يعد سرطان الثدي ومرض السكري من النوع 2 من الأمراض المختلفة التي لا تتشابه فيما بينها، ولا يوجد قواسم مشتركة بينهما، إلا أن باحثون اكتشفوا أن آلية تربط بين سرطان الثدي والسكري، كل منهما يعزز نمو الآخر.
سرطان الثدي: السبب الأول للوفيات الناجمة عن السرطان بين النساء
سرطان الثدي هو ثاني أكثر الأورام الخبيثة تشخيصاً بعد بعض أنواع سرطان الجلد، وبلغ عدد المرضى 2.2 مليون حالة في عام 2020، ووفقاً للإحصائيات الأخيرة تُصاب قُرابة امرأة واحدة من بين كل 12 امرأة بسرطان الثدي في حياتهن.
سرطان الثدي هو السبب الأول للوفيات الناجمة عن السرطان في أوساط النساء، وقد توفيت بسببه 685000 امرأة تقريباً في عام 2020.
ما العلاقة بين سرطان الثدي ومرض السكري؟
ومؤخراً كشفت الأبحاث عن وجود ارتباطات بين سرطان الثدي وداء السكري.
فالنساء المصابات بداء السكري، على سبيل المثال، لديهن خطر متزايد بنسبة 20 إلى 27 % للإصابة بسرطان الثدي، وارتبطت مقاومة الأنسولين، وهي سمة رئيسية لمرض السكري، بحدوث سرطان الثدي وضعف البقاء على قيد الحياة.
تشير الدراسات السكانية إلى أن خطر الإصابة بمرض السكري يبدأ في الزيادة بعد عامين من تشخيص الإصابة بسرطان الثدي، وبحلول 10 سنوات بعد التشخيص، يكون الخطر أعلى بنسبة 20 في المئة في الناجيات من سرطان الثدي مقارنة بالنساء غير المصابات بسرطان الثدي.
المستويات العالية من الكولاجين يمكن أن تحفز خلايا سرطان الثدي
ويلعب نوع الكولاجين الثاني عشر دوراً رئيسياً في تنظيم مصفوفة الورم، وفقاً لدراسة جديدة من معهد غارفان للأبحاث الطبية، فالمستويات العالية من الكولاجين يمكن أن تحفز خلايا سرطان الثدي للانتشار من الورم إلى أجزاء أخرى من الجسم، وهي عملية تعرف باسم الورم الخبيث.
والبيئة الدقيقة للمرض هي النظام البيئي الذي يحيط بالورم، أحد مكوناته هو المصفوفة خارج الخلية. تتفاعل الخلايا السرطانية باستمرار مع البيئة المكروية للورم، مما يؤثر في كيفية نمو الورم.
يعتبر الكولاجين جزءاً مهماً من هذه البيئة الدقيقة للورم، ولكن لم يتم فهم كيفية تأثيره في الأورام.
ووصف فريق البحث، بقيادة علماء في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا سان دييغو، آلية بيولوجية محتملة تربط بين المرضين، حيث يقوم سرطان الثدي بقمع إنتاج الأنسولين، مما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري، كما أن ضعف التحكم في نسبة السكر في الدم يعزز نمو الورم.
وأكد العلماء أنه لا يوجد مرض «جزيرة»، وهي الخلايا مجتمعة، لأنه لا توجد خلية تعيش بمفردها في هذه الدراسة، ووصفوا كيف تضعف خلايا سرطان الثدي وظيفة جزر البنكرياس لجعلها تنتج أنسولين أقل مما هو مطلوب، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى سرطان الثدي مقارنة بالإناث غير المصابات بالسرطان.
وأشار الباحثون إلى ما يرف بالاكسوزومات، وهي حويصلات خارج الخلية، عبارة عن كرات مجوفة تفرزها الخلايا التي تنقل الحمض النووي، والحمض النووي الريبي، والبروتينات، والدهون وغيرها من المواد بين الخلايا، وهو نوع من نظام نقل البضائع. في هذه الحالة، وجدوا أن الخلايا السرطانية تفرز microRNA-122 في الحويصلات.
الخلايا السرطانية تستخدم جلوكوزاً أكثر من الخلايا السليمة
وقال الباحثون إنه عندما تصل الحويصلات إلى البنكرياس، يمكنها الدخول إلى خلايا الجزيرة المسؤولة عن إنتاج الأنسولين، والاستغناء عن حمولتها من طراز miR-122 وإلحاق الضرر بالوظيفة الحاسمة للجزر في الحفاظ على مستوى جلوكوز الدم الطبيعي.
وأضافوا أن الخلايا السرطانية لها أسنان حلوة تستخدم جلوكوزاً أكثر من الخلايا السليمة من أجل تعزيز نمو الورم، وكان هذا هو الأساس لفحوص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني في الكشف عن السرطان، من خلال زيادة نسبة الجلوكوز في الدم التي يمكن أن تستخدمها الخلايا السرطانية بسهولة، وتصنع أورام الثدي طعامها المفضل، وفي غضون ذلك، حرمان هذه المغذيات الأساسية من الخلايا الطبيعية.
تم إجراء البحث باستخدام نماذج، والتي وجدت أن حبيبات الأنسولين بطيئة الإطلاق أو دواء مخفض للجلوكوز، يُعرف باسم مثبط SGLT2، أعاد السيطرة الطبيعية على الجلوكوز في وجود ورم بالثدي، مما أدى بدوره إلى كبت نمو الورم.
وتدعم هذه النتائج الحاجة الأكبر لفحص مرض السكري والوقاية منه بين مرضى سرطان الثدي والناجين منه، مشيرة إلى أن المثبط، يخضع حالياً للتجربة السريرية باعتباره أحد العوامل المحتملة، هو علاج الالتهاب الكبدي الوبائي المزمن، وقد وجد أنه فعال في استعادة إنتاج الأنسولين الطبيعي وقمع نمو الورم في نماذج التجارب السريرية المصابة بسرطان الثدي، والتي تصادف أنها أول عقاقير تعتمد على الحمض الريبي النووي الريبي تدخل التجارب السريرية، قد يكون لها استخدام جديد في علاج سرطان الثدي.