هل يحتاج الأزواج والزوجات للقيام بعمل إعادة تشغيل لأنفسهم وللحياة الزوجية؟ ومتى يحتاج الطرفان لإغلاق جميع الملفات التي ترهقهما وتسبب لهم الكثير من الضغوط النفسية ويبتعدان عن بعضهما البعض في هدنة قصيرة يأخذون فيها نفساً عميقاً محاولين الارتياح والبعد عن جميع المتاعب ليتمكنا من استئناف حياتهما الزوجية بنشاط وحب ودون متاعب؟
وكيف يمكن للزوجين أن يستمتعا بإجازة زوجية ويبتعدان كهدنة وهما يعيشان تحت سقف واحد ويلتزمان بالعديد من المسؤوليات الزوجية والأسرية التي لا يمكن لهما التوقف عن أدائها؟
طرحت «كل الأسرة» هذه الأسئلة وغيرها على عدد من خبراء العلاقات الزوجية والأسرية وأساتذة الطب النفسي وعلاج المشاكل الزوجية للوقوف على آرائهم ونصائحهم للزوجين حول فكرة الإجازة الزوجية وكيف يمكن جني ثمارها، وما هي معاييرها وشروطها، والمدة المناسبة لها:
مسافة للاشتياق ولو داخل المنزل
في البداية، تؤكد خبيرة العلاقات الإنسانية والعلاج الزواجي بالقاهرة الدكتورة نانسي ماهر، أنها دائماً ما تنصح الأزواج الجدد باتباع حيل للتقليل من حدة الخلافات الزوجية ومنها حيلة التنقل بين الغرف المختلفة لمدة 20 دقيقة، لأن ذلك يمنح الزوجين، خاصة الزوجة، بعض الوقت للتهدئة..
ولا مانع من التفكير في عمل شيء تحبه أو تفضله كقضاء بعض الوقت بشكل منفصل والذهاب إلى «الكوافير» لعمل «باديكير» أو الخروج للتسوق، وأن يذهب الزوج هو الآخر لتمضية وقت بمفرده لعمل شيء يحبه، ودائماً ما أؤكد أن أعظم هدية يقدمها الشريك لشريكه هي الوقت..
وأفضل طريقة نعبر بها عن الاهتمام أن نمنح الشريك وقتاً لنفسه وأن ندعمه ليكون أفضل وليقوم بما يجعله سعيداً وأن نهتم ببعض تفاصيله الصغيرة التي تبدو بالغة الأهمية عنده.
ما أهمية الإجازة الزوجية؟
وحول أهمية الإجازة الزوجية ومدي فاعليتها في حل الخلافات الزوجية، تقول الاستشارية الزوجية:
- كثير من المشاكل الزوجية تكون مبهمة وغير واضحة ولا تحتاج لحلها سوى أن يفكر فيها الزوجان بهدوء وحيادية، وهذا ما توفره لهما الإجازة الزوجية.
- الشعور بالحرية والبعد عن قيود العلاقة الزوجية إحساس يفتقر له كلا الزوجين، والإحساس به ولو لوقت قصير كل فترة يجدد العلاقة ويسمح لهما بشحن طاقتهما من جديد.
- لحياة الزوجية نعمة كبيرة وأجواء الدفء الأسري لا تقدر بثمن، لكن أحياناً نحتاج أن نبتعد ولو قليلاً؛ لنشعر بهذه النعمة التي بين أيدينا ونشتاق إليها.
- بالنسبة للرجل فمن حقه أن يأخذ إجازة لنفسه على الأقل مرة في السنة وتكون هذه الإجازة كافية لأن ينفصل عن كافة الضغوط والواجبات المنزلية التي تلاحقه ليل نهار، على ألا تتجاوز مدة هذه الإجازة الأسبوع أو على أقصى تقدير 10 أيام.
