05 أكتوبر 2022

معاناة حية لبطلات قاومن سرطان الثدي

محررة في مجلة كل الأسرة

معاناة حية لبطلات قاومن سرطان الثدي

يعود شهر أكتوبر ويعود الحديث عن سرطان الثدي، هو حديث يستمر مع تصدر هذا النوع من السرطان أكثر السرطانات شيوعاً في العام 2021، وفقاً لتقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية مع معدل إصابة به وصل إلى 12% من إجمالي الحالات السنوية الجديدة على مستوى العالم.

«كل الأسرة» تطّل على هذا المرض بقصص لبطلات قاومن وما زلن، وعلى دور «القافلة الوردية»، المبادرة الأولى في الدولة التي تهدف إلى نشر التوعية بأهمية الكشف المبكر والمراحل العمرية التي تستهدفها، فضلاً عن أهمية الكشف الذاتي للأعمار دون الـ18عاماً.

وديان نوفل.. 10 سنوات من المواجهة لأجل عائلتها

وديان نوفل مع زوجها
وديان نوفل مع زوجها

كنت أردد لنفسي أنه يجب ألا أضعف وأنا أنظر إلى ابنتي التي لم تكمل الرابعة والنصف من عمرها عند بداية مرضي وإلى زوجي وأشعر بقوة غريبة واستثنائية

على مدى عشر سنوات، تقاوم وديان نوفل، زوجة وأم لطفلة، مرض السرطان وتواكب فصول حياتها بالتعامل بحرفية تامة مع مفردات الواقع القائم لدرجة إلمامها بأنواع الأدوية التي تتناولها وآثارها الجانبية.

إلى اليوم، تحاول أن تصد تداعيات المرض الخبيث، تحدثنا وهي للتو خارجة من جلسة علاج كيميائي مكثفة، تحصي الجلسات والأدوية المتناولة وتستعيد اللحظة الحاسمة لاكتشاف المرض، قائلة «قبل 10 سنوات، وجدت كتلة تتحرك أسفل الصدر خلال الدورة الشهرية وسرعان ما اختفت، ومن بعدها عدت أشعر بألم فظيع وبكتلة صلبة لأكتشف إصابتي بالسرطان في عمر 31 عاماً وأنا متزوجة وأم لطفلة تبلغ من العمر4 سنوات ونصف آنذاك».

تم استئصال الكتلة وبعدها الغدد اللمفاوية وكانت وديان تتابع الجرعات وتعايش آثارها الجانبية وتمضي قدماً في حياتها «بعد الجرعات، كنت أخضع لتحاليل دورية كل ستة أشهر مع تواصل مستمر مع الطبيب وتناول العلاج الهورموني، ولكن المرض عاد لينتشر في العظام وفي مناطق صعبة منها منطقة الساق، منطقة الحوض والجمجمة».

لم تتوقف الآلام، تتحدث عنها هذه المرأة بالكثير من الصبر والمعايشة المفرطة «مع انتشار المرض، تمّ استئصال المبايض في عمر الـ35 عاماً واتبعت علاجاً جديداً يتعلق بالعظام لفترة طويلة، وبين علاج ومتابعات وتحاليل عاد المرض على شكل كتلة في الكبد وعدت للخضوع للعلاج الكيميائي مع أعراض تساقط الشعر وغيرها من التداعيات التي أعتبرها «آخر همي»، في ظل المعاناة من جلسات الكيميائي والإشعاعي وعلاجات أخرى».

لم يثن المرض بكل «خبثه» وديان عن النظر في عيني زوجها وطفلتها، وكانت تستمد منهما القوة للاستمرار ومقاومة المرض «كانت المرة الأولى هي الأصعب، ولكن أجد نفسي متقبلة لكل شيء. كنت أردد لنفسي أنه يجب ألا أضعف وأنا أنظر إلى ابنتي التي لم تكمل الرابعة والنصف من عمرها عند بداية مرضي وإلى زوجي وأشعر بقوة غريبة واستثنائية، وما زلت أستمد الأمل من عيونهما».

رشا محمد نعيم.. معاناة نفسية من انفصال ومشكلات عائلية

معاناة حية لبطلات قاومن سرطان الثدي

أقاوم من أجل ابنيّ ومن أجل أن يجداني بجانبهما عندما يكونان بحاجة لي

عاشت رشا محمد نعيم معاناة نفسية من انفصال وتراكم مشكلات عائلية. كانت تشعر بألم في صدرها أثناء الدورة الشهرية، ولم تكتشف أي كتلة خلال الفحص الذاتي، بيد أنه بعد أشهر قليلة وبشكل فجائي شعرت بورم في الصدر وقصدت طبيب النسائية الذي حولها بدوره إلى طبيب غدد ومن ثم إلى دكتور أورام لتكتشف أن الورم خبيث ولتبدأ رحلتها مع المرض، وسط الكثير من الضغوط.

