د. عائشة الظاهري: هدفي تطبيق برامج مبتكرة لتعزيز الصحة والنشاط البدني
شخصية ديناميكية تخصصت في مجال تعزيز الصحة، عبر ممارسة الطب الإكلينكي والطب العام في المستشفيات والعيادات المختلفة، لديها خبرة ممتدة لأكثر من 15 عاماً في مجال التدريس؛ إذ عملت أستاذاً مساعداً لتدريس منهج تعزيز الصحة لطلاب بكالوريوس الطب وماجستير الصحة العامة في معهد الصحة العامة في كلية الطب والعلوم الصحية التابعة لجامعة الإمارات.. هي الدكتورة عائشة إبراهيم الظاهري، رئيس قسم تعزيز الصحة في مركز أبوظبي للصحة العامة، التقيناها لنتعرف من خلالها إلى ممارسات وطرق تطبيق منهجية تعزيز الصحة الفعالة.
تتخصصين في مجال تعزيز الصحة لدى الأفراد، فهل تجدين صعوبة في إقناعهم باتباع أسلوب الحياة الصحية؟
ممارسة وتطبيق منهجية تعزيز الصحة الفعالة تتطلب مهارات الإنصات والإقناع والتأثير بشكل يضمن التغيير الإيجابي في الأفراد لتحسين صحتهم، وهذا أمر يحتاج تدرجاً في اتباع أسلوب معين. ولأنها عملية تحتاج إلى جهد أواجه صعوبات في البداية مع بعض الفئات في تقبل الخوض في تجربة التغيير، ونظراً لعيشنا في واقع يحتاج حلولاً لجذب انتباه المتلقي تجد البعض غير متشجع لبدء التغيير، لكن متى ما أدركوا الحقائق وتم الاستماع إليهم وتقييم احتياجاتهم مع مساعدتهم على اكتشاف وتعلم الحلول المنطقية تجد الكثير منهم مستعداً لاتباع أسلوب الحياة الصحية، وقد شهدت على قصص نجاح كثيرة بدت صعبة في البداية، لكنها تكللت بالنجاح في النهاية.
حدثينا عن تدرجك في هذا المجال وأهم المحطات التي أصقلت خبراتك العملية.
تدرجت في مجال تعزيز الصحة واكتسبت خبرة في العمل ضمن عدة مجالات في الصحة العامة والطب الوقائي والعمل الإداري، ليسبق ذلك محطات أخرى في ممارسة الطب الإكلينكي والطب العام في المستشفيات والعيادات وتلبية احتياجات المرضى الصحية، إضافة إلى عملي الممتد منذ أكثر من 15 عاماً أستاذاً مساعداً لتدريس منهج تعزيز الصحة لطلاب بكالوريوس الطب وماجستير الصحة العامة في معهد الصحة العامة في كلية الطب والعلوم الصحية التابعة لجامعة الإمارات.
تشيرين بأصابع الاتهام إلى الاعتقادات الخاطئة التي أثرت في التأخر في إجراء الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة، هل واجهتم حالات ترفض إجراء الفحوص؟
نعم للأسف شهدت عدة حالات رفضت إجراء الفحوص أو قبول إصابتها بمرض ما، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع أو حصول مضاعفات عند اكتشاف المرض، ويرجع ذلك لعدة عوامل أبرزها رفض الاعتراف بالإصابة، والشعور بالخوف من المجهول واستباقية التفكير السلبي بتبعات اكتشاف مرض ما فيهم، وتأثرهم بالمفاهيم الخاطئة والسائدة واتجاههم لأخذ رأي غير المختصين لتلقي العلاج أو السيطرة على المرض.. وهذه العوامل وغيرها تسهم بشكل سلبي في تلقيهم الرعاية المثالية في الوقت المناسب.
كونك مؤثرة عبر مواقع التواصل إلى جانب عملك في «أبوظبي للصحة العامة»، ما الرسالة التي تودين نشرها بين الناس؟
لا تخلو الحياة من الصعوبات والتحديات والمشاكل، لكن تظل الصحة هي المحور الرئيسي في التحكم في جودة الحياة التي يتمناها كل فرد، ورسالتي التي أود نشرها بين الناس هي أن يدركوا قيمة الصحة بمفهومها الشامل (الجسدية والصحة النفسية والصحة الاجتماعية)، ويعملوا على تطبيق آليات التوازن بين هذه العوامل حسب احتياجات كل فرد وجعلها أولوية ضمن جدول برنامجهم اليومي، من خلال انتهاج أسلوب الحياة الصحي المستدام.
