تتبع العديد من المؤسسات أساليب متعددة للتصدي لأي تحديات أو ضغوط تواجه الموظفين، بهدف الارتقاء بمستوى المؤسسة بأكملها. فهم يدركون أن العاملين لا يحتاجون إلى رعاية صحتهم الجسدية فقط، بل إلى الدعم النفسي والمعنوي، وتحسين حالتهم المزاجية، للحفاظ على بقائهم أطول فترة ممكنة من خلال تعزيز مهارات التأقلم لدى الموظفين، وإدارة التوتر وبناء المرونة.. وفيما يلي استراتيجيات تتبعها بعض المؤسسات الخاصة والحكومية في الإمارات، انعكست بشكل إيجابي على إنتاجية وأداء الموظفين، خصوصاً النساء منهم، اللاتي يتولين مهام الأمومة بعد انتهاء وقت العمل.
تقول كريستي كوين، الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية لدى مجموعة فاين الصحية القابضة، "نعتني بالصحة النفسية والعامة لموظفينا. حيث تستند سياستنا الجديدة الأكثر شمولية إلى إحدى قيمنا الأساسية المتمثلة بالاهتمام بالموظفين كركيزة أساسية لنا لنتمكن من الازدهار والنمو، وبخلاف إجازات الأمومة والأبوة المتبعة في المؤسسة، أجرى فريقنا دراسة شاملة لإطلاق سياسة الإجازة الجديدة المتعلقة بالصحة النسائية ومختلف الحالات التي تندرج تحتها، حيث ندرك تأثيرها في السيدات وما يترتب عليها من تغيرات نفسية وجسدية، مما يدعونا إلى الوقوف بجانب موظفاتنا اللاتي يواجهن هذه الحالات وتوفير الدعم اللازم لهن، من خلال الاستماع لاقتراحات الموظفين وأخذها بعين الاعتبار، مثل توفير غرف مخصصة لإرضاع الأطفال بعد عدة توصيات من الموظفات، أو إطلاق سياسة جديدة من قبل الإدارة مثل الإجازة الخاصة بالصحة النسائية. فلاحظنا ردود فعل إيجابية بعد إطلاق سياسة Fine Flourish، التي تسهم بشكل مباشر في تعزيز مستويات الحفاظ على الموظفين. كما نسعى باستمرار إلى تقديم المرونة المطلوبة لموظفاتنا إلى جانب الدعم العاطفي والنفسي طوال فترة عملهم لدينا".
تعزيز انتماء الموظفين لمكان العمل
أما المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، حصل على العديد من التقديرات باعتباره من أفضل بيئات العمل في الإمارات، فخلال زيارتنا للمركز لاحظنا انتشار الزينة الصناعية باللون الأخضر، والزهور الطبيعية البيضاء التي تحسن الحالة المزاجية للموظفين الذين أشاروا خلال جولتنا في المركز إلى سياسة المركز في الحرص على أدق التفاصيل التي يمكنها أن تزيد انتماء الموظف للمكان، وتشجعه للذهاب إلى العمل بشغف وحماس بدأ من تخصيص ممشى رياضي في محيط المركز للتشجيع على ممارسة الرياضة أثناء العمل، تشغيل موسيقى صباحية هادئة، كذلك تخصيص المركز غرفاً للموظفات للراحة ولاستقبال أطفالهن الرضع وإرضاعهن في حال عدم القدرة على الذهاب إلى المنزل بسبب حاجة العمل، والعديد من البرامج التي تحرص إدارة المركز من خلالها على تعزيز الترابط بين الموظفين بالمشاركة في برامج مجتمعية لزيارة كبار السن ودور الأيتام.
النساء يواجهن تحديات لا يواجهها الرجل في العمل
وتشير ناتاشا هاثيرال -شو، المؤسس والمدير التنفيذي في تش تاش كوميونيكيشنز، "بصفتنا شركة نسائية بنسبة 100%، فإننا نتفهم التحديات الفريدة التي تواجهها النساء، بعد مرور 12 عاماً نجحنا في اتباع استراتيجية تعمل مراعاة الصحة النفسية للموظفات، لضمان انخفاض معدل التغيير في فريق العمل، إذ تعد الحالة الصحية والمزاجية مهمة لفريق العمل، إذ تواجه النساء تحديات فريدة في العمل لا يواجهها الرجال، بما في ذلك الحمل والرضاعة الطبيعية وتقديم الرعاية بالإضافة إلى الحيض، لذلك نحرص على تحقيق التوازن بين العمل والأمومة لضمان بيئة عمل مرنة جداً، إذ تحدد الأمهات ساعات العمل التي تتناسب مع حياتهن بما في ذلك الذهاب إلى المدرسة لانتظار أطفالهن، للتخفيف من ضغوط محاولة القيام بكل شيء. نسمح كذلك بالعمل من منازلهن لمدة تصل إلى شهر واحد كل عام، مما يساعد بشكل خاص خلال أشهر الصيف حيث تتمكن الأمهات الحصول على الدعم من عائلاتهن من خلال تقديم الرعاية. ونظراً لأن الأغلبية منا مغتربات هنا، فهذا يعني أيضاً أنه يمكننا الحصول على المزيد من الوقت مع عائلاتنا وأصدقائنا في وطننا دون الحاجة إلى استخدام كل إجازاتنا السنوية".
الاهتمام بصحة الموظف يعود بالنفع على المؤسسة
وتضيف هاثيرال "يتم عقد جلسة واحدة أسبوعية مع جميع أعضاء الفريق حيث يمكنهن مشاركة المخاوف الشخصية والعملية للموظفات، مما يكشف إذا كانت هناك واحدة منهن تحتاج إلى دعم إضافي مبكراً لوضع خطة لمساعدتها، فأيام الصحة النفسية مهمة جداً، إذا احتاج فريقنا إلى يوم إجازة للتركيز على أنفسهن أو الراحة أو فعل أي شيء يجعلهن يشعرن بالرضا والسعادة مرة أخرى. وهناك سياسات لدعم الاحتياجات الصحية للفريق - بما في ذلك إجازة الدورة الشهرية، وإجازة الخصوبة (تجميد البويضات، والتلقيح الصناعي، إلخ) وإجازة انقطاع الطمث.. كل الإجازات هذه مسموح بها بلا شك، فإذا اهتممت بموظفيك وبصحتهم وعافيتهم أولاً، فستشهد نتائج رائعة لم تشهدها من قبل".
مرونة في اختيار مكان ممارسة العمل
وحول توفير أجواء للعمل خارج جدران المكاتب، تقول هبة عادل، التي تعمل في إحدى شركات الدعاية والإعلان، "طبيعة عملنا تحتاج إلى إبداع وخلق أفكار جديدة، لذلك لا تفرض علينا المؤسسة العمل في المكاتب، إذ يمكن الخروج إلى الحديقة المجهزة بكافة الأدوات للعمل في أجواء طبيعية ولاستنشاق الهواء الطبيعي، كي نتمكن من الإبداع والابتكار والشعور بالراحة النفسية، هذا بالإضافة لتخصيص جلسات عمل تختلف في طبيعتها عن الاجتماعات الرسمية، نتناقش خلالها ونتشاور في أفكار تهدف لتحسين بيئة العمل، وكيف يمكن أن نتبادل المهام لتخفيف الأعباء على الموظفين الذين يمرون بظروف خاصة".