تشير معظم الدراسات الاجتماعية والنفسية التي ناقشت العلاقة بين الزوجين إلى أن أغلب المشاكل والخلافات تندلع بسبب سوء تصرفات أحد الزوجين أو كليهما تجاه الطرف الآخر.
وسواء كانت هذه التصرفات من قبل الزوج أو الزوجة إلا أنها قد تؤدي إلى فساد العلاقة بأكملها إذا ما نتج عنها إيذاء للمشاعر، وفي المقابل فإن شكل العلاقة وطريقة التعامل مع الشريك لهما الدور الأكبر في تحقيق السعادة الزوجية أو التعاسة
«كل الأسرة» طرحت عدداً من التساؤلات على خبراء العلاقة الزوجية حول التصرفات والأخطاء التي ترتكبها الزوجات بقصد أو بدون وعي في حق الزوج وتتسبب في إيذاء مشاعره:
الخطأ الأول: التجريح والإهانة
في البداية، تؤكد الدكتورة رحاب العوضي، استشاري الصحة النفسية وعلم النفس السلوكي بالقاهرة، أن هناك صدمة تحدث لدى الطرفين بعد الزواج عندما يتم اكتشاف اختلاف الطباع وتسقط الأقنعة التي يتظاهر بها الطرفان في فترة الخطبة، فيحدث لدى الطرفين أزمة نفسية بعد أن يختفي الصوت الهادئ الحنون والرومانسية المتدفقة ويبدو كل شيء واضحاً حيث لا أقنعة ولا تمثيل.
وتقول «بالنسبة للرجل فهو قد يغفر لزوجته أي شيء إلا سلاطة اللسان والتجريح والإهانة والسباب والشتائم والتي أصبحت للأسف مظهراً من مظاهر الحوارات الزوجية خاصة بين بعض الشباب المتزوج حديثاً، حيث أصبحنا نرى أن الإهانة بين الزوجين تأخذ أشكالاً عديدة منها التقليل من الشأن أو السخرية أو التهكم وتسفيه كل أمر جيد يقوم به أي من الطرفين، وأحياناً يتفاقم الأمر وتتحول الإهانة لتصبح أمام الأهل والأطفال والأصدقاء فتكتب كلمة النهاية للحياة الزوجية».
السكوت على الإهانة من الطرف المهان يجعله شريكاً في استمرارها
وتشير استشارية العلاقات الزوجية إلى أن فقدان الاحترام بين الزوجين تنشأ عنه فجوة كبيرة في الحياة الأسرية وخاصة عندما يكون من الزوجة تجاه زوجها، فإذا تعمدت الزوجة السخرية من الزوج وانتقاده بشكل دائم لن تدوم الحياة الزوجية طويلاً وسيكون مصيرها الفشل حتماً.
وتضيف «هذا الأمر قد يكون متفاوتاً ومختلفاً باختلاف الأشخاص، فهناك من يتقبل ذلك على سبيل المزاح وآخر يعتبره إهانة فتكون سبباً في إنهاء الحياة الزوجية، ويجب من البداية رسم حدود في التعامل بين الزوجين، فالسكوت على الإهانة من الطرف المهان يجعله شريكاً في استمرارها».
وتنصح د. رحاب العوضي الزوجات بألا يكثرن من انتقاد الزوج حتى ولو تقبل ذلك في البداية، فلن تدوم الحال كثيراً لأن الرجل لا يحب من ينتقده بكثرة حتى ولو كان النقد في محله خاصة أن ذلك النقد المتكرر دليلاً على الرفض، ويجب أن تسيطر المرأة على مشاعرها السلبية نحوه خاصة في لحظات الغضب.
الخطأ الثاني: مقارنة الزوج بالآخرين
وتتفق معها الدكتورة إكرام خليل، استشارية العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، في أن من أكثر الأمور التي تجعل الزوج يكره زوجته وينفر منها هو التقليل من شأنه وجرح كرامته خاصة أمام الآخرين سواء كانوا الأهل والأبناء أو أمام الغرباء. فالزوج لن يكون بخير أبداً ولن تستقيم علاقته بزوجته إذا ما شعر بالمهانة والانتقاص من كرامته.
ولكنها تلفت إلى أمر آخر مرفوض لدى الرجال ويسبب الكثير من الخلافات الزوجية وهو عقد مقارنات دائمة من قبل الزوجة بين الزوج وأزواج الأخريات من القريبات أو الصديقات، فهذا الأمر أيضاً من الأمور التي تفسد العلاقة بين الزوجين وتؤدي لجرح الكرامة وإهانة الرجل في كبريائه وطعن لكرامته.
وترى الاستشارية النفسية ضرورة توخي الحذر من الوقوع في خطأ مقارنة الزوج بالآخرين، فهو من المحرمات لديهم حتى ولو كان ذلك من باب التوجيه والملاحظة، مشيرة إلى أن المرأة أحياناً تتلفظ بمثل هذه المقارنات في لحظة غيظ أو غضب لكنها تظل دوماً بصمة مؤلمة لا تنمحي من ذاكرة الرجل.
