنوات، تخضع خلالها الشجرة إلى عناية خاصة، إذ تحتاج إلى الري أسبوعياً، طوال فصل الصيف، للتغلب على درجات الحرارة المرتفعة، بينما لا تحتاج إلّا للري مرتين أسبوعياً، طوال فصل الشتاء.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

يبدأ حصاد الموز في مصر مع بداية سبتمبر من كل عام، وهي الفترة التي ينتشر فيها المزارعون داخل المئات من الحقول المترامية على شاطئ النيل لحصاد ثمار مجهودهم السنوي، فيرفدون الأسواق بأشهر الأنواع المعروفة في السوق المصرية، وعلى رأسها الموز البلدي، إلى جانب نوعين آخرين يطلق على أحدهما المغربي، وعلى الآخر موز وليم، وهما نتاج عمليات تهجين للثمرة الأمّ التي ظهرت في مصر، حسبما يذهب كثيرون مع نهاية الستينيات، عندما شرع المزارعون بمصر، في زراعته على نحو كبير، لتتصدر مصر، في غضون سنوات قليلة، قائمة الدول الأكبر إنتاجاً للموز في منطقة شمال أفريقيا، متقدمة في ذلك على المغرب، والسودان، والصومال، وجزر القمر.

مجلة كل الأسرة

يقدّر الدكتور يحيى زكريا، عميد كلية الزراعة بجامعة كفر الشيخ، مساحة الأراضي المزروعة بالموز في مصر بنحو 95 ألف فدان، تحتل منطقة النوبارية في أقصي الجنوب الغربي لمحافظة البحيرة ربع تلك المساحة، فيما تتوزع باقي المساحة على العديد من المحافظات المصرية التي تنتج ما يقدر بنحو 450 ألف طن من الموز، سنوياً، يتم تصدير جزء كبير منها إلى خارج البلاد، وطرح الكمية الباقية في السوق المحلية، ما يجعل من الموز أحد ابرز المحاصيل الاستراتيجية التي تفتح لصاحبها أبواب الثراء، وجني الكثير من المال، إذ تصل إنتاجية الفدان الواحد إلى نحو30 طناً، بأرباح تصل إلى ربع مليون جنيه، سنوياً.

مجلة كل الأسرة

لم يكن الربح الوفير فقط، هو الغرض الرئيس وراء لجوء عائلة ولاء السكار، التي تستوطن الجزيرة منذ عقود بعيدة، إلى زراعة الموز، إذ لعب موقع الجزيرة الساحر، في مواجهة قرية البعيرات بالأقصر، دوراً كبيراً في أن تتحول إلى نقطة ترانزيت للعشرات من الوفود السياحية التي تتدفق على منطقة البر الغربي، عبر القوارب النيلية، لزيارة منطقة وادي الملوك الحافل بمقابر ملوك الفراعنة.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

ويقول السكار «كانت تلك الجزيرة مملوكة لأحد كبار الأثرياء في منطقة غرب الأقصر، قبل أن تؤول ملكية مساحة كبيرة منها إلى عائلتي التي تولتها بالرعاية، وشرعت في زيادة مساحة الموز المزروعة فيها، إلى جانب بعض الفواكه الأخرى، وتحويل منطقة الوسط بالجزيرة إلى مكان للراحة، يقبل عليه السيّاح في رحلاتهم اليومية إلى البر الغربي عبر نهر النيل. وفكّرنا مع مرور الوقت في تطوير الفكرة، بتقديم مختلف أنواع المشروبات، والأطعمة التقليدية، بعدما وجدنا احتفاء ملحوظاً من السيّاح بما نقدمه لهم من واجب الضيافة، الذي كان يتجاوز مجرد تذوّق ثمار الموز، إلى قضاء يوم كامل في الجزيرة، والاستمتاع بأجوائها الساحرة، وما تضمّه من أدوات الزراعة التقليدية التي عرفها المصريون القدماء منذ قرون بعيدة».

* تصوير- أحمد شاكر

اقرأ أيضاً: الأقصر وأسوان.. سحر الفراعنة يجذب السيّاح إلى صعيد مصر