05 أكتوبر 2021

د. مهجة غالب العميدة الأزهرية السابقة: الزوجة ليست ملزمة بالأعمال المنزلية شرعًا

محرر متعاون

د. مهجة غالب العميدة الأزهرية السابقة: الزوجة ليست ملزمة بالأعمال المنزلية شرعًا

لا يزال بعض الرجال تسيطر على عقولهم مفاهيم خطأ عن الطاعة الزوجية، فيستعبدون نساءهم في البيوت، ولا يدركون حدود الطاعة الزوجية التي أوصى الإسلام بها النساء تجاه أزواجهن.. ولذلك يرتكبون سلوكيات مرفوضة ومدانة شرعاً ضد زوجاتهم، وتصل الحماقة ببعضهم إلى ممارسة العنف كما فعل هذا الزوج الذي أشعل النار في زوجته «فجراً» لعدم تمكنها من الاستيقاظ من النوم لتسوية لحوم له في هذا الوقت المبكر، وطلبها منه تناول أي طعام مؤقتاً لحين عمل ما يريده في الصباح.

هذه الجريمة المؤسفة التي شهدتها منطقة «سيدي جابر» بمدينة الإسكندرية المصرية مؤخراً ليست حالة فردية، فهناك كثير من الأزواج يتعاملون مع زوجاتهم على أنهن خادمات في بيوتهم، وأن من حق الزوج أن يطلب ما يشاء وفي أي وقت، وما على زوجته إلا تلبية مطالبه، حتى ولو كانت متعبة وغير قادرة على تحقيق ما يريد.

وهذه القانعة الخاطئة لدى الرجال تنجم عنها مشاحنات كثيرة داخل البيوت، قد تنتهي بالطلاق أو بارتكاب عنف متبادل بين الزوجين. هذه الجريمة التي تتكرر من وقت لآخر بأشكال وصور متنوعة تفرض عدداً من التساؤلات المهمة أبرزها: هل المرأة ملزمة شرعاً بتلبية كل مطالب زوجها؟ وهل هي مسؤولة عن خدمته، والقيام بكل الأعمال المنزلية من تنظيف للمنزل وطبخ ورعاية للأولاد وغير ذلك؟

لا طاعة لزوج في أمر يفوق طاقة الزوجة

تدين د. مهجة غالب أستاذة التفسير وعلوم القرآن والعميدة الأزهرية السابقة كل عنف يمارسه الرجل ضد زوجته، حتى ولو كان على حق في مطالبه منها، وتقول: الحقوق الشرعية لا تنتزع بالعنف، ولكن بالوعي الديني الصحيح، والحوار والتفاهم والكلمة الطيبة، وعلى كل زوج أن يعلم أن الإسلام ألزم المرأة بطاعة زوجها فيما يخص حقوقه الزوجية بشرط ألا يكون في هذه الطاعة قهر للمرأة واستعباد لها، فلا طاعة لزوج في أمر يفوق طاقة الزوجة، فقد يطلب الزوج من زوجته أمراً ليس فيه معصية، ولكن فيه قسوة واستعباد وظلم، وهنا تكون المرأة غير ملزمة شرعاً بتلبية مطالبه، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها..

ولذلك يجب أن يتخلى الرجال عن تقمص أدوار «سي السيد» في البيت، وأن يحاول الزوج إكراه زوجته على طاعته في كل شيء فهذا سلوك عنيف لا يرضاه الإسلام للزوجة، والتي هي سكن وشريكة للزوج في كل شيء.

وتضيف: علماء الإسلام الذين يوضحون الأحكام الشرعية للناس من خلال لجان الفتوى المنتشرة في كل مكان الآن، أو من خلال وسائل الإعلام المختلفة يجب أن يقولوا كلمة الحق في السلوكيات الشاذة والغريبة لبعض الرجال الذين يستعبدون نساءهم، وأن يوضحوا رأي الإسلام الصحيح في كل ما يعرض عليهم من قضايا ومشكلات أسرية، ولا يناصروا الرجال في مطالب غير مشروعة، والإسلام لم يقل أبداً بقهر المرأة في البيت، ومصادرة حريتها وتحويلها إلى مجرد خادمة للزوج، فمن حق المرأة أن تعتذر عن بعض مطالب الزوج التي تسبب لها إرهاقاً ومعاناة بدنية أو نفسية، فكيف يوقظ زوج زوجته فجراً لكي تطبخ له لحماً كما في هذه الواقعة المؤسفة؟

العلاقة بين الزوجين يجب أن تنطلق من المعاني الإنسانية ولا تحيد عنها، فلا تسلط ولا قهر ولا عنف من طرف ضد شريك حياته

وتؤكد د. مهجة على أن الزوجة ليست ملزمة بالأعمال المنزلية شرعاً، ولو بادرت وتحملت هذه الأعباء فيجب على الزوج أن يعاونها في ذلك خاصة لو كانت عاملة ولديها مسؤوليات خارج البيت، وتقول: عندما يتعاون الزوج مع زوجته في الأعمال المنزلية، وفي رعاية الأولاد كما حث الإسلام سيكون في مقدور الزوجة التوازن بين عملها داخل البيت وخارجه.. لكن لو رمى هذه الأعمال على الزوجة فلن تستطيع وسيحدث تقصير حتمي ولا ينبغي أن تسأل عنه الزوجة وحدها.

ومن جانبها توضح الأستاذة الأزهرية مشروعية الطاعة الزوجية وحدودها الشرعية، فتقول: الله سبحانه وتعالى يقول: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، وهذا يعنى أن العلاقة بين الطرفين يجب أن تنطلق من هذه المعاني الإنسانية ولا تحيد عنها، فلا تسلط ولا قهر ولا عنف من طرف ضد شريك حياته، ولو فهم بعض الرجال من قول الحق سبحانه: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله). أنهم آمرون ناهون متسلطون في البيوت فهم مخطئون وعليهم سؤال أهل العلم، فقد أوجب الله تعالى على الزوجة أن تطيع زوجها كما أوجب عليه القيام بحقوقها كاملة لقوله تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»، ودرجة القوامة التي منحها الله عز وجل للأزواج لا تحط من قدر المرأة، ولا تقلل من شأنها وإنما الغرض منها تنظيم المعاملة وتطبيق القوانين واللوائح السماوية والالتزام بالحدود الشرعية حيث يقول تعالى: (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).