11 يونيو 2023

"حاصدة الجوائز" إيمان النجم: أنا وميكروفوني قصة عشق أزلي

محررة في مجلة كل الأسرة

تلقب بـ «ملكة الميكروفون»، وهو (أي الميكروفون) عشقها الأزلي كما تقول. مسيرتها حافلة بالإنجازات والجوائز وآخرها جائزة أفضل شخصية إعلامية مؤثرة عام 2023، إلى جانب جوائز عدة منها جائزة أفضل مذيعة تلفزيونية عام 2018 وجائزة أفضل مقدمة برامج عام 2017 من مهرجان مونديال القاهرة للأعمال الفنية والإعلام وجائزة أفضل مذيعة إذاعة 2019.

هي مسيرة حافلة بفصول النجاح والمثابرة للإعلامية الكويتية إيمان نجم النجم التي تؤكد أنها استلهمت من اسمها طاقة لتكون «نجم النجم»، حيث باشرت مشوارها الإذاعي في عمر الـ17 عاماً وظهرت في برامج تلفزيونية عديدة وحصدت الكثير من الجوائز التي أهلتها لنيل لقب «حاصدة الجوائز».

من خلال هذا الحوار، ننفذ إلى إيمان النجم الإعلامية والأم والتربوية التي تتسم برؤية واضحة تجاه واقع الأسرة والعلاقة بالأبناء:

خلال مشاركتها في ملتقى الشارقة للإعلام الأسري
خلال مشاركتها في ملتقى الشارقة للإعلام الأسري

نبدأ من مشاركتك في منتدى الإعلام الأسري الذي عقد مؤخراً في الشارقة، حيث يتبين أن الإعلام ليس المسؤول بمفرده عن منظومة الثقافة التربوية بل جملة أطراف تشارك في عملية التربية، إلى أي مدى تجدين أن الأسرة العربية قادرة على مواجهة هذه التحديات؟

هذا الأمر يعتمد على ثقافة الأسرة العربية. ففي حال كانت الأسرة تتسم بثقافة تربوية نكون آمنين، ولكن في حال غابت هذه الثقافة أو نقصت، حيث مخزونها الأساسي بالفطرة مستقاه من تعاليم وقيم شرعنا الإسلامي، نكون في خطر. وبنعمة من رب العالمين، نستند إلى القرآن الكريم، وهو كتاب يسير الدنيا كلها من أولها إلى قيام الساعة ويعزز لنا القدرة على تدبير شؤون أسرتنا وتسيير أمورها. فلدينا مخزون ثقافي كبير من حولنا في العالم العربي نستطيع أن نستقي منه في حال تاه عنا المركب أو أبحرنا في بحور بعيدة ولكن الأهم ألا نغرب ونغترب عن عالمنا ويمكن أن نأخذ من الغرب ونعرب شرط عدم تغريب قيمنا العربية لأن عاداتنا وتقاليدنا كثيرة وهي كفيلة بحماية هذه الأسرة وترابطها.

ومع اقتحام الـ«سوشيال ميديا»، جعلنا هذه الوسائل جزءاً أساسياً من حياتنا حيث تتواجد الأسرة على سفرة واحدة ولكن الأجساد موجودة والعقول مغيبة. والتحدي أن نشارك معاً كعائلة في التعامل مع الـ"سوشيال ميديا " ونعود إلى قيمنا العائلية كما كنا بحيث لا يستغني أحد عن الآخر.

نعرف أنك إعلامية ومذيعة وممثلة وحتى خضت غمار الغناء ولكن الألبوم لم ينشر. أخبرينا عن هذه التوليفة من المواهب؟

(تضحك) «لم أترك بخاطري شي»، لله الحمد، تربيت ضمن أسرة لم تحرمني من شيء قد أستثمر فيه مواهبي إرضاء للفضول ولأبقى «تحت عيونهم» ولعدم انجرافي مع التيارات الأخرى، وهذا مثال على تربية أسرية واعية ومنفتحة. فالأب والأم كانا واعيين بما يكفي وبحدود انفتاح تتماشى مع الواقع القائم وكانا يطبقان مبدأ «جرب ولا تخرب»، بمعنى يصطحبانني إلى أماكن قد أستثمر فيها مهاراتي. فلم يمنعاني من الغناء بل بالعكس رافقاني إلى الأستاذ الملحن أنور عبدالله ورد علي أن صوتي للآن في مرحلة صغيرة ولا بد من الدخول في مرحلة البلوغ لتقييم أدائي الصوتي. بالتالي، أقفلا الباب بمنطق وعقل في وقت كانا يستطيعان منعي وقد يدفعني فضولي إلى طريق خطأ في هذا الوسط.

اتجها بي إلى المسرح وقد غنيت مسرحية كاملة في بيبي والعجوز (أديت دور البطلة بصوتي) ومن يومها اكتشفت موهبتي بالتقديم والصوت الإذاعي ودخلت الإذاعة في عمر 17 عاماً. استثمار المواهب هذا منعني من الانجراف في مسارات أخرى.

من الضروري أن نساعد أبناءنا على اكتشاف مواهبهم وعدم الضغط عليهم لكي لا ينجرفوا في تيارات بعيدة

من كان الأكثر تشجيعاً لك؟

كلاهما الوالد والوالدة، ولكن الوالدة كانت تخاف علي وخاصة أن دخول الفتاة في هذه الأوساط قد يكون مدعاة للخوف وكانت تحضر معي دوماً، وكل خطوة كانت تحت إشراف والدي الذي كان يسدي لي النصيحة دوماً. إلى الآن وعمري اليوم 47 عاماً وأمي تسألني عن وجهتي وتحركاتي وتعطيني ملاحظات وما هو الصواب وما هو الخطأ. فمهما كبرنا نبقى في عيون أولياء أمورنا أطفالاً.

