مصطلح جديد دخل إلى قاموس المجتمع الأمريكي، هو «عار الجسم بعد الولادة». والمقصود به تلك الحالة من الخجل التي تستولي على النساء بسبب زيادة وزنهن وترهل الصدر والبطن بعد الوضع. وهناك اليوم حملة انطلقت من كاليفورنيا ووصلت لندن وباريس وروما لمواجهة هذا النوع من «الإرهاب» الذي يستهدف الأمهات في واحدة من أروع لحظات حياتهن.
كانت النجمة الاستعراضية ريهانا واحدة من أشهر ضحايا هذه الظاهرة. لقد طاردها المصورون وهي تخرج إلى الأماكن العامة بعد ولادة طفلها الأول. وركزوا عدساتهم المقربة على امتلاء قوامها وعلى الدهون التي تجمعت حول ساقيها.
ثم دخل الآلاف إلى مواقع التواصل ليدلوا بدلائهم في موضوع لا يخصهم من قريب أو بعيد. ورأينا سيلاً من المنشورات والتعليقات التي تنتقد الفنانة وتشهّر بها وكأنها ارتكبت ذنباً أو أتت معصية.
لفتت ردة الفعل هذه نظر الجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة وشنّت حملة مضادة. لماذا يكون على الوالدة أن تدخل في حرب لا هوادة فيها ضد الكيلوجرامات التي اكتسبتها خلال أشهر الحمل؟
إن من حقها أن تتمتع بمشاعر أمومتها الجديدة، وأن تسمع التشجيع والإطراء، لاسيما وهي ترضع وتسهر الليالي مع وليدها الذي يحتاج كل ذرة من اهتمامها.
بلغ رهاب العار من الجسد حد المسابقات بين الصديقات حول السرعة في استعادة مقاسات ما قبل الولادة.
تأتي الواحدة منهن بفستان من الفساتين التي كانت ترتديها قبل الحمل وتحاول أن تحشر نفسها فيه لتؤكد أنها انتصرت على الوزن الزائد وعادت رشيقة كالسابق. تنشر الأمهات الشابات صورهن كدليل إثبات على ذلك الانتصار.
وعندها تتلقى التهاني وتعليقات الإعجاب وكأنها حصلت على شهادة علمية رفيعة.
أي معركة هي هذه؟ وهل يدخل المرء حرباً ضد نفسه وما يشتهيه؟
وهناك من تحتفظ بفستان عرسها معلقاً في دولابها القريب. ترفع عنه الغطاء كل عام، في ذكرى زواجها، وترتديه بعد أن تقفل عليها باب الغرفة بالمفتاح. فإذا كان ملائماً لها استبشرت وزفت الخبر السعيد لزوجها وصديقاتها. أما إذا ضاق عليها فتلك هي الطامة الكبرى التي تسبب لها حالة من الكآبة ومحاسبة النفس.
هوس النحافة
يعرف الجميع أن البدانة مضرة بالصحة، وأنها البوابة لأمراض كثيرة. لكن هوس النحافة مرض أيضاً. ولابد للفرد، سواء أكان امرأة أو رجلاً، أن يدرك أن جسمه يتغير مع سنوات عمره. ستظهر تكورات هنا وترهلات هناك، لكنها لا تفسد للود قضية، إذا جاز التعبير. وهناك اليوم ممثلات ومطربات مدمنات على عمليات الشفط والقص والنفخ، والهدف هو الحفاظ على قوام مراهقة في حين تكون صاحبة القوام في الستين.
قرأت مقابلة مع حانوتي يعمل في فلوريدا، الولاية المشمسة التي يتقاعد فيها أثرياء الولايات المتحدة والعالم، قال دفّان الموتى إنه يكفّن نساء عجيبات، الوجه شاب مشدود بلا تجعيدة والجسد عبارة عن جلد مكرمش فوق عظام. وبقيت تلك العبارة في بالي، ترعبني حين أستعيدها وأحاول أن أتصور المقصود بها.
لماذا نسلّط على المرأة إرهاب الجسد؟