24 أبريل 2022

د. مبروك عطية: وهبت نفسي لخدمة الدين وأسئلة الجمهور لا تزعجني

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

د. مبروك عطية: وهبت نفسي لخدمة الدين وأسئلة الجمهور لا تزعجني

يتميز بأسلوبه العفوي الذي يجذب إليه كثير من متابعيه على شاشات القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، ممن أحبوا بساطته في طرح الأحكام الفقهية، ليتقبلوا شدته إذا ما استفزه سؤال من أحد المتصلين، ويرحبون بأسلوبه الفريد عند الإجابة عن أمر قاطع في الدين. ولد في محافظة المنوفية ، والتحق بالأزهر الشريف وحصل على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف عام 1989، لديه أكثر من عشرين مؤلفاً منها «ركائز الدعاء»، «الأولويات في الفكر الإسلامي»، «أغبياء يدخلون النار»، «فتاوى الشيطان» وغيرها، يتخذ من قناته الرسمية على الـ«يوتيوب» منبراً للوصول إلى أكبر شريحة من المتابعين.

هو الدكتور والداعية الإسلامي مبروك عطية، عميد كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، التقيناه لنتعرف إلى جانب من آرائه الفقيهة، وكانت السطور التالية:

د. مبروك عطية: وهبت نفسي لخدمة الدين وأسئلة الجمهور لا تزعجني

بالعودة للجذور، ما الذي تحتفظ به من النشأة في محافظة المنوفية ولم يؤثر فيه صخب العاصمة ونمط الحياة المتسارعة؟

ما زلت أحتفظ من النشأة الأولى بكل قيمة عالية وفي الوقت نفسه بسيطة، فالقيم في ذاتها غالية فمنها ما يساق بشدة وعنف وأخرى تساق بسلاسة كتلك النسمة التي تساق بين الغصون، فما رأيت عمري أب يضرب ابنه على الصلاة، فالولد يرى أباه يصلي فيفعل مثله وتنتهي القضية، وما رأيت أحد يوصي غيره بأداء الأمانة إلى أهلها وإنما الكل يرى الناس أمناء، فأشياء كثيرة كتلك هي التي ما زلت أحتفظ بها.

هل دفعك وجود أزمة في مسألة الفتاوى إلى الظهور في القنوات الفضائية؟

الذي جعلني أسعى قبل أن تسعى إلي الفضائيات، هو ما رأيته وعشته من معاناة في الخطاب الديني والذي أرى أن معظم الناس حتى هذه اللحظة لا يعرفون معناه، فهو كلمة الله سبحانه وتعالى وكلمة رسوله صلى الله عليه وسلم للمكلفين بالعمل على أن تكون الحياة أكثر رقياً وازدهاراً وجمالاً.

ما رأيك في مصطلح تجديد الخطاب الديني؟ وإذا كنت تتفق معه، فما هي آليات تنفيذه؟

أرى أن ألف باء تجديد وتطوير الخطاب الديني هو التركيز على عزم الأمور؛ إذ يقول سبحانه تعالى «يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور»، وللأسف فإن معظم الخطاب الديني لا يركز على تلك النقطة، وإنما يذهب في شتى جوانب الموضوعات الثانوية، فالكلام في السنة أكثر من الفريضة، وما زالت المشاجرات حول صلاة التراويح أفضل في البيت أم المساجد قائمة، وغيرها من الأمور التي تترك الأساس وتركز على جوانب أخرى.

دائماً ما تحرص في أي لقاء تلفزيوني على حمل وردة تعبيراً عن سماحة الدين الإسلامي، فهل ما زلنا نواجه موجة من التعصب الفكري التي تسيء لديننا الحنيف؟

لحملي للوردة سران، الأول يتمثل في أنها تعد رمزاً، فقد شرع الله تعالى لنا ديناً أرق من الوردة ونحن الذين لم نفهمه، والثاني أن الأرض خلقها الله تعالى لنا جنة ونحن من خربناها بفساد عقولنا وسوء سلوكنا، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم «وفي الأرض قطع متجاورات وجنات»، وهذا أكبر دليل على أن المشكلة فينا نحن بني البشر وليس الحياة.

