24 نوفمبر 2021

إنعام كجه جي تكتب: الملكة ترتدي الوردي

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: الملكة ترتدي الوردي

رفضت ملكة بريطانيا أن تتلقى جائزة لكبار السن تمنحها إحدى المجلات المخصصة للمسنين. وكان مبرر الرفض أن اعتبارها من كبار السن، أو «الأولديز» باللغة الإنجليزية، أمر لا يتطابق مع معاييرها.

تبلغ إليزابيث الثانية الخامسة والتسعين من العمر، لكنها ترى أن عمر الشخص هو ذاك الذي يشعر به. أي أنها قد ترى نفسها أصغر بكثير من سنّها، طالما أنها تخرج وتؤدي واجباتها وتلتقي بالناس وتتنزه وتتفرج على سباق الخيل.

في فرنسا، يفرض الذوق السليم أن توصف السيدة المسنة بأنها «تبلغ سناً معينة». لا أحد يجرؤ على وصفها بأنها عجوز. والغريب أن القائمين على المجلة لم يفهموا الأسى الذي تشعر به المرأة حين توصف بأنها من كبار السن وعجوز.

تتساوى في هذا الملكات الجالسات على العروش والمتسولات الجالسات على القارعة.

وقد اعتدنا أن نسمع عبارات من نوع «الشباب شباب القلب»، وهي صحيحة إلى حد كبير شرط أن تتوفر للقلب شروط الحرية والحب في كل مراحل العمر. قالت لي صديقة في الثلاثين إنها تصاب بالكآبة حين يخاطبها البائع في السوق بلقب «يا حجة».

وكانت صديقة أخرى تخفي على صاحباتها أنها أصبحت جدّة. وصديقة ثالثة توصي أبناء شقيقاتها بمناداتها باسمها المجرد بدل: يا خالتي أو «طنط». وهي حالات لا تعكس إنكار العمر والهروب من تراكم السنوات بقدر ما تؤشر الاشتياق للحياة المتدفقة والتنصل من الشيخوخة.

كان الأمير الراحل فيليب، زوج الملكة، قد حصل على هذه الجائزة نفسها في عام 2011. وكتب للمجلة خطاباً يشكرها فيه على رفع معنوياته بتذكيره بمرور السنوات وانهيار الجسم. كان رجلاً لاذع النكتة. وهو قد فارق الحياة قبل أشهر من بلوغه سن المئة.

لكن لا أحد يجرؤ على وصف إليزابيث الثانية بأنها أرملة. وأظن أن هذه الصفة مؤلمة، مثلها مثل صفات غيرها تكرهها المرأة، كـ «عانس» و«مطلّقة».

في واحدة من قصائدها البليغة، كتبت الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة «عمري أنا الثوب ألبسه».. إنها وحدها من يقرر ارتداء ثوب العشرين أو الثمانين. وقد عاشت لميعة فوق التسعين وانطفأت وهي شابة في مشاعرها ولطافتها وجاذبية شخصيتها ورنة ضحكتها.