ربما يخلط البعض بين الجرعة الثالثة من اللقاح وبين الجرعة المعززة، فالثالثة هي ضرورة لمن لم يستجب جهاز المناعة لديهم للجرعتين الأوليتين «الأساسيتين»، كفئة مرضى زرع الأعضاء، بينما الجرعة المعززة هي جرعة إضافية للأشخاص الأصحاء.
يمكن القول بأنها «تعليم مستمر» لجهاز المناعة لأنها تنبهه مرة أخرى وتعززه إلى أعلى مستوى، وتختلف عنها الجرعة الثالثة فقط في فرق التوقيت وفيمن تتطلب حالته الحصول عليها.
استجابة الأصحاء للقاح
على الرغم من أن الأشخاص الأصحاء عادةً ما تكون لديهم استجابة مناعية قوية للقاح أو اللقاحات الأولية، فمن الطبيعي أن تتضاءل استجابة الجسم المضاد من اللقاح ببطء بمرور الوقت، وهذا الأمر ينطبق على اللقاحات الأخرى أيضًا فهنالك الجرعات المعززة الموصى بها للكزاز والجدري المائي بجانب لقاحات أخرى.
تُعد لقاحات «كوفيد-19» جديدة لدرجة أن العلماء ما زالوا يحاولون تحديد المدة التي تستغرقها المناعة، وهناك بيانات تظهر، إما نتيجة العدوى الطبيعية أو بعد التطعيم، أن مستويات الأجسام المضادة الخاصة بالشخص تنخفض وتصل إلى حالة استقرار منخفضة في حوالي ستة إلى ثمانية أشهر. من الطبيعي أن ينخفض تأثير اللقاحات بمرور الوقت، ولكن لأن اللقاحات كانت فعالة بدرجة كبيرة في البداية فإنها تستمر في الفاعلية.
ومع تضاؤل المناعة يكون لدى الأشخاص الذين تم تطعيمهم فرصة أكبر للإصابة بالعدوى ولكنهم يكونون أقل عرضة لشدة الإعياء بسبب «كوفيد-19» أو الوفاة المرتبطة به.
via GIPHY
المتغير دلتا
ربما يشكل المتغير دلتا (السلالة الجديدة المتحورة من فيروس كورونا الأصلي) أحد الأسباب وراء توصيات تلقي الجرعة المعززة، كما أن هنالك الكثير من المتغيرات الأخرى ولكنها لم تأخذ الاهتمام الذي أخذه دلتا. بالرغم من أن المخاوف من خلط اللقاحات، أي أخذ الجرعتين من لقاحين مختلفين، فإن تجربة في المملكة المتحدة تشير إلى أن خلط اللقاحات قد ينتج عنه استجابة مناعية أقوى.
لقاح الإنفلونزا
يتزامن هذا الوقت من العام مع الطلب على لقاح الإنفلونزا الموسمية للحد من شدة الأعراض المصاحبة لها عقب الإصابة، وفي ذات الوقت ربما يكون الشخص في طريقه لتلقي الجرعة الأولى أو الثانية من لقاح «كوفيد-19».
يقول الخبراء إن تلقي لقاح «كوفيد-19» في ذات الوقت مع لقاح آخر أمر ممكن حتى وإن كان في ذات اليوم. فكرة إعطاء لقاح «كوفيد-19» في ذراع والإنفلونزا في الذراع الأخرى يرى العلماء أنه مناسب تمامًا، ويرون بضرورة الاهتمام بالتطعيم ضد الإنفلونزا لأن لا أحد يعرف مدى خطورة موسم الإنفلونزا هذا العام، وللحد من تفشي المرضين. الاختيار يمكنك اختيار لقاح «كوفيد-19» الذي تتلقاه كجرعة معززة، وقد يفضل بعض الأشخاص نوع اللقاح الذي تلقوه في الأصل، وقد يفضل البعض الآخر الحصول على معزز مختلف بحسب متطلبات معينة كالسفر لإحدى الوجهات على سبيل المثال.تسمح توصيات بعض المتخصصين بهذا النوع من الخلط بين الجرعات المعززة.
لقاح فايزر كجرعة معززة
توصف نتائج التجارب السريرية الصادرة عن الشركة التي طورت لقاح فايزر بأن النتائج الأولى للقاح فايزر كجرعة معززة أو جرعة ثالثة ضد «كوفيد-19» تظهر بأنه فعال بنسبة تزيد على 95% في الوقاية من المرض.
سجل الباحثون ما إذا كان المشاركون قد أصيبوا بالمرض بعد سبعة أيام على الأقل من إعطاء الجرعة المعززة مع متابعة الأفراد لمدة 2.5 شهر في المتوسط. وجدوا أن في مجموعة الجرعة المعززة كانت هناك فقط خمس حالات إصابة بينما تم تسجيل 109 حالات في المجموعة التي لم تتلق الجرعة المعززة، وهو ما يشير إلى فاعلية كبيرة له. انخفضت معدلات الإصابة بشكل أسرع في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 80 عامًا والذين تم إعطاؤهم الجرعة المعززة أولاً مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، مما يشير إلى أنها كانت تعمل على تحسين المناعة والتي ربما تضاءلت بمرور الوقت بعد الجرعة الثانية.
الحصول على اللقاح الأساسي مهم للغاية ضد الأمراض الشديدة وحتى الالتهابات الخفيفة، ولا يقل أهمية عن ذلك تلقي الجرعة المعززة. على الرغم من أن المرض يكون أشد خطراً على متلقي اللقاح إلا أن الجرعة المعززة تعمل بطريقة أشبه برفع سقف المناعة الجسدية حتى تكون على أهبة الاستعداد للموجات القادمة أو المتحورات الجديدة من الفيروس، ولا يواجه العالم فجأة الرعب الصحي الذي شهده العام الماضي والذي ترافق مع خسائر كبيرة في الأرواح وفي جميع مجالات الحياة بسبب الجائحة، بصورة مباشرة وغير مباشرة.