«ذبذبات» يقدم محتوى مفيداً وممتعاً وهادفاً بشكل مبتكر يجذب انتباه الجمهور
تستعدين لإطلاق برنامج «ذبذبات» على قناتك الخاصة في "يوتيوب"، فما الهدف منه؟
أؤمن بأن نطاق عملي يتعدى حدود المسؤوليات الرسمية الموكلة لي، وأتشرف وكلي فخر بإطلاق برنامجي الخاص، والذي يهدف بشكل أساسي إلى إرسال ذبذبات ورسائل إيجابية محفزة تشجع الأفراد على اتخاذ القرارات السليمة والخيارات الصحيحة من أجل تحسين مستويات السعادة والصحة لديهم. والمميز في هذا البرنامج أنه يواكب التحديثات المرتبطة بالمتغيرات التي نراها حولنا في شتى وسائل التواصل الاجتماعي، ويركز على تقديم محتوى مفيد وممتع وهادف بشكل مبتكر يجذب انتباه الجمهور.
تحدثت عن أن الصحة لا تعني فقط عدم الإصابة بالمرض، إنما هي شيء أكبر من ذلك، فماذا تقصدين؟
الصحة بمفهومها الشامل لا تعني غياب المرض فقط، وإنما تعني تكامل الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية، سواء كان هناك مرض أو لم يكن، وهذه التكاملية تشمل عدة محددات تؤثر في مستويات الصحة لدى الأفراد، كاحتياجاتهم الأساسية من مسكن وملبس ومأكل وشعور بالأمان والانتماء وتكوين العائلة والروابط العاطفية ومتطلبات الحياة الاجتماعية والمالية ومختلف الضغوط والعوامل البيئية والسياسية، إضافة إلى الاحتياجات الأخرى لتحقيق الذات والشعور بمعنى وقيمة الحياة، كل تلك العوامل والمحددات تسهم بشكل كبير في تشكيل مستويات الصحة ومفاهيمها الأساسية لكل فرد وفي كل مجتمع، لذلك تتباين الاحتياجات وتختلف التوجهات حسب الأولويات لكل زمان ومكان.
أشرت إلى أن الجسد يفرح ويحزن وأن هناك برمجة للعقل يمكن أن تجنب الإنسان الغضب، هل لك أن توضحي لنا ذلك؟
البرمجة العقلية علم ممتع إذا تم تطبيقه بشكل صحيح، في العادة يميل العقل إلى تضخيم الأمور السلبية التي تحدث لنا بشكل يومي، لكن إذا تمت إعادة برمجته على تضخيم الأمور الإيجابية التي تحدث والشعور بالامتنان على حدوثها فسيتم تدريجياً السيطرة على تضخيم الأمور السلبية. وإذا طبقنا المثال على الغضب مثلاً، فإن الشخص يحتاج لأن يدرك متى يغضب وما هي الأسباب التي تدفعه له، ويحاول في كل مرة أن يبرمج عقله على تجنبه أو تخفيف حدته وتعلم مهارات المرونة العقلية بشكل تدريجي وإقناع العقل بالمردود الإيجابي للتحكم في الغضب على صحة الجسد مستقبلاً، وبذلك يقوم الإنسان بعكس أي ردة فعل سلبي إلى آخر إيجابي حتى ولو كان الأمر يستدعي الغضب تتم إعادة برمجته في الدماغ ليصبح رد فعل إيجابياً لمصدر سلبي، وبالتالي تتكون ردات الفعل المرنة والمتزنة للأمور، ويصبح الإنسان قادراً على التكيف وانتهاج العادة الصحيحة بالتدريج ومن ثم جعلها أسلوب حياة مستدام.
