تخطت عمليات التجميل حدودها العلاجية أو الإصلاحية، وبات كثير من النساء تحت وطأة المجتمع وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أن المرأة التي لم تخضع لإجراء تجميلي تكون خارج «السرب».. فما الذي يجوز وما الذي لا يجوز من عمليات التجميل؟
د. أحمد بن عبد العزيز الحداد
يؤكد الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، كبير مفتين- مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، أن "عمليات التجميل أصبحت تجارة رائجة في أجساد البشر لدى المسلمين وغيرهم، والشريعة الإسلامية لا تمنع من التجمّل عموماً، ولكنها تمنع التعدي على الخليقة الإنسانية، فإن الإنسان خليفة الله في أرضه وهو سبحانه مالكه، فلا يجوز التصرف في ملكه إلا في حدود ما يحتاج إليه الإنسان ويمس مصلحته من علاج وإزالة ضرر. وقد عُني مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته 18 المنعقدة عام 2008 في مملكة ماليزيا بهذا الموضوع، وأصدر القرار رقم 173، وحدّد ما يجوز من هذه العمليات وما لا يجوز".
ضوابط عمليات التجميل بموجب قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي
القرار نص على الضوابط والشروط العامة التالية لإجراء عمليات جراحة التجميل:
- أن تحقق الجراحة مصلحة معتبرة شرعاً، كإعادة الوظيفة وإصلاح العيب وإعادة الخلقة إلى أصلها.
- ألاّ يترتب على الجراحة ضرر يربو على المصلحة المرتجاة من الجراحة، ويقرر هذا الأمر أهل الاختصاص الثقات.
- أن يقوم بالعمل طبيب (طبيبة) مختص مؤهل، وإلا ترتبت مسؤوليته عليه (حسب قرار المجمع رقم 142 (8 /15).
- أن يكون العمل الجراحي بإذن المريض (طالب الجراحة).
- أن يلتزم الطبيب المختص بالتبصير الواعي لمن سيجري العملية بالأخطار والمضاعفات المتوقعة والمحتملة من جراء تلك العملية.
- ألاّ يكون هناك طريق آخر للعلاج أقل تأثيراً ومساساً بالجسم من الجراحة.
- ألاّ تترتب عليها مخالفة للنصوص الشرعية، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبدالله بن مسعود: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمّصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله»، رواه البخاري، وحديث آخر نقله ابن عباس: «لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء»، رواه أبو داود، ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن تشبّه النساء بالرجال، والرجال بالنساء. وكذلك نصوص النهي عن التشبه بالأقوام الأخرى، أو أهل الفجور والمعاصي.
- أن تراعى فيها قواعد التداوي من حيث الالتزام بعدم الخلوة وأحكام كشف العورات وغيرها، إلا لضرورة أو حاجة داعية.
عمليات التجميل التي يجيزها الشرع
يجيز الشرع الخضوع لعمليات التجميل في الحالات التالية:
ما يجوز طبقاً للأحكام الشرعية:
- إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها، لقوله سبحانه: «لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ»، العلق: 4.
- إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.
- إصلاح العيوب الخلقية مثل: الشفة المشقوقة (الأرنبية) واعوجاج الأنف الشديد والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان، والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر.
- إصلاح العيوب الطارئة (المكتسبة) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها، مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كلياً حالة استئصاله، أو جزئياً إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة.
- إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً.
- لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية، تبعاً للهوى والرغبات في التقليد للآخرين، مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين، أو بقصد التدليس وتضليل العدالة، وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه، وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات.
- يجوز تقليل الوزن (التنحيف) بالوسائل العلمية المعتمدة، ومنها الجراحة (شفط الدهون)، إذا كان الوزن يشكل حالة مرضية، ولم تكن هناك وسيلة غير الجراحة، بشرط أمن الضرر.
- لا يجوز إزالة التجاعيد بالجراحة أو الحقن ما لم تكن حالة مرضية شريطة أمن الضرر.
ويخلص د. الحداد إلى أنه «يتعين على أطباء التجميل الالتزام بذلك شرعاً، ويجب على المسلمين والمسلمات الالتزام بذلك أيضاً، ومراقبة الله في ما استأمنهم عليه من أجسادهم».