- تكون هذه الفترة فرصة ذهبية لمراجعة جودة حياتنا الزوجية كاملة ومراجعة كشوفات حساباتنا لنتمكن من استئناف حياتنا بالشكل الأمثل ودون وجود ضغوط نفسية على أحد الطرفين لكي يتقبل الحياة كما هي دون فرصة للتفكير.
- الإجازة الزوجية هي أفضل علاج لحالة الملل الزوجي التي تصيب أحد الزوجين أو كليهما ربما منذ العام الأول، وذلك لأن الإنسان ملول بطبيعته ولا يستطيع في الحالة الاعتيادية أن يستمر على نفس الروتين لفترة طويلة دون أن يشعر بالضيق والرغبة في التغيير، وكلما أهمل الزوجان أهمية التجديد في الحياة الزوجية على كافة المستويات، تضاعف الملل بين الزوجين وتضاعفت الرغبة في التغيير والتي تخلق توتراً بين الشريكين وخلافات أكثر وأطول.
- الهدنة الزوجية يجب أن تكون موعداً للحديث مع النفس والتفكير في عدة أمور والإجابة على العديد من التساؤلات، وهي وقت مناسب جداً لأن نسأل أنفسنا: هل علاقتنا الزوجية على ما يرام؟ هل ينقصها شيء ما؟ هل أنا أقوم بواجباتي الزوجية بشكل سليم ومتوازٍ؟
عيوب الإجازة الزوجية
أما الدكتورة رحاب العوضي، استشاري الصحة النفسية وعلم النفس السلوكي بالقاهرة، فترى أن الإجازة الزوجية مهمة جداً وضرورية لكل الأزواج حتى الذين لا يعانون من الملل والفتور ويجمع بينهما الحب الشديد؛ لأنها تسمح للجميع بتجديد الحب والرومانسية من وقت لآخر.
لكن الاستشارية الأسرية تري أن الهدنة والإجازة من الزواج لها أيضاً عيوب يجب أن نراعيها حتى لا تكون سبباً في زيادة المشاكل بدلاً من أن تكون وسيلة لحلها:
- التعود على الهجر واستسهال البعد عند وجود أي خلاف بينهما.
- المدة المناسبة للإجازة الزوجية ينبغي ألا تزيد عن أسبوع حتى لا يعتاد الزوجان على الهروب من المشاكل بهذه الطريقة فهناك الكثير من الأمور التي لا يجب أن تبقى عالقة بحجة الهدنة الزوجية.
- أحياناً تكون الإجازة فرصة للدخول في علاقات عاطفية جديدة بسبب الفراغ العاطفي وبعد الشريك.
معايير وشروط الإجازة الزوجية
وتحدد الدكتورة رحاب العوضي بعض المعايير والشروط التي يجب على كلا الطرفين الالتزام بها كي تنجح الهدنة الزوجية وتؤتي ثمارها، وهي:
- أن تكون الإجازة مع صحبة آمنة، بمعنى أن يوضح كلا الزوجين لبعضهما بعضاً أين هو ذاهب ومع من ولكم من الوقت.
- عدم إطالة فترة الهدنة بين الزوجين حتى لا يعتاد الزوجان على البعد، وبالتأكيد الأيام التي تسبق الهدنة وكذلك الأيام التي تليها ليست وقتاً مناسباً أبداً لطرح المشاكل والأمور العالقة بين الزوجين.
- إذا لم يكن أمام الزوجين فرصة لأخذ الهدنة بعيداً عن البيت فلا مانع أبداً أن تكون فترة الهدنة داخل المنزل خاصة إذا كان البعد سيؤدي إلى ذهاب الزوج أو الزوجة للإقامة مع الأهل ويترتب على الأمر تدخلهم في الأمر وإبداء النصائح التي قد لا تكون مفيدة أحياناً.
- تبادل كلمات الحب والإطراء خلال فترة الإجازة الزوجية يكون لها مفعول السحر في إذابة أي جليد رغم البعد، فالزوج أو الزوجة اللذان يتبادلان معاً كلمات الحب ولو على شكل رسائل قصيرة قد لا تحوي سوى كلمة واحدة هي «أحبك» يتمكنان من العودة لحياتهما بشكل أفضل من اللذين يقطعان كل حبال الود والتعامل خلال الإجازة الزوجية.
