في عام 1990، بينما كانت كاتبة إنجليزية مغمورة تُدعى «جوان رولينغ» تنتظر قطارها المتأخر، كي يُقلها من مدينة مانشيستر إلى العاصمة الإنجليزية لندن، أتتها فكرة لكتاب تدور أحداثه حول فتى صغير يرتاد مدرسة لتعليم السحر.
كانت رولينغ في ذلك الوقت من حياتها في مفترق طرق، حيث كانت قد تخرجت في جامعة «إكستر» منذ بضعة سنوات، بعد حصولها على شهادة في اللغة الفرنسية، وعملت في بعض الوظائف التي لم تكن حقاً تستهويها، وكانت تفكر في الانتقال إلى مانشيستر، كي تكون بالقرب من حبيبها، إلا أن وفاة والدتها بعد صراع استمر 10 سنوات مع المرض غيّـر جميع خططها، ولم تكن لديها أية فكرة حينها أنها ستصبح أشهر وأغنى كاتبة في العالم على الإطلاق.
من هي جوان رولينغ؟
ولدت جوان كاثلين رولينغ في 31 يوليو 1965، بالقرب من مدينة بريستول، ونشأت في جلوسيسترشاير في إنجلترا. كان والدها، بيتر رولينغ، يعمل مهندس طائرات في مصنع رولز رويس في بريستول. أما والدتها، آن فولان، فكانت تعمل كفنية كيميائية. وكانت جوان تهوى الكتابة منذ صغرها، حيث كتبت أول قصة لها حينما كانت تبلغ 6 أعوام وسمتها «الأرنب»، وكتبت ثاني قصصها عندما بلغت 11 عاماً وكانت تدور حول 7 ماسات ملعونة. وقد كانت رولينغ تعلم بالفعل أنها تريد أن تصبح كاتبة عندما تكبر.
وفاة والدتها ونقطة تحوُّل في حياتها
تغير كل شيء فجأة بعد وفاة والدتها آن، التي كانت تبلغ من العمر 45 عاماً فقط. قررت جوان بعدها الانتقال إلى البرتغال للعمل مدرسة للغة الإنجليزية هناك، وكانت قد بدأت فكرة هاري بوتر تتبلور في ذهنها، فكانت تحاول الكتابة كلما سنحت لها الفرصة بعد الانتهاء من العمل.
لقاؤها بزوجها الأول وطلاقها السريع منه
زوجها الأول الصحفي خورخيه أرانتِس
بعد انتقال جوان إلى البرتغال، التقت بزوجها الأول الصحفي خورخيه أرانتِس، والذي أنجبت منه ابنتها جيسيكا عام 1993. لكن سرعان ما اكتشفت جوان أن زوجها شخص عدائي يميل إلى العنف، وبعد مشاجرة عنيفة تطاول عليها فيها باليد، طردها خارج المنزل بينما كانت ابنتهما لا تزال رضيعة. وبعد هذه الواقعة بعدة أسابيع تمكنت جوان من أخذ طفلتها بعد أن لجأت إلى الشرطة، وعادت إلى إنجلترا وكانت قد انتهت حينها من كتابة أول 3 فصول في أول كتاب من سلسلة هاري بوتر.
معاناتها مع الفقر والاكتئاب
بعد عودتها إلى إنجلترا، عانت رولينغ الفقر والاكتئاب، فلم يكن لديها دخل يكفيها هي وابنتها ولا بيت يأويها، فمكثت عند أختها في إدنبرة لفترة، وقدمت على المعونة الحكومية حتى تتمكن من استئجار شقة صغيرة تعيش فيها، وتابعت الكتابة حتى انتهت من أول رواية لـ هاري بوتر. إلا أنه كان ينتابها الكثير من مشاعر الغضب بسبب سوء حالها والإحساس بالذنب تجاه ابنتها لأنها لم تستطع منحها الحياة التي تستحقها، ووجدت جوان نفسها تفكر كثيراً في الانتحار. وهنا قررت أن تأخذ وقفة جدية مع نفسها وبدأت العلاج مع طبيب نفسي.
رفض الكثير من الناشرين نشر كتابها الأول
بعد الانتهاء من كتابة أولى رواياتها عام 1995، أرسلت رولينغ قصتها إلى عدد كبير من دور النشر في محاولةٍ لإقناع أي منها بنشر روايتها الأولى، إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل. فاستعانت بوكيل نشر يدعى كريستوفر ليتل، والذي نجح في إقناع دار بلوومزبيري بنشر الرواية، وبالفعل حصلت رولينغ على 1500 جنيه إسترليني كدفعة أولى من دار النشر.
شهرة وثروة ما بين ليلةٍ وضحاها
«هاري بوتر وحجر الفيلسوف»
في 26 يونيو 1997، تم نشر رواية «هاري بوتر وحجر الفيلسوف» أخيراً في المملكة المتحدة. وفي غضون أيامٍ قليلة من نشر الرواية، قدمت دار سكولاستيك الأمريكية الشهيرة عرضاً بأكثر من 100000 دولار مقابل الحصول على حقوق نشر الرواية في أمريكا، وأعادوا تسمية الكتاب «هاري بوتر وحجر الساحر». بعد ذلك بعامٍ واحدٍ فقط، أعقبت رولينغ كتابها الناجح بجزءٍ ثانٍ سمته، «هاري بوتر وغرفة الأسرار».
نجح أول فيلم نجاحاً ساحقاً
في خريف عام 1998، عرضت شركة الإنتاج العملاقة «وارنر بروس» Warner Bros على رولينغ أول صفقة لإنتاج فيلم روائي طويل عن رواية هاري بوتر الأولى. وبحلول عام 2004، أصبحت جاي كاي رولينغ أول روائية تصبح مليارديرة على مستوى العالم في كل العصور! لم تكن هوليوود قد أنتجت وقتها سوى 4 أفلام من أصل 8 عن سلسلة روايات هاري بوتر.
الإعلان الترويجي لفيلم" هاري بوتر و الأمير الهجين"
وجدت رولينغ النجاح والشهرة والثروة بفضل الفكرة التي واتتها عام 1990 بينما كانت تنتظر قطاراً متأخراً يأخذها للندن، كما وجدت الحب مرة أخرى مع الطبيب الإسكتلندي نيل موراي.
اقرأ أيضًا: أماكن ألهمت وأمرضت رائدة الكتابة النسوية "فيرجينيا وولف"