كانت تعيش انفصالها عن شريك حياتها وهي أم لولد (17 عاماً) وبنت (13 عاماً)، وفي الوقت نفسه عاشت انفصالاً آخر عن العالم مع العلاج الكيميائي في عام 2016 وقت اكتشاف المرض «باشرت بالعلاج الكيميائي لتصغير حجم الورم واستغرق الأمر ستة أشهر، وتم استئصال الورم، ومن ثم خضعت لنحو 33 جلسة من العلاج الإشعاعي».

عام من العلاج وعام آخر من المتابعة ليعود الخبيث ويستقر ككتلة تحت الإبط في الغدد اللمفاوية، حيث تم استئصال الغدد عند الثدي الأيسر وبدأت رحلة عذاب أخرى بعد تشخيص خطأ من الطبيب، وبعد تركها لعملها في مجال العقارات جراء الضغوط المتتالية.

تقول «عام آخر من العلاج لم أجد إلا صديقتي وهي جارتي تساندني وتقف بجانبي، أنهيت العلاج ولكن وضعي الصحي ليس على ما يرام حيث ما زلت أشعر بألم في العظام وسوء تغذية وعدم اهتمام بنفسي، وحتى عندما أشعر بأي رعشة أتساءل إن كنت سأعود إلى رحلة العذاب مرة أخرى وخاصة أننا أمام ورم جديد ظهر حالياً في منطقة الفك، والخوف يعتريني أن أكون أمام رحلة جديدة للعلاج».

المرض غيّر النظرة للحياة لدى رشا «أقاوم من أجل ابنيّ ومن أجل أن يجداني بجانبهما عندما يكونان بحاجة لي. أشعر بأني قصرت في حق نفسي وكنت أفكر بمن حولي وهذا الخطأ الأكبر الذي ارتكبته. لا بد أن أستمر بالمقاومة، ولا بد للنساء أن يدركن أهمية الكشف المبكر لتفادي كل هذه المعاناة».

«القافلة الوردية».. نشر التوعية مستمر

معاناة حية لبطلات قاومن سرطان الثدي

مع اقتراب شهر أكتوبر، وهو الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي، يتبدى دور «القافلة الوردية»، المبادرة الأولى في الدولة، وهي إحدى مبادرات جمعية أصدقاء مرضى السرطان، في جهودها التوعوية حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، حيث تمكنت عام 2021 من تقديم آلاف الفحوص المجانية للكشف المبكر عن سرطان الثدي، شملت 2197 فحصاً سريرياً و1019 فحص ماموغرام و208 اختبارات بالموجات فوق الصوتية.

منذ بلوغ الفتاة، لابد من قيامها بفحص ذاتي كونها أول فرد يمكن أن يرصد أي تغير، وثمة جلسات توعوية تستهدف الفئات العمرية ما قبل الـ18 عاماً داخل المدارس أو عبر ورش «أونلاين»

تواكب هناء محمد، تقني أشعة ماموغرام وضابط السلامة من الإشعاع في عيادة القافلة الوردية، أهداف انطلاق القافلة الوردية بدعم وتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الرئيس الفخري ومؤسس جمعية أصدقاء مرضى السرطان.

«تهدف القافلة إلى تقديم فحوص الكشف المبكر لجميع شرائح المجتمع دون استثناء، وهي تستهدف عدّة فئات عمرية حيث تتوزع الخدمات ضمن سياقين: خدمة الفحص السريري للكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتقوم به طبيبة مختصة وتطال السيدات من عمر 20 إلى 39 عاماً، والخدمة الثانية هي الماموغرام لكل سيدة تجاوزت الأربعين عاماً».

هناء محمد
هناء محمد

وتنشر القافلة التوعية للفتيات تحت سن العشرين بأهمية الفحص الذاتي عن سرطان الثدي «منذ بلوغ الفتاة، لابد من قيامها بفحص ذاتي كونها أول فرد يمكن أن يرصد أي تغير، وثمة جلسات توعوية تستهدف الفئات العمرية ما قبل الـ18 عاماً داخل المدارس أو عبر ورش «أونلاين» كانت تنظم خلال جائحة «كورونا» نحرص فيها على تعزيز التوعية بأهمية الفحص الذاتي وتوعية الشرائح الأكبر سناً بالأسباب التي يمكن السيطرة عليها مثل نمط الحياة الصحي، إيلاء الاهتمام بالرياضة وتفادي السمنة».