لا خلط للدين بسياسة، ولا اقتصاد، ولا يوجد مصطلح يحمل اسم «الدين السياسي»

ما رأيك في الدعاة ممن يخلطون الدين بالسياسة؟

لا خلط للدين بسياسة، ولا اقتصاد، ولا يوجد مصطلح يحمل اسم «الدين السياسي»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، وإنما خلاصة ما يقال إن الدين غطاء لكل شيء، يراقب تصرفاتنا وسلوكياتنا، فمن يفهم ذلك ويعمل به في حياته ينجو بنفسه في الدنيا والآخرة.

د. مبروك عطية: وهبت نفسي لخدمة الدين وأسئلة الجمهور لا تزعجني

ما نوعية الأسئلة التي تأتي إليك من المتابعين وتزعجك كثيراً؟

لا توجد أسئلة تزعجني، فأنا وهبت نفسي لخدمة الدين الحنيف، ومن يفعل ذلك يتسع صدره لاستيعاب العباد ومشاكلهم ويكون دائماً في خدمتهم لنصرة الدين.

معروف عنك قول الحق ولو لم يلق استحسان البعض، فهل يزعجك التواصل مع مثل تلك العقول؟

قول الحق لا أجد فيه صعوبة، فيكفي ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، «لم يبقي له الحق صديقاً»، وأنا الحمد لله بدون قول الحق وبقول الحق ليس لي صديق، كل الناس أحبائي وكلهم يحبونني والنقص والعيب عندي، لم آخذ موقفاً من أحد ولم أركز في حياتي على إنسان وإنما أعامل الناس جميعاً معاملة أظن أنها إسلامية مغلفة باللين والرفق والرحمة والصبر وعدم التركيز على جوانب قد تشغلنا عن عزم الأمور.

سبب كره الأرحام لبعضهم أنهم يحقدون على بعض، وأقول ليضع كل واحد منا حدود لمن يدخل بيته ويقتحم حياته، وكلها أمور تزيد من الود غير المحفوف بالحقد والغل

تعود أجواء رمضان هذا العام أقرب إلى ما كانت عليه قبل «كورونا»؛ حيث عودة العلاقات المقطوعة بين الناس، فماذا تقول لقاطع رحمه؟

أقول له صل رحمك، روي في صحيح مسلم أن رجلاً جاء يشكو أهله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بأنه يصلهم وهم يقطعونه، ويعطيهم وهم يمنعونه، فلم يأمره بقطيعة، فمهما كان في الأرحام من هم سيئين علينا في الخطاب الديني أن نوجه دائماً إلى الإصلاح، فسبب كره الأرحام لبعضهم أنهم يحقدون على بعض، وأقول ليضع كل واحد منا حدود لمن يدخل بيته ويقتحم حياته، وكلها أمور تزيد من الود غير المحفوف بالحقد والغل.

هل يوجد ما يزعجك من سلوكيات تصدر من البعض مثل احتكار السلع في ظل الأزمة الراهنة التي يمر بها العالم؟

يكفي في الاحتكار أن نذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم «المحتكر ملعون والجالب مرزوق»، وهي دعوة للتجار لجلب الرزق للعباد والتيسير على الناس، كما فعل الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، عندما يسر على الناس وكان يربح قليلاً، فكان يجلب للناس رزقهم من الشام واليمن.

هل من سبيل لاستمرار طاعة المسلم بعد انقضاء الشهر الفضيل؟

السبيل في المحافظة قدر استطاعته؛ حيث يقول الله تعالى: «فاتقوا الله ما استطعتم»، وعلينا أن نفرق بين حال المسلم في رمضان وغير رمضان، فحال المسلم على مدار العام جيد أما في رمضان فالمفترض أن يكون جيد جداً، فالعبادة تزيد في رمضان وتقل بطبيعة الحال بعد انقضاء الشهر الفضيل، فمثلاً نؤدي صلاة التراويح وبعد انتهائه هناك قيام الليل، وهو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقله ركعتان، ومن كان يخرج زكاة الفطر، فإن الفقراء لا يموتون بعد رمضان وإنما أحياء يتمنون عطاء من مسلم كريم عليه زكاة أو يريد إخراج صدقة، وإذا كان يقرأ القرآن الكريم وختمه عدة مرات في رمضان، فأولى به ألا يهجره بعد انقضائه، حتى يحافظ على ما حفظه ويستزيد.

 

مقالات ذات صلة