03 يوليو 2022

مشاكل وتداعيات البلوغ المبكر لدى الفتيات

محرر باب "صحة الأسرة" في مجلة كل الأسرة

مشاكل وتداعيات البلوغ المبكر لدى الفتيات

تمر الفتيات الصغيرات الآن بمرحلة البلوغ في سن مبكرة أكثر من ذي قبل، ولا تزال الأسباب موضع بحث ودراسة، ويؤكد العلماء أن لها آثاراً سلبية في صحة الشابات في وقت لاحق من الحياة "ذهنياً وجسدياً"، وذلك مع انخفاض متوسط سن البلوغ في بعض الدول من العمر النموذجي المعترف به بيولوجياً وهو 12 عاماً إلى 10 للإناث، لا سيما في أمريكا.

أسباب انخفاض متوسط سن البلوغ لدى الفتيات

يلقى باللوم على النظم الغذائية السيئة في انخفاض سن البلوغ، ويعتقد أن ذلك ناتجاً عن طفولة عنيفة، أو خلل هرمونات معينة.

وأكدت الدكتورة مارسيا هيرمان جيدينز، خبيرة الصحة العامة بجامعة نورث كارولينا، أن الآثار اللاحقة للبلوغ المبكر يسبب السرطان، وربطت دراسات وأمثلة سابقة البلوغ المبكر للفتيات والإصابة بالسرطان والذي لا يزال غير مفسر في الوقت الحالي.

وأرجع العلماء سبب البلوغ المبكر إلى عدة عوامل:

1- معدلات السمنة المتزايدة

وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن السمنة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و19 عاماً يعانون السمنة المفرطة وآخذة بالارتفاع.

وتوافقت معدلات السمنة مع هذا الارتفاع في سن البلوغ المبكر. وأوضحت الدكتورة بولا نيوتن، أخصائية الغدد الصماء للأطفال في جامعة ميريلاند، أن الأمر قد لا يكون مجرد مصادفة.

وأوضحت أن الخلايا الدهنية لها خصائص هرمونية، وأن الفتيات الصغيرات اللائي يعانين زيادة الوزن أو السمنة سيبدأن في إنتاج الإشارات التي تؤدي إلى سن البلوغ في سن مبكرة، وستنتج هرمون الاستروجين، الذي يؤدي إلى نمو الثديين، والتغيرات الجسدية الأخرى التي تظهر ظاهرياً أن الفتاة تمر بمرحلة النضج.

كما وجدت دراسة نُشرت إبريل الماضي في المجلة الإيطالية لطب الأطفال أن معدلات البلوغ المبكر قفزت 2.5 مرة خلال عامي 2020 و2021 مقارنة بالسنوات السابقة.
وزاد الطين بلة أن "كوفيد-19" أجبر العديد من الأطفال على قضاء المزيد من الوقت في المنزل، وعدم اللعب بالخارج وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتناول الأغذية غير الصحية.

2- الطفولة المؤلمة

ظاهرة أخرى دونها العلماء وهي العلاقة بين الإيذاء العنيف على وجه التحديد، والبلوغ المبكر. فقد أكدت الدراسة الجديدة أن الإناث اللواتي تعرضن للعنف وسوء المعاملة في طفولتهن هن أكثر عرضة لمرور البلوغ المبكر.

مشاكل وتداعيات البلوغ المبكر لدى الفتيات

تداعيات وعواقب البلوغ المبكر للفتيات

البلوغ المبكر والسرطان

قد تكون إحدى أكثر العواقب المدمرة للبلوغ المبكر هي زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي أو الرحم في وقت لاحق من الحياة.

وبينما تم التكهن به في السنوات السابقة، أثبتت الأبحاث الرائدة في عام 2020 والبحث الحالي العلاقة بين البلوغ المبكر وسرطان الثدي في وقت لاحق من الحياة. ولا يستطيع الخبراء تحديد سبب وجود ارتباط بين هذه السرطانات الخطيرة والمميتة والتطور المبكر للإناث.

وقال الدكتور ديل ساندلر، كبير علماء الأوبئة في المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية «عرفنا منذ فترة أن وجود سن أصغر في أول دورة شهرية (سن مبكرة عند الحيض) يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي. وعلى الرغم من أنه أقل دراسة من الحيض، إلا أن بداية نمو الثدي هي علامة مبكرة على سن البلوغ التي تحدث عادة قبل عامين من الحيض وقد تكون مرتبطة أيضاً بمخاطر الإصابة بسرطان الثدي».

وأضاف «لا نعرف على وجه اليقين ما هي الآليات التي تربط البلوغ المبكر بالسرطان لاحقاً في الحياة. وتعاني الفتيات تغيرات هرمونية خلال فترة البلوغ، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على أنسجة الثدي نفسها، والتي نعتقد أنها قد تؤثر في مخاطر الإصابة بسرطان الثدي».

من جانبه أوضح الدكتور فرانك بيرو، الذي قاد بحثاً منذُ العام 2020 وما تزال أبحاثه مستمرة في نضج سن البلوغ من مستشفى سينسيناتي للأطفال، أن «سن الحيض المبكر، أول فترة تمر بها المرأة في حياتها، مرتبطة بهرمون يسمى عامل النمو الشبيه بالأنسولين 1، والفتيات الصغيرات اللائي لديهن مستويات أعلى من عامل النمو الشبيه بالأنسولين 1 في شبابهن أكثر عرضة لمرحلة البلوغ، ويحافظن على مستويات عالية من الهرمون طوال حياتهن».

يرتبط الهرمون أيضاً بارتفاع هرمون الاستروجين، والذي ينظم العديد من الوظائف الأنثوية ذات الصلة بالتكاثر، ومستويات طوال الحياة. والنساء اللواتي لديهن مستويات عالية من هرمون الاستروجين يصبن بثدي أكبر ولديهن بطانة رحم أكثر سمكاً من غيرهن.

مشاكل وتداعيات البلوغ المبكر لدى الفتيات

دور الوالدين في حماية الفتيات من عواقب البلوغ المبكر

وتبقى مسألة البلوغ المبكر، وما الذي يسببه بالضبط، وما إذا كانت المشكلة موجودة على الإطلاق وليست مجرد نتيجة للتغييرات الديموغرافية، بدون إجابة في معظم الأحيان ويظل الأمر غير محسوم.

لكن الأكيد هو عوامل الخطر التي تسببها وكيف يمكن تلاشيها، مثل مشاكل الصحة العقلية أو سرطان الثدي، لذا يجب أن تجرى تغييرات على النظام الغذائي للفتاة، وتغيير الأطعمة الغنية بالدهون والوجبات السريعة والسكريات بخيارات صحية، وهي نصيحة عامة تنطبق على جميع الأطفال.

ويجب أيضاً التخلص من الأطعمة التي تحتوي على فول الصويا، بما في ذلك الحليب والتوفو وبعض بدائل اللحوم.

وإذا بدأت فتاة صغيرة في إظهار علامات البلوغ المبكرة، فالوصية هنا أن يصطحبانها الوالدان إلى طبيب أطفال، وحتى إلى اختصاصي الغدد الصماء للأطفال، والسؤال عن حاصرات البلوغ.

في حين أن الأدوية قد اكتسبت سمعة سيئة من كونها نقطة مركزية في النقاش العابر، فإن استخدامها الأصلي كان للحد من سن البلوغ المبكر، والآثار السلبية المحتملة التي تصاحبها.