إبراز الجانب الإيجابي والتسويق للأمل والسعادة أهم أولوياتي
ما الأدوات التي يجب أن نستخدمها لتعزيز الشعور بالسعادة في داخلنا؟
المرونة النفسية والعقلية والشعور بالامتنان والرضا والسلام الداخلي لأبسط الأمور، ويجب علينا السعي إلى تلبية احتياجات الذات وتطويرها وتحقيق الهدف الأساسي في هذه الحياة، كل حسب ميوله واهتماماته وقيمه، وتكثيف العطاء وعمل الخير والتعاون دون انتظار مقابل، حيث إن له مردوداً إيجابياً كبيراً في المستقبل على عدة نواحٍ في حياتنا، كما يلعب تحفيز الشخص لنفسه ومكافئته لكل إنجاز على الصعيد الشخصي دوراً مهماُ في تعزيز الشعور بالسعادة المستدامة.
بعيداً عن مجال العمل، تفتخرين بأصلك البدوي.. حدثينا عن نشأتك وكيف أثرت في حياتك؟
نشأت في كنف عائلة كريمة ربتني على قيم وأخلاقيات العروبة والأصول البدوية العريقة ومواصفات الالتزام والجدية والصلابة بتجانس مع كرم الأخلاق والبشاشة والطيبة، والتي عشنا معظمها عاداتٍ وتقاليد صارمة وتحديات كثيرة، لكنها أثبتت مع تغير الزمن أنها مرنة أيضاً؛ إذ أسهمت هذه البيئة في التأثير فيَ وتشكلي امرأة واثقة من نفسها وفخورة بإنجازاتها وتعتز بأصلها البدوي، وفي نفس الوقت استطاعت أن تواكب العالم الحديث بإصرار وثبات في الظهور بصورة مختلفة ومتحضرة ومحافظة وحيوية.
تحرصين على نشر البهجة بين الناس، فهل هناك أشخاص ألهموك وتأثرت بهم في حياتك؟
أحب أن أنشر البهجة بين الناس لإيماني بأن إدراك نعمة الحياة بحد ذاتها أمر فطري يستدعي منا الشعور بالفرح والسعادة، وتأثرت كثيراً بسيرة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والذي سطر لنا أجمل الأخلاقيات التي تحتم علينا الامتثال لحسن الخلق أداةً فعالة لضمان حياة هادئة ومرضية للنفس البشرية، ومن الأشخاص الذين ألهموني في حياتي المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأبي رحمه الله.
ماذا عن أسرتك، وما الذي تعنيه لك تحديداً؟
تأتي أسرتي على رأس أولويات حياتي، وتعني لي الملاذ الآمن لاستقراري وراحتي النفسية والمحرك الرئيسي لكل جهودي ونجاحاتي في هذه الحياة، وأسعى بكل جهدي لأوازن بين مسؤولياتي تجاهها وبين زحام المسؤوليات الأخرى وأسأل الله التوفيق دائماً.
تمارسين رياضة اليوغا نوعاً من تحفيز الجسم على الاسترخاء، فهل هي هوايتك الوحيدة؟
أمارس تلك الرياضة 10 دقائق أو أكثر في بعض الأحيان واتخذها نمط حياة يومي يعزز صحتي وطاقتي، وتساعدني بشكل كبير على الاهتمام بصحتي النفسية والمحافظة على التوازن والسلام الداخلي، كما يوجد لدي الكثير من الهوايات الأخرى كممارسة التمارين الرياضية بانتظام ثلاث مرات في الأسبوع وقراءة الكتب والمقالات والاستماع للموسيقى الهادئة بشكل شبه يومي وإعداد محتويات فيديو ومقاطع مفيدة وممتعة لنشرها في وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بي في أوقات الفراغ.
ما أهم أهدافك المستقبلية المتعلقة بمجال عملك؟
العمل على تطبيق برامج مبتكرة لتعزيز الصحة والنشاط البدني باستخدام أفضل الممارسات العلمية وخلق شبكات تواصل عالمية والعمل مع الشركاء في إمارة أبوظبي لتحريك المجتمع وتشجيعه على تبني أنماط حياة صحية تقي أفراده من الأمراض المزمنة وتضمن لهم جودة حياة صحية وسعيدة، والتي تحفز بدورها على الابتكار والإبداع وخلق جيل صحي واعد لحاضر مثمر ومستقبل مزدهر.
* تصوير: محمد السماني