01 أكتوبر 2022

هل يحتاج الزوجان إلى إجازة دون اصطحاب الأبناء؟

محررة في مجلة كل الأسرة

هل يحتاج الزوجان إلى إجازة دون اصطحاب الأبناء؟

يعد تجديد العلاقة الزوجية خطوة مهمة لتكملة مشوار الحياة، إذ تتسبب الخلافات والمشاكل الناتجة عن سوء التفاهم وكثرة المسؤوليات في إحداث فجوة بين الزوجين تصل في بعض الحالات إلى الانفصال، وهو ما يحتاج إلى المزيد من الجهد لضخ دماء جديدة في شريان تلك العلاقة وإصلاح ما أفسدته مشاكل الحياة اليومية المرتبطة بضغوط العمل والأبناء وكسر جمودها، وإحياء ترابطها واستعادة رومانسيتها.

هل يحتاج الزوجان إلى إجازة تفصلهما عن واقعهما، وليكن مثلاً عن طريق السفر من وقت لآخر دون اصطحاب الأبناء، بهدف إعادة شحن العواطف وإحياء الذكريات الجميلة المرتبطة بالبدايات؟ أم يصعب عليهما ذلك في ظل إحساس أحدهما بتأنيب الضمير كونه يستمتع بعيداً عن فلذة كبده؟..

تساؤل حملناه إلى المختصين في العلاقات الأسرية والذين أكدوا أهمية تخصيص بعض الوقت للشريكين يقضياه معاً لتجديد أواصر الود بعيداً عن أي مدخلات أخرى.

لماذا يحتاج شريك حياتي إلى القيام بهذه الرحلة؟

هل يحتاج الزوجان إلى إجازة دون اصطحاب الأبناء؟

تبين مروى كرورة، خبيرة تنمية بشرية ومستشارة إعداد قادة، «على الرغم من المشاعر الجميلة التي يستمدها الآباء من الأبناء، إلا أن إنجاب الأطفال يمكن أن يؤثر في العلاقة الزوجية، مما يجعل من الصعب حتى إجراء حوارات أساسية مع شريك الحياة، ففي بعض الأحيان قد لا تستطيع الأم أن تجد لنفسها وقتاً تقضيه مع نفسها دون إزعاج وهي تشعر بوجود من يحتاج إلى اهتمامها وعنايتها ورعايتها فتظل تشعر دوماً بالتقصير وهذا خطأ كبير، فحاجتها إلى وقت مستقطع بعيداً عن الأطفال لا يجعلها أماً سيئة، وكذلك الحال عند الآباء.

وجود المساحة لإعادة الشحن بدون أطفال يسمح لنا بتذكر هويتنا ورعاية روحنا الداخلية

وتضيف" يحتاج الكثير منا إن لم يكن معظمنا إلى وقت بمفرده من أجل أن نكون أفضل، فوجود المساحة لإعادة الشحن بدون أطفال يسمح لنا بتذكر هويتنا ورعاية روحنا الداخلية، فتخصيص وقت خاص للشريكين ينعكس إيجاباً عليهما، إذ يتيح لهما تقوية العلاقة والتركيز على الجانب الرومانسي، كما يسمح بإعادة التواصل مع النفس وإظهار الحب للطرف الآخر وجعله في مقدمة الأولويات، وهو ما قد يفتقده بوجود الأبناء، كما يعمل ذلك على إعادة الاتصال عاطفياً والتخلص من التوتر».

وتكمل «هناك من قد يصطدم برفض شريكة حياته تخصيص بعض الوقت بعيداً عن أطفالها، ظناً منها أن ذلك قد يكون نوعاً من التقصير في حقهم أو لاعتقادها أن سعادتها لا تتحقق إلا بوجودهم، فنجدها تصد الزوج أو تدفعه بعيداً عن هذا التفكير، وعليها أن تسأل نفسها لماذا يريد شريك حياتي القيام بهذه الرحلة؟ فربما تجد الإجابة مرضية كأن يريد أن يضيف لعلاقتهما شيئاً إيجابياً أو يود أن يظهر تقديره لها، وهنا سيتوقف إحساسها بأنه أناني يبحث فقط عما يرضيه. كما أن اعتماد الطفل على نفسه بعيداً عن والديه قد يسهم في تعزيز ثقته بذاته في مراحل البلوغ، ويجعله يدرك قيمة الحياة الزوجية الناجحة ودورها في تنشئة أبناء أسوياء يتمتعون بصحة نفسية جيدة. ولإحداث التوازن في ذلك على الزوجين أن يخططا مسبقا لرحلتهما وتهيئة أبنائهما لذلك، والتحدث بشأن المواقف غير المتوقعة وكيفية التصرف فيها، والتواصل مع من حولهم لرعايتهم في فترة غيابهما. فليمنح الشريكين لذواتهما الإذن للاستمتاع بالعطلة دون أطفال ودون الشعور بالذنب، مع العلم أنهما سيعودان قريباً إلى الدور العادي كأم أو أب».