نصائح لإجازة زوجية مفيدة
من جهته، يؤكد الدكتور عمرو يسري، أستاذ الطب النفسي وخبير العلاقات الأسرية والزوجية، أن أي زوجين يحتاجان على الأقل مرة كل عامين للخروج في إجازة زوجية معاً وليس من بعضهما بعضاً..
وهذا الأمر يكون بمثابة ملحق شهر عسل يسافران معا في أي مكان وحدهما دون الأبناء وينفصلان عن كل المسؤوليات الحياتية ليشحنا طاقة الحب من جديد.
ويضيف «رغم أن الإجازات الزوجية مفيدة لكلا الطرفين لكن قضاء الإجازات والرحلات معاً أيضاً أمر في غاية الأهمية، لذلك يجب أن يحرص الزوجان على قضاء عطلة نهاية الأسبوع معاً بغرض الاسترخاء وقضاء وقت ممتع معاً بعيداً عن الاهتمامات اليومية والصراعات المحتملة، فالتغيير في البيئة المحيطة هو دائماً حل منعش لتجديد العلاقة الزوجية».
ويرى د. عمرو يسري أن تخصص الزوجة وقتاً لنفسها وللزوج كعطلة «ويك إند» بين فترة وأخرى ينعزلان فيها عن كل ما حولهما من أرق وضجيج، فقط هي وهو في مكان هادئ بعيداً عن الضجيج ولا يعكر الصفاء حولهما سوى ضحكهما ومزاحهما وينامان معاً في نفس الوقت ويستيقظان معاً، من شأنه أن يحسن جداً نفسيتهما ويستعيدان الحميمية بينهما.
وحول النصائح التي يجب على الزوجين الأخذ بها في حالة أخذ هدنة من الحياة الزوجية والاستعانة بالبعد المؤقت لحل المشاكل:
أولاً: التجديد في الحياة الزوجية وإحداث تغييرات بسيطة على الروتين اليومي قد تقضي على جزء كبير من الخلافات الزوجية، مثل إجازة من العمل ورحلة قصيرة داخل المدينة أو خارجها، ربما كسر بعض القواعد الصارمة أو مشاركة الطرف الآخر بنشاط غير اعتيادي.. كل تغيير وتجديد مهما كان بسيطاً سيترك أثراً كبيراً.
ثانياً: لا يحق للزوجة أن تحاسب زوجها وتطلب منه كشف حساب لما فعله أو كيف قضى إجازته طالما الثقة بينهما موجودة، لأن هناك بعض الأفعال التي تفسد الإجازة وتجعلها بلا جدوى بل قد تنقلب إلى مشكلات زوجية لا تنتهي وتخلّف ذكريات سيئة لدى الطرفين.
ثالثاً: لا يجوز للزوجة أيضاً أن تلاحق زوجها خلال مدة الإجازة، وكذلك الزوج، حتى لا يتحول الأمر من هدنة بين الطرفين إلى خناقة زوجية مشتعلة.
رابعاً: على كلا الزوجين أن يتفهما أن الإجازة الزوجية قد تكون بأن يقضي الزوج أو الزوجة هذه الإجازة مع الأسرة كأن يقضي الزوج إجازته في صحبة والده ووالدته وهنا يكون على الزوجة أن تتفهم مدى القرب العائلي لهم وكذلك الحال بالنسبة للزوجة.
خامساً: من الأمور المفيدة إذا وصل الزوجان إلى حافة الطلاق أن يخرجا في إجازة زوجية، فهي تمكنهما من تقدير مدى إمكانية الاستغناء الفعلي عن بعضهما وتساعد في زيادة الشعور بالأمان وبحاجة كل منهما للآخر.
اقرأ أيضاً: كيف تعرف أن شريك حياتك يفقد شغف الحياة الزوجية؟ وماذا تفعل