معاناة حية لبطلات قاومن سرطان الثدي

في تعاملها المباشر مع الحالات، قد تتبيّن هناء محمد حالات مصابة بالسرطان، إلا أنها تبقى محادية. هذا التعامل يتطلب الكثير من الخبرة، وهي تصف منحى التصرف «بعض السيدات يأتين وهن قلقات وبالتالي لا يمكن أن أظهر أي تعبير يزيد من توترهنّ، وخبرتي فوق الـ18 عاماً ساعدتني على التحكم بتعابير وجهي والحياد لكون الطبيبة المختصة هي من تقوم بتشخيص صورة الماموغرام بشكل حاسم».

توجز «القافلة الوردية كسرت الحاجز النفسي وشجعت السيدات على الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتأتي أهمية هذه الخطوة باعتبار أن الكشف المبكر للمرض في مراحله الأولى يزيد النجاة بنسبة 99%، ومع إمكانية السيطرة على العوامل التي يمكن التحكم بها».

الكشف المبكر... معادلة جيدة لمواجهة المرض

معاناة حية لبطلات قاومن سرطان الثدي

مرحلة اكتشاف الإصابة بسرطان الثدي ليست سهلة بالنسبة للمرأة، في ظل ما يستتبعه من آثار وتداعيات صحية توضحها الدكتورة تغريد المحميد، استشارية جراحة عامة، لجهة «نوع العلاج المقترح سواء كان استئصال الثدي أو العلاج الكيماوي، كون لا أحد يستطيع إدراك أو معرفة ما يدور بداخلها من مشاعر يمكن أن تختلط وتتشتت وتؤدي بها أحياناً إلى أخطر درجات الاكتئاب».

من هذا المنطلق، تجد د. المحميد أن هذه المرحلة لا بد أن تستتبع بالدعم الأسري والزوجي الذي «يلعب دوراً أساسياً للمساعدة في تسريع الشفاء جنباً إلى جنب مع الخطة العلاجية الموضوعة من الطبيب المعالج، ويسهل عودة المريضة إلى الحياة الطبيعية».

الدعم يخفّف من شعور المريضة بالوحدة ويزيد من تأقلمها مع حالتها الصحية ويعزز الاستجابة للعلاج

‏فالنساء اللواتي يتمتعن بإحاطة طبية وأسرية أكثر قدرة على مقاومة المرض، تقول «دعم الأسرة والمقربين جزء لا يتجزأ من عملية العلاج، وقد لاحظت الفرق بين المريضات اللاتي تلقينّ دعماً من أفراد عائلاتهن والمقربين وكنّ أقل عرضة للتوتر وأظهرن نتائج أفضل عند العلاج، وبين من لم يقدم لهن الدعم الكامل. فالدعم يخفّف من شعور المريضة بالوحدة ويزيد من تأقلمها مع حالتها الصحية ويعزز الاستجابة للعلاج».

بيد أن كل هذا مرتبط بدائرة الكشف المبكر «هذه هي المعادلة التي تسهم بنسبة كبيرة في نجاح العلاج والشفاء التام منه، والإيمان بالله والثقة بالنفس ودعم الأسرة والزوج والمجتمع، كلها عوامل أساسية للشفاء والنجاة من هذا المرض، الذي يعد أكثر أنواع السرطانات انتشاراً وشيوعاً بين النساء في العالم».

«القافلة الوردية».. بين التوعية والحماية والفحوص الطبية

تستمر القافلة الوردية في تأدية رسالتها الهادفة إلى حماية المجتمع من سرطان الثدي، حيث تتنوع فرص المشاركة في فعاليات القافلة ابتداءً بالتسجيل في مبادرة «اليوم الصحي» للمؤسسات، إلى الفحوص الطبية المجانية للسيدات من الفئة العمرية 40 عاماً وما فوق، فضلاً عن قسائم فحص الماموغرام، كما يمكن الحجز في العيادة الطبية المتنقلة المجهزة بأحدث الأدوات الطبية العالمية، أو رعايتها، لتقديم الفحص المبكر عن سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم لأفراد المجتمع.

وأعلنت «القافلة الوردية» عن توافر عدة طرق للتفاعل والمشاركة في برنامج القافلة الوردية للشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي، ودعمه ورعايته..

لمعرفة المزيد يرجى التواصل مع «القافلة الوردية» على:

الإيميل: [email protected]
أو من خلال قنوات التواصل الاجتماعي: ThePinkCaravan@