الفتور والروتين يخلقان المشاكل والخلافات

هل يحتاج الزوجان إلى إجازة دون اصطحاب الأبناء؟

توضح نورة إبراهيم القصير، مدرب محترف معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات، «تبنى العلاقة الزوجية على الاحترام والتقدير، ولكن لكي تكون قوية البنيان فعلى الشريكين أن يتخلصا من الروتين الذي يضرب العلاقة الزوجية في مقتل. إذ نلاحظ خلال الاستشارات التي تعرض علينا شكوى كثير من الأزواج والزوجات لمسألة الروتين والشعور بالملل، فهناك من يغتاظ من اهتمام شريكة الحياة المفرط بالأبناء دون مراعاة لحقه واحترام رغبته في أن يجدها متفرغة له بعض الوقت، وعلى الجانب الآخر تشتكي بعض الزوجات عدم تفرغ الرجال لهن وتقسيم يومهم بين زملاء العمل والأصدقاء دون مراعاة لحق الزوجة في أن تجد من يشاركها لحظاتها، ولتحقيق ذلك دائماً ما ننصح بألا نترك للآخرين وللضغوط وكثرة المسؤوليات فرصة العبث بنا وجعلنا كآلات تدور في دوامة الحياة دون توقف».

لتحقيق أقصى استفادة من إجازة أو سفر بدون أطفال، على الزوجين تحديد كيفية استغلال الوقت معاً بالشكل الأمثل

وتردف «قد يصعب تقبل الأم تحديداً لفكرة ترك أبنائها من هم دون سن الخامسة بمفردهم لعدة أيام، وهنا نقول لها خصصي ولو يوماً أو حتى ساعات قليلة تقضينها مع زوجك بعيداً عنهم، لأن تواجدهم معك يشتت انتباه واهتمام شريك الحياة بين تحقيق رغبة أحد الأبناء لشيء معين أو توفير احتياجات أخيه في موقف معين، فلا توجد مشكلة إذا ما ترك الطفل مع أم الزوجة أو الزوج أو الخالة أو العمة للاستمتاع ولو بالقليل، فكما للأبناء حق على الأبوين الوفاء به كذلك هما في حاجة لأن يشبعا حاجاتهما النفسية، وكما للمرأة حق على زوجها كذلك هو، فالفتور والروتين يخلقان كماً لا حصر له من المشاكل والخلافات، والتخلص منهما يقلل المشاكل التي تضرب عصب العلاقة الزوجية. فالهدف من تخصيص وقت للطرفين يقضياه معاً، ما هو إلا تجديد لأواصر الود والانسجام وليس الهروب من المسؤولية».

وتختم القصير بالقول «لتحقيق أقصى استفادة من إجازة أو سفر بدون أطفال، على الزوجين تحديد كيفية استغلال الوقت معاً بالشكل الأمثل، والتوقف عن أي شيء مرتبط بالعمل. كما يجب قبل بدء الإجازة تحديد جدول زمني لكل ساعة تقضى بعيداً عن الروتين اليومي، والابتعاد أيضاً عن التفاصيل الخاصة بيوم الأبناء، فطالما هناك اطمئنان من جانب من هم يتولون رعايتهم لحين عودة الأبوين فيجب عدم مشاركتهم كل صغيرة وكبيرة، حتى لا يسرق ذلك الهدف من الرحلة وهو الاسترخاء والاستجمام».

لماذا نشعر بالذنب؟

هل يحتاج الزوجان إلى إجازة دون اصطحاب الأبناء؟

من جهتها، تؤكد ناعمة الشامسي، مستشارة نفسية وأسرية وزوجية، «يحتاج الزوجان إلى التخلص من الروتين والجمود العاطفي الذي يدب بالتزامن مع أي علاقة مشحونة بالمسؤولية والالتزامات، خاصة إذا ما مضى عليها فترة طويلة، فكم من علاقات انخرطت في مشاغلها متغافلة لأهمية التجديد والتغيير وتسبب ذلك في انهيارها وعدم قدرتها على الصمود. فالقيام برحلات بمفردهما، والتي أسميها «رحلة العسل»، تعد من منشطات العلاقة الزوجية المهمة التي تضيف للطرفين الكثير، فهي ليست مجرد رحلة عابرة تمر كغيرها، بل هي خطوة مهمة يغفل عنها كثير من الأزواج ممن يربطون سعادتهم بوجود الأبناء، بحجة كيف نستأمن عليهم أحداً غيرنا، أو يشعرون بالذنب كونهم يستمتعون بعيداً عنهم، وهو ما يجعلهم يندمون بعد فترة من الزواج لعدم استغلال تلك الفرص في فترات حياتهم الأولى».

وتكمل «لتجنب الإحساس بتلك المشاعر على الزوجين أن يحدثا نوعاً من التوازن في العطاء وليكن بتخصيص رحلات مشتركة لجميع أفراد الأسرة وأخرى تكون للشريكين فقط، فهذا الأمر سيجعلهما يشعران بالراحة النفسية دون الإحساس بالذنب، خاصة في ظل تواجد البرامج والتطبيقات التي تكسر حاجز المسافات وتتيح التواصل صوتاً وصورة مع الآخرين مهما بعدت المسافات، كما يسهم بقاؤهم مع من هو أهل للثقة في مقدار المتعة التي يحصلان عليها أثناء رحلتهما، وبمجرد عودة الزوجين سيدركان كم التغيير الذي تحدثه مثل تلك الرحلات، إذ تساعد على شحذ الهمم لتقبل الانخراط مرة أخرى في معترك الحياة وكل ما تحمله من ضغوط».