وتنصح د. إكرام خليل الزوجات بالسيطرة على مشاعر عدم الرضا عن الزوج ومقارنته بالآخرين مبكراً وعدم إظهار هذه المشاعر مطلقاً للطرف الآخر خاصة في وقت الغضب وتؤكد أنه يجب على الزوجين أن يتفقا في البداية على عدم المقارنة بالآخرين لأنها تفتح الباب لمشكلات لا تنتهي.
وتشدد على أن أسوأ ما ترتكبه الزوجة تجاه زوجها هو إظهار مشاعر عدم الرضا عنه والتقليل منه أمام الأولاد والأهل واتهامه الدائم بالتقصير واللوم.
الخطأ الثالث: إفشاء الأسرار الزوجية
ومن جانبه، يرى الدكتور محمد إدريس، استشاري الطب النفسي والسلوكي بالقاهرة، أن من أبرز الأمور المرفوضة بشكل قاطع لدى الزوج والتي لا يسامح فيها أغلب الأزواج هي وقوع الزوجة في خطأ إفشاء الأسرار الزوجية للآخرين واطلاعهم على خصوصيات تخص الزوج أو الأسرة حتى وإن كان ذلك مع الأهل والأقارب والصديقات المقربات من الزوجة، فهذا التصرف مؤذٍ كثيراً للزوج نفسياً واجتماعياً بالإضافة إلى أنه مرفوض شرعاً.
ويشدد الاستشاري النفسي على أن حفاظ الزوجين على خزينة أسرارهما أمر إجباري وليس فيه أي تهاون أو استهتار حتى وإن وصلت بينهما العلاقة لذروة الخلاف، ويوضح «إن الزوجين، بحكم علاقتهما الحميمية وطول مكوثهما سوياً، يكون بينهما من الأسرار والخصوصيات ما لا يكون بين غيرهما من الناس، لذا يجب عليهما حفظها وعدم إفشائها لأن كشف الأسرار تفقد مفشيها ثقة شريكه تماماً، وإذا ضاعت الثقة بين الزوجين كان ذلك بمثابة إذن بخراب بيت الزوجية، وأكثر ما يجب أن يحذره الزوجان هو كشف الأسرار حينما يعيشان مشكلة ما، خاصة الزوجة لأنها الأقرب للوقوع في هذا الخطأ لأن الرجل بطبيعته كتوم ولا يحب الفضفضة كثيراً».
وينصح الدكتور محمد إدريس الزوجات في سنوات الزواج الأولى ألا ينسقن وراء الصفحات المتعلقة بالفضفضة وحل المشكلات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويرى أنها تفسد أكثر مما تصلح، ويعتبر فضفضة السيدات فيها كارثة اجتماعية تؤتي بعواقب وخيمة على الحياة الزوجية.
الخطأ الرابع: الصوت العالي والندية
وكذلك يبين الدكتور وائل وهبة، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية بالقاهرة، أن الرجل بطبعه يرفض المرأة التي تتعامل معه بصوت عال وندية وتعالٍ، بل إن أغلب الرجال على اختلاف طبائعهم يرفضون مثل هذه النوعيات من النساء حتى ولو كان الزوج من النوع الهادئ والمرن، فطبيعة الرجل تجعله يرفض الاستبداد من قبل المرأة حتى ولو كان يحبها ولا يمكنه الاستغناء عنها.
ويبين «الكثير من الزوجات يستطعن الحياة في سعادة ووفاق إذا ما تخلين عن الندية والعناد والصوت العالي وتقبلن الطلبات البسيطة والمشروعة للأزواج فيما يتعلق بحياتهن وأسلوب إدارة الأسرة، لكن للأسف البعض من فتيات هذه الأيام يعشن حالة من الأنانية والإصرار على الرأي والتشبث بالخطأ تجعلهن لا ينتصرن في النهاية».
الخطأ الخامس: الكذب
وفي نفس السياق، تؤكد الدكتورة شيماء الخليلي، الاختصاصية النفسية والمتخصصة في العلاقات الأسرية بالقاهرة، أن من أكثر الأمور التي يرفضها الرجال ويعتبرونها قادرة على هدم الحياة الزوجية مهما كانت مستقرة هو الكذب والخداع، فالكذب دائماً قادر على هدم أمن البيوت وأكثرها دفئاً.
وتشرح «أغلب الرجال لا يسامح في الكذب والخداع ويكون رد فعلهم قاسياً جداً مع الزوجة الكاذبة، وكذلك لا يوجد رجل يقبل بمبررات الغش والتدليس بعد اكتشافه مهما كانت شدة التعلق والحب الذي يكنه لزوجته. فالزوجة يجب أن تحرص على إخبار زوجها بكل شيء مهما كان صغيراً وظنت أنه لا يستحق، وكذلك الزوج يجب أن يصارح زوجته بأي شيء حتى لا يفتح باباً للشك والغيرة والمشاكل».
وتشدد الاستشارية النفسية على الزوجات بضرورة التوقف تماماً عن الكذب مع الزوج، وترى أنه لا شيء يقتل العلاقة بين الزوجين أكثر من انهيار الثقة بينهما، فالثقة المتبادلة بين الزوجين هي نواة العلاقة الناجحة، والكذب بكل بساطة يهدم هذه الثقة ويمحوها تماماً، وإذا اكتشف الزوج كذب زوجته، حتى إن كان الأمر بسيطاً، فلن يسامحها بل سيعتقد أنها تكذب طوال الوقت.