الشيخة سلامة بنت هزاع آل نهيان: الكتابة للطفل تكريس للخيال لخدمة المحتوى
رغم بداية مسيرتها الأدبية في 2014، إلا أنها استطاعت أن تحجز لها مكاناً في مجال الكتابة لأدب الطفل، لترسم طريقها في التواصل معه عن طريق نسج خيوط من الخيال تداعب به وجدانه وعقله، ومكنتها أدواتها من أن تلقى إشادة واسعة عن أعمالها.. هي الشيخة سلامة بنت هزاع آل نهيان، والتي أعطت لنا الفرصة للكشف عن جانب من شخصيتها:
هل ترين نقصاً في مضمون الكتب التي تداعب مخيلة الطفل؟
أعتقد أن الأعمال الأدبية الموجهة لفئة اليافعين هي التي تعد إصداراتها محدودة بعض الشيء في الوطن العربي، أما تلك التي توجه إلى الطفل فلدينا العديد من الإصدارات المميزة التي تستهدف تلك الفئة وتقدم لها مضموناً قوياً وقادراً على إثراء مخيلته، فلدينا عدد كبير من الكاتبات الإماراتيات اللاتي يخاطبن الطفل من خلال الخيال والتراث وغيرها من الأمور التي تعزز من قدراته وإبداعاته.
برأيك هل تختلف الكتابة للطفل عن غيرها؟
الكتابة للطفل هي تكريس الخيال وتوظيف الأدوات الجمالية لخدمة المحتوى، وبكل تأكيد تختلف الكتابة للطفل عن غيرها، إذ إنها تحتاج إلى مقدمة واضحة وخاتمة تشتمل على عبر ودروس، كما تركز قصص الأطفال على معاني الخير وانتصاره على الشر، بينما تحتمل قصص الكبار النهايات المفتوحة والتي تحتمل التأويل كون القارئ يمتلك الخبرات الكافية لتحليل المواقف ووضع نهاية مقنعة لها.
«الحصان السلوقي والصقر» آخر أعمالك، حدثينا عن فكرته؟
الفكرة من هذا الكتاب تكمن في تعلم الحكمة والدروس على ألسنة الحيوانات والتي تتحدث بلغة لا نسمعها، فنأخذ منها المعنى التجريدي والصفات على حقيقتها، واخترت شخصيات الكتاب من حيوانات شهيرة في الثقافة الإماراتية كي تقدم حكماً في التعاطف والحب والرفق، فجاء الحصان ليمثل الأصالة العربية، والسلوقي لأنه يمتاز بحنكته ومهارته وسرعته في الصيد، كما وقع الاختيار على الصقر لشموخه ولأنه موطن تراثنا، وتجتمع الحيوانات الثلاثة معاً لتقدم فهماً للعلاقات الإنسانية وتتفاعل مع طفلة لديها العديد من الأسئلة حول الحياة ودروسها، ومن خلال الحكاية نقدم لها العبرة والمغزى من القصة.
كانت الرسوم التوضيحية في هذا الكتاب معبرة، هل ترين في هذا الفن وسيلة تعزز إيصال فكرة الكاتب؟
في هذا الكتاب، اعتمدت التركيز على النص مع رسوم معبرة لأفتح المجال للقارئ بمشاركة مخيلته في تسلسل القصص، إذ كان للنص ونوع الخط النصيب الأكبر من العملية التفاعلية البصرية للقارئ.
سبق هذا العمل 4 روايات أخرى رأت النور في 2019، حدثينا عنها وهل بينها ترابط في فكرة أو رسالة؟
تركز كل رواية على حكاية مختلفة إلا أن «يتامي في الغيب» و«بئر الألغاز»، و«مسرحية عن حقوق الطفل»، و«أم النار» جميعها تتقابل في نقطة واحدة وهي تنمية الخيال من خلال الأحداث والشخصيات والمغامرات و«الفانتازيا» أحياناً، حيث ترتكز على تعزيز صفات الشخصية واكتشاف مواطن قوتها، كما تنمي مخزوناً من العبر والدروس الأدبية للقارئ الصغير.
