على مدار العقد الماضي، ازدادت شعبية الزبادي اليوناني، أو الزبادي المصفّى، في الكثير من دول العالم، فقد كان غذاء أساسيّاً منذ العصور القديمة في بعض الدول، مثل تركيا واليونان. فما هي فوائد هذا النوع من الزبادي بحيث بات يشهد مثل هذا الإقبال عليه؟
يتميز الزبادي اليوناني بكونه أكثر سمكاً، وألذّ طعماً من الزبادي العادي. والأهم، أنه يوفر مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الأساسية، بما في ذلك فيتامين «ب12»، والكالسيوم، وفيتامين «أ»، كما أنه يحتوي على نسبة أعلى من البروتين، مع انخفاض في الكربوهيدرات مقارنة بالزبادي غير المصفّى.
لا يعتبر الزبادي اليوناني طعاماً مغذياً ولذيذاً، فحسب، بل تظهر الدراسات البحثية أن تناوله بانتظام قد يفيد الصحة بطرق عدّة، بدءاً من تعزيز الشبع، وحتى تقوية العظام.
الزبادي اليوناني مصدر جيد للبروتين والمغذيات الأساسية
يحتوي الزبادي اليوناني على نسبة أعلى بكثير من البروتين، مقارنة بالزبادي العادي غير المصفّى. وفي الواقع، يوفر الزبادي اليوناني أكثر من ضعف كمية البروتين الموجودة في الزبادي العادي. إذ تحتوي العلبة زنة 6 أونصات من الزبادي اليوناني على 17 جراماً من البروتين، بينما تحتوي الحصة نفسها من الزبادي العادي على 6 جرامات فقط.
البروتين ضروري للصحة لأن الأحماض الأمينية التي يشار إليها غالبا باسم «اللبنات الأساسية» للبروتين، ضرورية لتخليق الهرمونات، والناقلات العصبية، ووظيفة المناعة، والعديد من العمليات الحيوية الأخرى. فقد تم ربط الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين بعدد من الفوائد الصحية، بما في ذلك التحكم في الوزن، وتحسين كثافة العظام، وبنية الجسم، وتنظيم نسبة السكّر في الدم بشكل أفضل.
تعتمد احتياجات الشخص للبروتين على عوامل عدة، مثل مستويات النشاط، وحجم الجسم، لكن معظم الخبراء يتفقون على أن الأشخاص النشطين بدنياً، يحتاجون إلى ما بين 0.54 إلى 0.9 جرام من البروتين لكل رطل من وزن الجسم يومياً، وهو ما يزيد بكثير على الكمية الموصى بها يومياً من البروتين، والتي تقع عند 0.8 جرام من البروتين لكل كيلو جرام من وزن الجسم، أو 0.36 جرام لكل رطل. لذلك، تعد إضافة الزبادي اليوناني إلى نظامك الغذائي وسيلة فعالة لزيادة تناولك لهذه المغذيات الكبيرة الأساسية.
وإضافة إلى البروتين، يحتوي الزبادي اليوناني على نسبة عالية من الدهون الصحية والفيتامينات والمعادن. على سبيل المثال، تغطي حصة من 7 أونصات من الزبادي اليوناني أكثر من 40% من احتياجاتك لكل من فيتامين «ب12»، وهو عنصر غذائي ضروري للوظيفة العصبية، والسيلينيوم، وهو معدن ضروري لصحة الغدة الدرقية، وله خصائص قوية مضادة للأكسدة. كما أنه مصدر جيد للكالسيوم والزنك، والعديد من الفيتامينات والمعادن الأخرى.
وجدت دراسة أجريت عام 2020، تضمنت بيانات من أكثر من 65000 طفل وبالغ، أن مستهلكي الزبادي يتمتعون بجودة نظام غذائي أفضل بشكل عام. ووجدت الدراسة أيضاً أن مستهلكي الزبادي كانوا أكثر حصولاً على العناصر الغذائية التي يوصي بها الخبراء من الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم، مقارنة مع غير المستهلكين للزبادي اليوناني.
الزبادي اليوناني يدعم صحة العظام ونمو العضلات
يعتمد نظام الهيكل العظمي الخاص بك على تناول ثابت من العناصر الغذائية من أجل الحفاظ على قوّته، وكثافته. ويوفر الزبادي اليوناني البروتين والكالسيوم والمغنيسيوم والفوسفور، وكلها تلعب أدواراً مهمة في الحفاظ على صحة عظامك.
وأظهرت الدراسات أن استهلاك الزبادي يمكن أن يساعد على دعم كثافة المعادن في العظام، وتقليل خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور لدى كبار السن. فقد وجدت مراجعة أجريت عام 2020 لتسع دراسات، أن النساء بعد انقطاع الطمث اللاتي تناولن الزبادي بانتظام كان لديهن خطر أقل للإصابة بكسور الورك، مقارنة بالنساء اللاتي لم يتناولن الزبادي، أو اللاتي تناولن كمية قليلة من هذا الزبادي.