إيمان النجم تحتضن ابنها عبدالله في عمر الـ 4 سنوات
إيمان النجم تحتضن ابنها عبدالله في عمر الـ 4 سنوات

أنت في عمر 47 عاماً وأم لابن في الـ 25 عاماً، تزوجت في عمر صغير، فكيف كان المنهج التربوي الذي اتبعته معه؟

نعم، تزوجت في العشرينيات من عمري. طبقت عليه نفس المنهج التربوي الذي اتبعه أهلي. مع عبدالله (25 عاماً) شعرت أني أعدت فصول طفولتي معه وكأني عدت طفلة. عشت المسرح من جديد معه، وهو اليوم مساعد مخرج وممثل ويعمل في القطاع الحكومي ولكني لم أمنعه من شغفه وحبه للمسرح وهوايته.

اتبعت معه مقولة أهلي «جرب ولا تخرب» بحيث أرافقه إلى أي مجال يستهويه وهو يتخذ القرار المناسب. قصدت معه أندية كرة القدم والمهارات القتالية والسباحة والمسرح والإعلام وقد أحب المسرح واستهواه هذا المجال.

عبدالله في حضن والدته بعد أن أصبح في عمر الـ 25 عاماً
عبدالله في حضن والدته بعد أن أصبح في عمر الـ 25 عاماً

كيف تستعيدين الصورة ما بين طفولة عبدالله وشبابه؟

عبد الله هو الاستثمار الأجدى والحقيقي لي. ثمة صورة كان التقطها مصور خاص لي ولعبدالله في عمر الأربع سنوات وتفاجأت أن المصور نفسه وبعد عشرين عاماً يطلبني لالتقاط صورة مماثلة بعد مرور هذه الفترة الطويلة. هذا المصور رسم لي إنجازاً بين الصورتين، ما قبل وما بعد عشرين عاماً. كان عمر عبدالله نحو أربع سنوات واليوم 25 عاماً وهذا هو الاستثمار الحقيقي الذي أفخر به لأن الاستثمار الأجدى هو في الأبناء وليس في الأموال.

تلقب بـ «حاصدة الجوائز»
تلقب بـ «حاصدة الجوائز»

قدمت الكثير من البرامج التلفزيونية وحصدت الكثير من الجوائز، ما هو البرنامج الذي تعتبرينه بصمة في حياتك؟

كل برنامج له بصمة في حياتي لأن محتوى كل برنامج يختلف عن الآخر. لكن آخر ما قدمت في التلفزيون كان برنامجاً حوارياً ممتعاً وهو برنامج «الليلة» وأضاف لي الكثير حيث قدمته على مدى ست سنوات متتالية وكان برنامج منوعات أسري استقطب كل الفئات العمرية داخل وخارج الكويت وكنت أتلقى رسائل إشادة من متابعين من دول عدة.
ما زلت مستمرة بتقديم البرامج الإذاعية وتردني اتصالات ومداخلات من كافة الفئات العمرية وأكون سعيدة بهذا التفاعل كما أني سعيدة بحصد كل هذه الجوائز على هذه البرامج.

ملكة الميكروفون
ملكة الميكروفون

ملكة الميكروفون.. ماذا يعني لك هذا اللقب؟

الكثير من الألقاب أطلقها علي متابعون بعضهم من حولي.. ملكة الميكروفون وحاصدة الجوائز، وهناك أفراد لقبوني بـ «بلاك دايمون» (الماسة السوداء). ثمة ألقاب كثيرة ولكن أفضل لقب هو إيمان النجم لأني في بداياتي كنت ألقب بلقب جدي «نجم» وعائلتي النجم وكان اسمي تحدياً بحيث أكون إيمان «نجماً بين النجوم» وآمل أن أكون وصلت لأكون «نجم النجم».

اتركوا لأطفالكم فسحة للتعبير عن أنفسهم واحترموا خصوصياتهم وأسرارهم الشخصية وكونوا القدوة الأولى لهم

على صعيد الإعلام والأسرة، ما توصياتك للأسرة العربية لتكون إيجابية وواقعية؟

أقول «راقب ولا تراقب عن كثب». لكل فرد خصوصيته ومساحته الخاصة. صحيح أنهم أبناؤنا ولكن لهم حريتهم وأسرارهم وحياتهم الخاصة. أراقب من بعيد وأكون مثل المنقذ في لحظات الإحساس بالخطر. لا بد لأبنائنا من خوض التجربة كما فعلنا قبلهم ولكن أراقب بحذر وحتى أراقب من يكون من حولهم من دائرة أصدقائهم وهوايات هؤلاء، ميولهم، اتجاهاتهم ومن هي القدوة الثانية بعدي. كولي أمر، لا بد أن أكون القدوة الأولى، شئنا أم أبينا، وهذه ليست أنانية، وبعدها تأتي القدوة الثانية وأنت من يختارها لأبنائك بطريقة غير مباشرة. أردد دوماً «نحن في الحياة قصص إما أن نكون قدوة أو عبرة» ومن هذا المنطلق، أسعى إلى أن أكون قدوة لابني.

سؤال أخير.. ماذا تختارين خلف الميكروفون أو أمام الشاشة؟

خلف الميكروفون وأنا مغمضة العينين. الشاشة قد تكون أحبتني ولكن عشقي الأزلي وتربطني به علاقة أبدية وقد يستهجنها البعض ويراها غريبة جداً وقد يكون أول أولوياتي قبل أي شيء آخر بحياتي هو الميكروفون، وسبق ودونت «أنا وميكروفوني قصة وسيظل يتحدث عنها الجميع حتى ولو لم تعجبهم لروعة غرابتها».

* تصوير: السيد رمضان ومن المصدر