يقول (س.ع)، أحد المرضى في عيادة العيون «أجريت، مؤخراً، عملية جراحية لإعتام عدسة العين في كلتا العينين، بفارق شهر تقريباً بين كل عين وعين. وكان الطبيب أخبرني أن نظري سيتحسّن، الأمر الذي أسعدني، لأن نظري صار في الآونة الأخيرة ضعيفاً جداً، وأصبحت الرؤية ضبابية، فلم أعد قادراً على تمييز الأشياء عن بعد، وصرت حين العمل على الحاسوب ألتصق به كي أرى. حينها أدركت أن الوقت قد حان لعمل شيء يجنّبني تدهور البصر الذي أخذ بالتراجع مع مرور الوقت».
ويتابع المريض «خضعت للجراحة التي أكد لي الطبيب أنها ناجحة تماماً، ولكنني فوجئت بعد مدة من إجراء العملية بأن الألوان قد تغيّرت، وأن اللون السائد في المجال البصري هو اللون البنفسجي الذي يتحول إلى أبيض على الأسطح الصفراء، وإلى أسود على الأسطح الخضراء والحمراء، وإلى فضي على الأسطح البنية. يعني تغيّراً كاملاً ومزعجاً تماماً، في الألوان، أنساني فرحتي بوضوح الرؤية بعد زراعة عدسة جديدة كان من المفترض أن تحل كل مشكلات النظر عندي».
ما هو مرض المياه البيضاء، أو الساد؟
المياه البيضاء، أو الساد، أو إعتام عدسة العين، هو مرض يصيب عدسة العين فيمنع وصول الضوء إلى الشبكية، وبالتالي تصبح الرؤية ضبابية، وتؤثر في الحياة اليومية. وتكثر نسبة الإصابة بهذا المرض لدى كبار السّن، وهو المسؤول الأكثر شيوعاً عن تراجع حدة النظر لدى الكثير من الناس، في كل بقاع الأرض. ولكنه قد يصيب الأطفال حديثي الولادة، والشباب أيضاً. وتُعد جراحة المياه البيضاء التي تستبدل فيها عدسة جديدة بالعدسة الطبيعية المصابة، عملية سهلة وناجحة بنسبة قد تصل إلى 99%.
ما هي مخاطر جراحة المياه البيضاء؟
مثل أيّ عملية جراحية، تحمل جراحة إزالة المياه البيضاء مخاطر حدوث مشكلات، أو مضاعفات، نذكر بعضها:
- التهاب العين
- نزيف في العين
- تورّم مستمر في مقدمة العين أو داخل العين.
- تورّم الشبكية (الطبقة العصبية الموجودة في الجزء الخلفي من العين)
- انفصال الشبكية (عندما ترتفع الشبكية عن الجزء الخلفي من العين).
- تلف أجزاء أخرى من العين
- ألم لا يزول بالمسكّنات
- عدم وضوح الرؤية
- رؤية هالات، وهج وظلال داكنة
- تحرّك العدسة المزروعة من مكانها
- فقدان البصر
تغيّر الألوان.. إحدى مضاعفات جراحة المياه البيضاء
سوف نستعرض فقط إحدى هذه المضاعفات فقط، لكونها تزعج المريض، ولا يتحدث عنها الطبيب، وهي مشكلة تغيّر الألوان؛ فكما يقول المريض (س.ع)، نادراً ما يتحدث الأطباء عن تغيّر الألوان بعد الخضوع لجراحة المياه البيضاء، فهم يتحدثون عن نسبة نجاح العملية، وعن تحسن الرؤية بشكل كبير، لكنهم لا يذكرون شيئاً عن ذلك الوهج البنفسجي الذي يسيطر على مجال الرؤية، ويغيّر طبيعة الألوان.
مثل (س.ع)، يرى بعض مرضى المياه البيضاء، بعد خضوعهم لزراعة عدسة جديدة، وهجاً بنفسجياً يعكّر عليهم فرحتهم بإزالة المياه البيضاء، ويجعلهم قلقين على مستوى نظرهم بعدما كانوا يأملون استعادة رؤية واضحة تماماً. فما هو تفسير أطباء العيون المختصون لهذه المشكلة؟ وهل يمكن أن يزول اللون البنفسجي وعدم تباين الألوان تلقائياً، فيرى المريض بوضوح تام بعد مدة زمنية؟
في الواقع لا يعطي الكثير من الأطباء تفسيراً واضحاً لما يراه المريض بعد العملية، بعضهم يقول إن الدماغ يحتاج إلى مدة للتكيف مع الرؤية الجديدة، وتباين الألوان، وبعضهم الآخر يدعو المريض إلى الانتظار على أمل أن يتحسن تباين الألوان مع الوقت، وهناك من يقول إن المريض يحتاج إلى جراحة العينين كي تتكافأ الرؤية فيهما، وهناك أطباء لا يأخذون شكوى المريض على محمل الجد، ويرون أن نجاح العملية يتعلق باستعادة حدة البصر فقط، وبقدرة المريض على القراءة، وتمييز الأشياء عن بعد.
تكيف طبيعي
تقول فاندانا جين، طبيبة العيون وجراحتها في مستشفى أجاروال في الهند «من المهم أن يعرف المريض تأثير العدسة في انتقال الضوء الأزرق إلى العين. فالعدسة البلورية الطبيعية تحجب نسبة من الضوء الأزرق بشكل طبيعي، ويزداد ذلك مع تقدم العمر، بسبب زيادة إعتام عدسة العين. ويؤدي استبدال عدسة صناعية بالعدسة الطبيعية داخل العين إلى زيادة انتقال الضوء الأزرق، فيبدو كل شيء باللون الأزرق المائل إلى البنفسجي بعد جراحة إزالة المياه البيضاء. وهذا أمر طبيعي يتكيف الدماغ معه مع الوقت».
إيجابيات غير متوقعة
وتتحدث الدكتورة فاندانا عن الوظيفة الإدراكية لدى كبار السّن، فتقول «يزداد انتقال الضوء الأزرق إلى شبكية العين بعد جراحة إزالة المياه البيضاء، وقد يؤدي ذلك إلى تحسين دورة النوم والاستيقاظ، والحالة المزاجية، والوظائف المعرفية، وما إلى ذلك. فالشيخوخة ترتبط بالأرق، والاكتئاب، والتدهور المعرفي. ولإزالة عدسة الساد المعتمة واستبدال عدسة شفافة داخل العين بها (IOL) مع زيادة انتقال الضوء الأزرق، فوائد محتملة لبعض استجابات الدماغ، وإيقاع الجسم الطبيعي، والتأثيرات المرتبطة بذلك».