إضافة إلى ذلك، قد يساعد تناول الزبادي اليوناني على دعم نمو العظام الجديدة، وتقليل تكسر العظام لدى الشباب. هذا ما توصلت إليه دراسة صغيرة أجريت عام 2020 شملت 30 شاباً، تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً، حيث تبين أن المشاركين الذين تم اختيارهم عشوائياً لاستهلاك 200 جرام من الزبادي اليوناني ثلاث مرات يومياً في أيام التدريب أثناء مشاركتهم في برنامج تدريب المقاومة/البلومتري، ومرتين يومياً في غير أيام التدريب لمدة 12 أسبوعا، ظهرت عليهم زيادة في تكوين العظام، وانخفاضاً في تكسر العظام، مقارنة بمجموعة تناولت دواء وهمياً.
وإضافة إلى دعم صحة العظام، يُعد البروتين مهماً لنمو العضلات، وتعافيها بعد التمرين. فبعد التدريب المكثف، ترتفع معدلات تخليق البروتين العضلي لساعات عدّة، لذا، فإن تناول البروتين بعد التمرينات يساعد على إمداد الجسم بالبروتين الذي يحتاج إليه لبناء وإصلاح العضلات، ولهذا السبب، غالباً ما يستخدم الزبادي اليوناني كغذاء للتعافي بعد التمرين.
حتى بالنسبة إلى غير الرياضيين، يعد تناول الأطعمة الغنية بالبروتين بانتظام أمراً ضرورياً للحفاظ على تكوين صحي للجسم، ودعم نمو العضلات، وقوّتها.
الزبادي اليوناني يبقيك شبعانَ ويدعم وزن الجسم الصحي
يُعد دمج الأطعمة الغنية بالبروتين في نظامك الغذائي أحد أفضل الطرق لدعم الشبع والحفاظ على وزن صحي للجسم. لأن البروتين هو أكثر المغذيات الكبيرة إشباعاً، ما يعني أن الأطعمة الغنية بالبروتين، مثل الزبادي اليوناني، يمكن أن تساعدك على الشعور بالشبع بعد تناول الطعام، ما قد يساعدك على تنظيم تناول السعرات الحرارية.
وأظهرت دراسة أجريت عام 2019 على 60 شخصاً بالغاً، أن تناول الزبادي اليوناني يقلل الشهية بعد الوجبة أكثر من الحليب خالي الدسم، والحليب كامل الدسم، بنسبة 9% و7% على التوالي.
ولأن الزبادي اليوناني يدعم الشبع، فإن إدراجه بانتظام في نظامك الغذائي قد يساعدك على فقدان الدهون الزائدة في الجسم، أو الحفاظ على وزن صحي.
كما وجدت دراسة أجريت عام 2020 أن استهلاك الزبادي اليوناني كان مرتبطاً بانخفاض مؤشر كتلة الجسم (BMI) ووزن الجسم. علاوة على ذلك، أظهرت الدراسة أنه بالمقارنة مع غير المستهلكين، فإن البالغين الذين يتناولون هذا الزبادي بانتظام كانوا أقل عرضة بنسبة 23% لزيادة الوزن أو السمنة، وأقل عرضة بنسبة 29% لارتفاع محيط الخصر.
الزبادي اليوناني وصحة الأمعاء وإدارة نسبة السكّر في الدم
تعتبر بعض أنواع الزبادي اليوناني مصدراً جيداً للبروبيوتيك، أو الكائنات الحية الدقيقة التي تدعم صحة الأمعاء.
تشير بعض الأبحاث إلى أن تناول الزبادي الذي يحتوي على بكتيريا بروبيوتيك، حية ونشطة، يمكن أن يشجع على بيئة أمعاء صحية عن طريق زيادة عدد البكتيريا المفيدة في الأمعاء.
ووجدت دراسة أجريت عام 2022، شملت أكثر من 1000 توأم، في الأغلب من الإناث، أن أولئك الذين تناولوا الزبادي بانتظام لديهم وفرة أعلى من أنواع البروبيوتيك في أحشائهم، مقارنة بالمشاركين الذين لم يتناولوا الزبادي، حيث قد تقلل هذه السلالات البكتيرية من الالتهاب في الجهاز الهضمي، وتدعم وظيفة الأمعاء بشكل عام.
وقد أظهرت دراسات أخرى أن استهلاك الزبادي يمكن أن يساعد على تحسين تنوّع البكتيريا في الأمعاء الغليظة، وهو علامة على صحة الأمعاء.
