19 مايو 2022

الصداقة بين الزوجين سر نجاح الحياة الزوجية

محررة متعاونة

الصداقة بين الزوجين سر نجاح الحياة الزوجية

يتعرض الزواج للعديد من المشكلات والمتاعب في كثير من الأحيان وغالباً في السنوات الأولى، ويرجع ذلك لاختلاف الطباع والخصال بين الشريكين وعدم تمكنهم من فهم واستيعاب بعضهما البعض مما يجعل مهمة بناء البيت السعيد من أصعب المهمات التي يواجهونها. خبراء العلاقات الزوجية يؤكدون أن الصداقة بين الزوجين من أساسيات الحياة الناجحة فالصداقة بين الزوجين تكون بمثابة المكون الأساسي الذي يساعد على نمو الحب والارتقاء بالعلاقة الزوجية لأعلى درجات الانسجام والود والتغافل.

طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات على خبراء العلاقات الزوجية والأسرية وسألت أساتذة الطب النفسي والعلاج الزواجي حول مفهوم الصداقة بين الزوجين، وما أهمية تلك الصداقة في بناء علاقة صحية وسليمة بين الزوجين:

الصداقة بين الزوجين سر نجاح الحياة الزوجية

أهمية الصداقة بين الزوجين؟

في البداية يؤكد الدكتور باسم سليمان، استشاري الطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية وعضو الجمعية المصرية للطب النفسي بالقاهرة، أن الصداقة بين الزوجين من أهم ركائز تحقيق الاستقرار الأسري لأنها تخلق بيئة صالحة للتعايش وتجعل كل طرف سنداً وعوناً وملاذاً للطرف الآخر.

ويقول «لا تأتي الصداقة بين الزوجين إلا بالتفاهم والاتفاق على أساسيات الحياة والمنهج الذي تسير عليه، فالصداقة تساعد على نمو الحب وبدونها لن يستمر الهدوء والسعادة بين الزوجين. ودائماً ما ننصح بتقوية أواصر الصداقة بين الزوجين خاصة في بداية الزواج لما لها من تأثير كبير في بناء علاقة زواج ناجح ليس به خلافات جسيمة».

لكن الدكتور باسم سليمان يرى أنه على الزوجين فهم المعنى الصحيح للصداقة بين الزوجين، فهي لا تلغي الاحترام ولا تقلله فهناك ضرورة كبيرة لأن يحترم الزوج زوجته وأن تبادله هي الأخرى الاحترام باحترام أشد خاصة أمام الأبناء ليكون هذا درساً عملياً لهم في معنى الحياة الزوجية واحترام رأي الآخر، فالصداقة لا تلغي حاجز الأدب.

فعندما يكون الأزواج والزوجات أصدقاء في المقام الأول تجد أن الكثير من أنواع المشاكل تقل بينهم، فالصداقة تحث كلا الزوجين على دعم الآخر وتحمله والعطف عليه والتماس العذر له، كما أنها تجعل الزوج يشعر بزوجته، يحتوي ضعفها وأنوثتها، صبوراً أمام انفعالاتها في المنعطفات الصحية الطارئة مثل الحيض والولادة والحمل ويقدر اضطراباتها الهرمونية وحالتها المزاجية ويمتص آلامها وأحزانها.

ويشدد استشاري الطب النفسي على أن أعباء الحياة التي يواجهها الطرفان ومتطلباتها ومشاغلها تتطلب زوجة محبة ملأى بالحنان، والرجل بشكل خاص لا يحتاج لزوجة فقط ليغير بارتباطه بها حالته الاجتماعية فحسب لكنه دائم الحاجة إلى صديقة وحبيبة وشريكة حياة.

الصداقة بين الزوجين سر نجاح الحياة الزوجية

الصداقة بين الزوجين تقضي على الخرس الزوجي

أما الدكتورة نجلاء نبيل، مستشارة العلاقات الزوجية والأسرية وخبيرة التنمية البشرية، فتؤكد هي الأخرى أن غياب الصداقة بين الزوجين يعتبر أهم سبب لتفاقم الخلافات الزوجية والتي تؤدي بالزوجين إلى طريق مسدود، فالحياة الزوجية التي تخلو من الصداقة تصاب بحالة من الملل الزوجي بعد سنوات من الزواج وربما شهور أو أيام والتي قد تنتهي بينهما إلى وقوع الطلاق بدون سبب فغياب الصداقة ووجود الملل يجعلهما لا يتنازلان ولا يقبلان بأي وضع.

وترى المستشارة الأسرية أن من أكثر الأشياء التي تحدث بين الزوجين بعد الزواج مباشرة أو بعد عدة شهور هو فقدان علاقة الصداقة التي كانت تميزهما قبل الزواج وربما أيضاً قبل الخطبة ولكن بعد الزواج تنشغل الزوجة والزوج عن بعضهما في اهتمامات مختلفة ويقتصر الحديث بينهما على المشاكل المادية ومشاكل الأطفال والطلبات. ولا شك فإن قلة التفاهم وانعدام لغة الحوار يؤديان لمزيد من المشاكل بينهما فيتجاهل أحدهما الآخر تجنباً للمشاكل.

