ماذا تفعل شابة عربية من أسرة مهاجرة حين تجد نفسها فجأة المغنية الأكثر شهرة في فرنسا؟ أتكلم عن وجدان شعيب، البنت التونسية الأصل التي لم تبلغ ربيعها العشرين بعد.
هل يمكن للشهرة أن تكون فقاعة زائلة مثل فقاعات الصابون في حوض الاستحمام؟
نشأت في أسرة كبيرة العدد. أبوها يحب الموسيقى ويغني ويعزف على آلات متعددة. وكانت تغني معه وهي طفلة، وتحلم بأن تقف على المسرح وتُسمع صوتها للجميع.
وقد تحقق لها شيء من ذلك الحلم عندما فتحت حساباً على «أنستغرام» وجمعت آلاف المتابعين، ثم سجلت أغنية بعنوان «أنيسة» ونشرتها على «تيك توك»، وأطلقت تحدياً يحرض المتابعين على تقليد حركاتها الراقصة. وتجاوب معها الشبان والشابات وبلغ عدد مقلديها 900 ألف
تسجيل من مستخدمي تلك المنصة العجيبة المتاحة للجميع. وأنيسة التي حملت الأغنية اسمها هي ابنة عم مفترضة للمغنية، زاحمتها على حبيبها وخانت ثقتها.
أغنية «أنيسة»
لاحظها أحد المنتجين وأصدر لها أسطوانة لقيت تجاوباً كبيراً ونالت لقب «الأسطوانة الذهبية» ثم «البلاتينية».
وبعد ذلك النجاح قدمت وجدان حفلاً في قاعة «زينيث» الباريسية التي تتسع لأكثر من ستة آلاف مشاهد، وكانت القاعة ملأى! صارت «أنيسة» على كل لسان. إنه الحظ حين يهجم على السعيد مرة واحدة ويغرقه بالمال والشهرة وحب المعجبين.
وجدان شعيب
هناك، أمام أبناء المهاجرين في فرنسا، ثلاث فرص للصعود إلى فوق: الشهادة الدراسية أو البطولة الرياضية أو النجاح في الغناء.
والأمثلة الأبرز هي وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي، وبطل كرة القدم زين الدين زيدان، والمغني الشاب خالد. وبما أن التفوق الدراسي يتطلب أجواء مستقرة ومذاكرة مستمرة، فإن الأمل يبقى معقوداً على الفرصتين الأخريين، أي الموهبة الفنية والرياضية.
هل كانت وجدان محظوظة فحسب أم هي موهوبة أيضاً؟
الحق يقال إن وجدان مجتهدة وموهوبة. وفوق ذلك إنها جميلة وذات حضور جذاب. أصدرت عدة أسطوانات وحصلت على عقد مع شركة كبرى للإنتاج الموسيقي وراح المغنون الشباب يتسابقون للغناء معها.
ماذا تغني؟
تكمن موهبة وجدان في أنها قادرة على كتابة نصوص أغنياتها بنفسها. وهي كلمات بسيطة لا تخلو من هفوات لغوية، لكنها تعكس أجواء الضاحية الفقيرة التي ولدت فيها وهموم بنات وأولاد المهاجرين. كان جمهورها يحب لغتها ذات الأخطاء ويميل لروح التمرد والصخب والانطلاق ويجد نفسه في موسيقاها.
نعم، يمكننا أن نقول إن لهذه الشابة موسيقى مميزة خاصة بها. إن تسجيلاتها تحتل مراتب عالية من المشاهدة في «يوتيوب».
ماذا حدث بعد ذلك؟
حدث لوجدان ما يحدث للمرأة بعد الزواج. استكانت للنجاح وراحت تقطف متع الحياة وتأكل بنهم. غابت عن الساحة لفترة ثم عادت بتسجيل ذي نمط جديد هادئ وموسيقى أقل صخباً.
وجاءت ردود أفعال الجمهور سلبية. كتبوا في مواقع التواصل أنها سمنت وصارت مثل «البقرة». إنها اليوم في محنة. تواجه عاصفة من الانتقادات. فالمستمع مثل العاشق، يحب حتى الشغف ثم يغضب عند أول شكّ ويقطع العلاقة.
هل انتهت سنوات العسل؟
رأيت وجدان، قبل أيام، على شاشة التلفزيون وهي ترد على منتقديها وتقول إن من الطبيعي أن تكون في حياة الفنان لحظات صعود ولحظات هبوط. تلك هي قواعد اللعبة. وهي لن تتأثر بتراجع شعبيتها وستواصل المسيرة. كانت شجاعة وجميلة وواثقة من نفسها لكن شيئاً ما يوحي بأن الموجة الصاخبة ستتبدد على رمال الشاطئ.