وإذا كنت تأمل في جني الفوائد الصحية للأمعاء من الزبادي اليوناني، فقم بشراء الزبادي اليوناني الذي يحمل ختم المزرعة الحية والنشطة (LAC)، إذ يضمن هذا الختم أن منتج الزبادي يحتوي على ما لا يقل عن 100 مليون مزرعة بكتيريا لكل جرام من الزبادي وقت التصنيع.
وإضافة إلى فوائده الصحية للأمعاء، يمكن أن يدعم الزبادي اليوناني غير المحلّى أيضاً، التنظيم الصحي لسكّر الدم. ويساعد المحتوى العالي من البروتين في الزبادي اليوناني على إبطاء عملية الهضم، ما يقلل من ارتفاع نسبة السكّر في الدم الذي يحدث بعد تناول الطعام. والزبادي اليوناني المدعم بالمزرعة الحية والنشطة من البكتيريا قد يعزز أيضاً الإدارة الصحية لسكّر الدم من خلال تشجيع نمو البكتيريا المفيدة وتعزيز حساسية الأنسولين.
ولتنظيم نسبة السكر في الدم بشكل صحي، من الأفضل اختيار الزبادي اليوناني غير المحلّى. يمكن أن يحتوي الزبادي اليوناني المحلّى والمنكّه على كمية كبيرة من السكّر المضاف، ما قد يزيد بشكل كبير من مستويات السكّر في الدم بعد تناول الطعام.
حقائق غذائية عن الزبادي اليوناني
كما أشرنا آنفاً، فإن الزبادي اليوناني هو مصدر جيّد للبروتين، والعديد من الفيتامينات والمعادن.. وفي ما يلي التفاصيل الغذائية لحصة من 7 أونصات من الزبادي اليوناني قليل الدسم وغير المحلّى:
- السعرات الحرارية: 146
- البروتين: 19.9 جرام
- الدهون: 3.8 جرام
- الكربوهيدرات: 7.8 جرام
- السكريات: 7.1 جرام
- فيتامين أ: 180 ميكروجراماً أو 20% من القيمة اليومية
- ب12: 1.04 ميكروجرام، أو 43% من القيمة اليومية
- الريبوفلافين (B2): 466 ملجم، أو 36% من القيمة اليومية
- حمض البانتوثنيك (B5): 0.94 ملجم، أو 19% من القيمة اليومية
- الكالسيوم: 230 ملجم، أو 18% من القيمة اليومية
- الفوسفور: 274 ملجم، أو 22% من القيمة اليومية
- السيلينيوم: 24.8 ميكروجرام، أو 45% من القيمة اليومية
- الزنك: 1.2 ملجم، أو 11% من القيمة اليومية
ويحتوي الزبادي اليوناني على مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية، ولكنه غني بشكل خاص بالبروتين والفيتامينات B2، وB5، وB12، إضافة إلى معادن السيلينيوم، والفوسفور، والكالسيوم، والزنك، وكلها تلعب أدواراً مهمة في الصحة.
على سبيل المثال، يحتاج جسمك إلى الزنك لوظائف جهاز المناعة، وانقسام الخلايا، وتخليق البروتين والحمض النووي، في حين أن الكالسيوم مطلوب لصحة الهيكل العظمي، ووظيفة العضلات، ونقل الأعصاب، وأكثر من ذلك.
كما يحتوي الزبادي اليوناني على كميات أقل من بعض العناصر الغذائية، بما في ذلك البوتاسيوم، وهو معدن يعتبره خبراء التغذية من العناصر الغذائية التي تثير القلق عند الحديث عن الصحة العامة، لأن الكثير من الناس لا يستهلكونه بالقدر الكافي. ويُعد البوتاسيوم ضرورياً للوظائف الأساسية، مثل تنظيم ضغط الدم، لذا فإن تضمين الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على البوتاسيوم في نظامك الغذائي يُعد طريقة ذكية لدعم صحتك وحمايتها.
ويحتوي الزبادي اليوناني غير المحلّى على نسبة أقل من الكربوهيدرات من الزبادي العادي، ما يجعله خياراً أفضل للأشخاص الذين يعانون صعوبة في تنظيم نسبة السكر في الدم. ومع ذلك، يمكن أن تحتوي منتجات الزبادي اليوناني المحلّى على نسبة عالية جداً من السكّر المضاف، وهو عنصر يجب أن يكون محدوداً في أي نظام غذائي صحي.
ويتوفر الزبادي اليوناني بنسب دهون مختلفة، مثل الخالي من الدسم، وقليل الدسم، وكامل الدسم، وكلها يمكن أن تتناسب مع نظام غذائي شامل.
اقرأ أيضاً: من بينها صحة الأمعاء وخفض الكوليسترول وحماية البصر.. 6 فوائد للذرة