عشق صوته الملايين وتغنوا بأغانيه لعقودٍ عديدة، وما زالت أفلامه القديمة تتمتع بنسَب مشاهدة مرتفعة على الرغم من مرور أكثر من 40 عاماً على وفاته. إنه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي جَمع ببراعة وسلاسة فائقة ما بين التمثيل والغناء، وهو الفنان الذي سَطع نجمُه وأفَل بسرعةٍ مهولةٍ صدمت عشاق فنه الراقي وصوته العَذب وأدائه السهل المُمتنع.
تعرفوا مع «كل الأسرة» إلى محطات مهمة في حياة العندليب لا يعرفها الكثير من مُحبيه:
اسمه الحقيقي عبد الحليم علي شبانة، وُلد في 21 يونيو عام 1929 في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية، ولا تزال الفيلا الخاصة به موجودة هناك حتى الآن.
هو الأخ الأصغر من بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعليا شبانة. توفيت والدته بعد ولادته بأيامٍ قليلة، ثم لحقها والده قبل أن يبلغ عبد الحليم عامه الأول، ليعيش يتيم الأبوين ويتولى تربيته من بعدهما خاله متولي عماشة.
أُصيب عبد الحليم بمرض البلهارسيا الذي رافقه على مدار سنوات عُمره بينما كان لا يزال طفلاً، وذلك بسبب سباحته مع أقربائه وأصدقاء طفولته في مياه ترعة صغيرة بالقرية التي كان يعيش بها. ولم يكن هناك علاج للبلهارسيا في ذلك الوقت، وعلى الرغم من خضوع حليم لنحو 60 عملية جراحية على مدار حياته، إلا أنه لم يُكتب له الشفاء من هذا المرض.
التحق حليم بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، حيث التقى صديق عُمره كمال الطويل الذي كان حينها طالباً في قسم الغناء والأصوات.
بعد تخرجه في المعهد عام 1948 تم ترشيحه للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج، إلا أنه رفض وفضّل أن يعمل مُدرساً للموسيقى بطنطا. وبعد 4 سنوات، قدّم حليم استقالته من التدريس وانضم إلى فرقة الإذاعة الموسيقية كعازف على آلة الأوبوا عام 1950.
كان الإذاعي حافظ عبد الوهاب هو السبب في اكتشاف عبد الحليم، وهو الذي منحه اسم «حافظ» بدلاً من لقب حليم الأصلي «شبانة».
قوبلت أغنية (صافيني مرة) التي كانت من أولى الأغاني التي غناها عبد الحليم في بداية الخمسينات بالرفض التام من قِبل الجماهير التي استهجنت هذا النوع من الأغاني في بادئ الأمر، إلا أنه عندما قام بغنائها مجدداً في يونيو عام 1953، في حفل إعلان الجمهورية، حققت نجاحاً باهراً. ولكن شهرته الحقيقية جاءت بعد أن غَنّى «على قد الشوق» من ألحان كمال الطويل عام 1954.
توالت على حليم من بعد ذلك عقود الأفلام والأغاني وحقق نجاحاً ساحقاً سواء في مصر أو في الوطن العربي، وتم تلقيبه بالعندليب الأسمر. وغنى في بداياته العديد من الأغاني المرحة التي كانت تتسم بالتفاؤل والبهجة، إلا أنه مع اشتداد المرض عليه في أواخر الخمسينات بدأت أغانيه تميل أكثر إلى الحزن.
حاول الكثيرون التكهن بحقيقة شخصية حبيبة عبد الحليم وذهب البعض إلى أنه كان يحب الفنانة سعاد حسني وأنهما تزوجا سراً، بينما قال المقربون منه أنه أحب سراً سيدة كان يلتقي بها خفيةً في لندن لخمس سنوات، إلا أنه لم يكشف يوماً عن شخصيتها، ولهذا غنى أغنيته الشهيرة «حبيبتي من تكون».
توفي عبد الحليم حافظ يوم الأربعاء 30 مارس عام 1977 في لندن، وكان يبلغ من العمر 47 عاماً فقط، وكان سبب الوفاة هو دم مُلوث بفيروس الالتهاب الكبدي كان قد نُقل إليه، ولم يتمكن الأطباء من علاجه نتيجة تليُف الكبد بسبب إصابته بالبلهارسيا منذ الصغر. وقدّم عبد الحليم للسينما 16 فيلماً على مدار حياته الفنية، أولها فيلم «لحن الوفاء» عام 1955، وآخرها فيلم «أبي فوق الشجرة» عام 1969.