كونك كاتبة في العشرينات من عمرها، هل تفكرين بالكتابة لمن هم من نفس جيلك، وما الرسائل التي تخاطبين بها عقولهم؟
حتماً أنا أفكر في هذا فهي خطوتي المقبلة، وحالياً أكتب رواية لليافعين وهي فئة عمرية أكبر من التي خاطبتها سابقاً، ولدي العديد من الأفكار التي يهمني أن أطرحها، منها تمكين المرأة وتحقيق الأحلام والمثابرة عليها والعديد من القضايا التي تهم جيلي.
ما الشيء الذي يلهمك للكتابة، وما الذي يميز أعمالك؟
يلهمني مكان ما، أو حالة معينة تمر علي في لحظة أعيشها، كما تلعب الطبيعة دوراً في ذلك كونها من تمدنا بالطاقة، وإن كانت كتاباتي تعتمد على الخيال فأنا أؤمن بأنه هو مصنع الإبداع والتحفيز وتحقيق الأمنيات.
برأيك هل «ما زال الكتاب خير صديق» أم فقد دوره في ظل الحياة المتسارعة؟
يملك كثير من الأشخاص اليوم، خاصة في ظل جائحة «كورونا» التي يمر بها العالم، الشعور بالتعب من العجلة المتسارعة للزمن، وهو ما دفع البعض إلى التوجه لأشياء مختلفة فأصبحنا نسمع عن زيادة ممارسة اليوغا والتأمل، والحاجة إلى أخذ راحة من التكنولوجيا، ومن جملة هذا التوجه العودة للكتاب، فبرغم تعرض دور النشر في ظل الجائحة للتراجع، إلا أننا اليوم محتاجون للتواصل مع كتاب نثني صفحاته وندون أفكارنا على هوامشه.
أكبر تحد يواجهه الكاتب هو اختيار موضوع يحاكي احتياجات الأطفال واهتماماتهم وميولهم
كونك صانعة محتوى، ما أكبر تحد يواجهه الكاتب بشكل عام، ومن يطوعون أقلامهم للأطفال بشكل خاص؟
أكبر تحد يواجهه الكاتب هو اختيار موضوع يحاكي احتياجات الأطفال واهتماماتهم وميولهم، فطفل هذا الزمان يتعرض لكم كبير من المعلومات منها، الأفلام الأجنبية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وألعاب الفيديو، بالإضافة إلى القصص التي تفرضها المدرسة عليه، فالكاتب يجد نفسه في مهمة صعبة لجذب الطفل القارئ وسط هذا الزخم.
في أي المجالات تفضلين القراءة؟
أفضل قراءة كل ما يحفز الفكر أو الخيال، ولا يشدني كتاب بحبكة ضعيفة أو أسلوب سرد ممل، فأنا أحب أن يأخذني الكتاب في جولة أعيش جميع حالاتها وأتفاعل مع شخصياتها ومعطياتها، وأرسم دروساً وعبراً ضمن مجرياتها.
هل الكتابة كل ما يشغل أوقاتك، أم هناك اهتمامات أخرى تخصصين لها وقتاً لممارستها؟
أحب المطالعة، وممارسة الرياضة التي تنمي العقل والفكر، كما أحب أن أقضي بعض الوقت في الطبيعة، وأيضاً الإنصات لسماع قصص وخبرات الآخرين كونهم مصدر إلهام يمدني بكثير من الأفكار.
ماذا عن تأثير العائلة في حياة الشيخة سلامة؟
عائلتي هي مصدر دعمي وتحفيزي وتشجيعي، وهي من تقرأ ما أكتب وتتفاعل مع قصصي وتتشوق لقراءة أعمالي المقبلة دوماً.
حدثينا عن الفكرة التي تعكفين على كتابتها خلال تلك الفترة.
فكرة الكتاب الجديد هي مفاجأة سأعلن عنها قريباً، وفيه أعالج الأفكار الممزوجة بالخيال، والإثارة، ورسم الصور الجمالية، كما أعتمد على الوصف كثيراً لأنني أعي أن أبناء هذا الجيل يعتمدون على التواصل البصري بشكل كبير.