وتضيف «أحياناً تنعكس ضغوط العمل والأعباء المالية والأعمال المنزلية على الزوجين وتؤثر في العلاقة بينهما وتصبح من أكثر أسباب الروتين والملل الزوجي».

وتنصح استشاري الطب النفسي الزوجين بأن يختارا منذ البداية أشباههما ومن يجدان معه لغة حوار متكافئة وأن يكتشف كل طرف صاحبه، كيف يفكر وما مستوى تفكيره واهتماماته قبل الزواج، وتؤكد «بعد الزواج سيكون الحوار والصداقة هما المدخل للتفاهم والقضاء على الملل والفتور بين الزوجين وسوف تكون كارثة إذا كان الحوار من طرف واحد فقط».

الصداقة بين الزوجين سر نجاح الحياة الزوجية

ما أسس نجاح الصداقة بين الزوجين؟

ومن جانبها تشدد الدكتورة منى أحمد البصيلي، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك والإرشاد الأسري في القاهرة، على أن الزيجات السعيدة تبنى على الصداقة القوية، وتوضح «أؤكد دائماً أهمية وجود الزوج الصديق في حياة زوجته لحمايتها وزيادة إدراكها أمام الهموم التي تتعرض لها».

وتلفت استشاري العلاج الأسري إلى أن الصداقة بين الزوجين يجب أن تكون متينة منذ البداية وتسير على نفس المنوال حتى لا تحدث تصدعات وشروخ بينهما، ولكي تبدأ العلاقة قوية دافئة وتستمر بينهما المشاعر الطبية لابد أن يعرف كل منهما واجباته ويحاول منذ اللحظة الأولى للحياة المشتركة بينهما أن يؤديها على أكمل وجه قبل أن يطلب الطرف الآخر بالحقوق الواجبة عليه.

وتضيف «أغلب الخلافات الزوجية تكون بسبب إهمال أحد الزوجين للواجبات المفروضة عليه إما نتيجة جهل أو عناد. فمن أسس نجاح الصداقة بين الزوجين واستمرارها هو دعم كل طرف للآخر واحتماله له والتماس العذر له. ولكن للأسف يخطئ البعض في مدى أهمية وجود قدر ولو بسيط من الصداقة بين الزوج وزوجته وأن يعاملا بعضهما معاملة الأصدقاء.. من احترام بعضهما والبوح بكل ما لديهما من أسرار مراعيان خصوصية كل طرف وما يود الاحتفاظ به لنفسه لأن ذلك يساعد في زرع الثقة أكثر بينهما واحتواء كل طرف للآخر في وقت الأزمات».

الصداقة بين الزوجين سر نجاح الحياة الزوجية

المراحل التي تمر بها الصداقة بين الزوجين

الدكتور عمرو شليل، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة المنصورة، يشير إلى أهمية الصداقة بين الزوجين ويعتبرها المفتاح السحري للسعادة وضمان العلاقة المستقرة والناجحة في أغلب الأوقات لأن العلاقة الزوجية المبنية على الصداقة لا تدع الأمور بين الزوجين تدخل في نطاق الملل الزوجي والروتين المؤلم، بل تجعل الحياة سهلة ويمكن التأقلم معها لأن الطرفين يخبران بعضهما بكل ما يمران به.

ويقول «الزوجان الصديقان يتمتعان بالقدرة على فهم وجهة نظر وأفكار بعضهما، ويقدمان العون لبعضهما ويخففان من وطأة المشاكل التي تصادفهما، يتقبل كل طرف الآخر بسلبياته وإيجابياته، إلى جانب وجود العاطفة والعلاقة الحميمية بينهما والتي تمثل بعداً إضافياً يعمق العلاقة بينهما لأنه لا يمكن لأي أحد آخر خارج إطار الزواج أن يقدمه وهذا ما يميز العلاقة بين الزوجين ويجعلهما أكثر قرباً وحباً وعمقاً».

ويؤكد أستاذ الطب النفسي أن الصداقة بين الزوجين تكسر حاجز الخوف من الآخر وتقود إلى الصراحة، مما يبعد الخلافات عنهما.

مشيراً إلى أن الصداقة بين الزوجين تمر بمراحل مختلفة منذ بداية الخطبة وحتى الزواج، ففي البداية تكون قوية ولكنها تضعف تدريجياً مع مسؤوليات البيت والأولاد، لكن هذا لا يعني اختفاء الود والتفاهم فإذا وجدت الصداقة منذ البداية ظل التفاهم والصراحة موجودين.

ويحذر الدكتور عمرو شليل البعض من الاعتقاد بأن الصداقة بين الزوجين تعني استباحة للخصوصية بينهما بدون حدود، «لكن في الحقيقة أن كل شخص تكون له أحاسيس عميقة لا يرغب أن يطلع عليها أحد ولحظات تأمل لا يشاركه بها أحد وآراء وتصورات لن يجدي البوح بها لأحد وتفاصيل مشروعة لا يمكن الإفصاح بها لأحد».